ألمانيا تبدأ حملة على التطرف بوقف استقدام الأئمة من تركيا
قالت وزارة الداخلية الألمانية الخميس إن ألمانيا اتفقت مع تركيا على الإلغاء التدريجي لبرنامج مثير للجدل يتم بموجبه إرسال أئمة أتراك إلى المساجد في ألمانيا، موضحة أن هذه الخطوة ستعزز اندماج المسلمين في ألمانيا.
ويتزامن هذا مع تحرك ألمانيا لمواجهة التطرف في ضوء مخاوف من تداعيات الحرب في غزة على البلاد.
وأثارت بيانات صادرة عن مراكز إسلامية بألمانيا داعمة لحماس في هجومها على مناطق في إسرائيل ردة فعل قوية في ألمانيا، حيث بدت البيانات متناقضة مع الموقف الرسمي الألماني ومعبرة عن أجندات خارجية، وهو ما زاد من الأصوات الداعية إلى التدخل الحكومي للمراقبة وتغيير الوضع بتخريج مسؤولين عن شؤون الدين يتميزون بولائهم لألمانيا وليس لدول أو أحزاب خارجية.
مراكز إسلامية أثارت ردود فعل كبيرة في ألمانيا بسبب بيانات داعمة لحماس في هجومها على مناطق في إسرائيل
وأعلنت النيابة الفيدرالية الألمانية المكلفة بقضايا الإرهاب الخميس عن توقيف أربعة أشخاص يشتبه بانتمائهم إلى حركة حماس في برلين وهولندا، بتهمة التخطيط لـ”اعتداءات محتملة على مؤسسات يهودية في أوروبا”. وقالت النيابة في بيان إنّ الموقوفين الثلاثة في برلين، إلى جانب مشتبه به آخر أوقف في هولندا، كُلّفوا خصوصا بجمع أسلحة في برلين تمهيدًا لتنفيذ “هجمات إرهابية محتملة ضدّ مؤسسات يهودية في أوروبا”.
وسيتم تدريب زهاء 100 إمام في ألمانيا كل عام بموجب اتفاق بين وزارة الداخلية والسلطة الدينية التركية والاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية.
وسيحل هؤلاء الأئمة تدريجيا محل رجال الدين العاملين في السلطة الدينية التركية الذين يأتون للعمل في المساجد بألمانيا. ولتركيا جالية كبيرة هناك.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في بيان “نحتاج وعاظا يتحدثون لغتنا ويعرفون بلدنا ويدافعون عن قيمنا”. وأضافت “هذه ركيزة أساسية لاندماج ومشاركة الجاليات المسلمة في ألمانيا”.
ويشار إلى أن موضوع الأئمة الأتراك يعد مثار جدل منذ أعوام في ألمانيا؛ لأن الدعاة، الذين يتم إرسالهم عادة إلى ألمانيا لمدة أربع سنوات بوصفهم موظفين لدى الدولة التركية، يتبعون تعليمات أنقرة، وغالبا ما تكون معرفتهم بواقع الحياة في المجتمع الألماني غير كاملة.
وبحسب معلومات الحكومة الاتحادية يلقي العشرات من هؤلاء الأئمة خُطبا في دوائر تابعة لاتحاد الجمعيات الثقافية التركية – الإسلامية في أوروبا وتابعة أيضا لحركة “مللي جوروش” الدينية التركية، ما يجعل الشأن الديني مرتهنا بأجندات خارجية أكثر من استجابته لحاجة المسلمين الألمان.
وتسعى الحكومة الاتحادية لدعم تدريب أئمة إضافيين في الداخل. ومن المقرر أن يتكون هذا التدريب من ثلاث ركائز: دروس اللغة الألمانية، والتعاليم الدينية الإسلامية، بالإضافة إلى التاريخ الألماني والقضايا والقيم المجتمعية والسياسية.
وقالت فيزر “إنني سعيدة بأنه تسنى لنا للمرة الأولى بعد مفاوضات طويلة التوصل إلى اتفاق مع تركيا يتم من خلاله إنهاء إرسال أئمة عاملين في الدولة من تركيا”، وأكدت “نسعى لإشراك أئمة في الحوار بين الديانات وفي مناقشة قضايا العقيدة في مجتمعنا”.
ويتم تمويل الكثير من الاتحادات الإسلامية والمساجد في ألمانيا من تركيا، ما يجعلها عرضة للاتهام بالترويج لقيم مثيرة للشك على المستوى السياسي ودعم تكوين مجتمعات موازية.
ولا يتم حصول المساجد على أموال من الدولة إلا في حالات تمويل مشاريع معينة، مثل دعم اندماج اللاجئين المسلمين في المجتمع الألماني أو إبعاد الشباب السلفيّين عن التيار المتطرف.
وللاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (أكبر جمعية إسلامية في ألمانيا) نحو 900 مسجد، وهو يثير جدالات سياسية في البلاد جدّ آخرها إثر تحدث أحد أعضاء حركة طالبان الأفغانية في أحد مساجد الاتحاد بمدينة كولونيا الشهر الماضي.
وعام 2017 دعا مسؤولون ألمان الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية إلى إجراء إصلاحات أساسية بعد مزاعم تفيد بأن أئمته الذين ترسلهم السلطة الدينية التركية يتجسسون لصالح أنقرة. ونفت السلطة الدينية أي تورط لها في ذلك وأغلق التحقيق في الملف دون توجيه أي اتهام.