ساركوزي يثني في شهادة للتاريخ على حكمة العاهل المغربي
بلجيكا تنضم إلى قائمة دول غربية جددت تمسكها بواقعية مقترح المغرب للحكم الذاتي حلا وحيدا للنزاع في الصحراء.
عبر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عن إعجابه الكبير بالعاهل المغربي الملك محمد السادس باعتباره “الرجل الاستثنائي وأحد القادة الكبار الحكماء والمتبصرين”، في إشارة إلى ما حققه من إنجازات غير مسبوقة في المملكة على مدار السنوات الماضية، مجددا التأكيد على حق المغرب في السيادة على صحرائه وواقعية الحل الذي يطرحه للصراع المفتعل.
وطرح ساركوزي تحليله لواقع العالم وقضاياه الجيواستراتيجية الكبرى، خلال حفل تقديم كتابه الأخير بعنوان “زمن المعارك”، وحضره بحضور العديد من الشخصيات المرموقة من عالم السياسة والدبلوماسية والاقتصاد والثقافة. وأشار إلى أن قوة المغرب تكمن في ذكاء الملك محمد السادس في التوفيق بين الهوية والحداثة، معربا عن عن إعجابه بقدرة الملك على استباق الأحداث ومواصلة مسار رؤيته للمملكة، مبرزا “التطور الهائل” الذي عرفه المغرب في عدة مجالات.
وأوضح ساركوزي أن الأمر يتعلق بـ”دولة تحترم ثقافتها وتاريخها، وتعانق الحداثة في الوقت نفسه. وإذا كان هناك مكان تحتل فيه قضية الهوية مكانة مركزية فإنه هنا: (دولة المغرب) تمثل انفتاحا وليس انغلاقا”.
ويكشف رئيس فرنسا السابق (2007-2012) في كتابه النقاب عن العلاقات التي كانت تربطه برؤساء أفارقة وآخرين من المنطقة المغاربية. وقال إن “المغرب نجح في دخول العالم الحديث دون أن يقطع مع نمط حياته وتقاليده وعالمه الخاص”. مضيفا أن هناك “علاقات استثنائية” بين المغرب وفرنسا، البلدين الصديقين، قائلا “إننا نتقاسم الاهتمامات والروابط نفسها، ونحن مختلفان للغاية ولكننا متقاربان جدا”.
وكما جميع المناسبات السياسية والدبلوماسية تحتل قضية الصحراء المغربية الأولوية لدى الرباط التي تكثف جهودها لحصد الاعتراف الدولي بحقوقها، كما أن تصريحات الدبلوماسيين الغربيين تكتسب قيمة رمزية ومعنوية حتى ولو كانت في إطار غير رسمي، لأنها تعتبر آراء موضوعية تخرج عن إطار المصالح والمكاسب السياسية.
وقال ساركوزي بالمناسبة إن “فرنسا كانت في عهدي في الطليعة في ما يتعلق بقضية الصحراء. ولطالما اعتبرت أنه لا يوجد سوى حل واحد ذي مصداقية، وهو الحل الذي تقدم به المغرب”. وأضاف “أنا مقتنع بمغربية الصحراء. وهو الموقف الذي دافعت عنه دائما: موقف الانفتاح والتنمية”، معربا عن أمله في أن تتمكن أوروبا من بلوغ هذه الحقيقة تماما مثلما فعلت الولايات المتحدة الأميركية.
وسبق أن انتقد الرئيس الفرنسي السابق علاقة بلاده بالجزائر، وأعرب في حوار مع صحيفة “لوفيغارو” في أغسطس الماضي عن قلقه من تأثير جهود تحسين علاقات باريس مع الجزائر على العلاقة مع المغرب التي تمر أيضا بصعوبات. وقال “هذا التوجه يُبعدنا عن المغرب. نحن نجازف بخسارة كل شيء. لسنا نكسب ثقة الجزائر ونحن نفقد ثقة المغرب”. ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى عدم محاولة “بناء صداقة مصطنعة” مع القادة الجزائريين وإلى التنبه للخطر أيضا من تدهور العلاقات بين باريس والرباط.
وفي معرض تعليقه على كتابه الجديد، قال ساركوزي “لقد دعمت الرئيس ماكرون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. هذا لا يعني أننا نتفق في كل شيء”. وأضاف “دعونا لا نحاول بناء صداقة مصطنعة مع قادة جزائريين يستخدمون فرنسا بشكل منهجي كبش فداء لتبرير إخفاقاتهم وافتقارهم للشرعية”. وتابع “سيرفضون على الدوام. إنهم بأمس الحاجة لتحويل الانتباه عن الفشل الذي أغرقوا فيه بلدهم من خلال تحميل فرنسا بانتظام كل الشرور”.
وأشار إلى أن هناك “علاقات استثنائية” بين المغرب وفرنسا، البلدين الصديقين، قائلا “إننا نتقاسم الاهتمامات والروابط نفسها، ونحن مختلفان للغاية ولكننا متقاربان جدا”. وأوضح أن “الأمر يتعلق بقضية تاريخ ومستقبل فهناك رابط، ومودة وتفاهم متبادل بين البلدين”، معربا عن إعجابه العميق بالمغرب والمغاربة. وأضاف “لطالما استشعرت هذا القرب من المغاربة، إنه شعب مضياف وعظيم السخاء”.
وتميز الحفل بتسليم لوحة تذكارية لساركوزي من قبل مجلس التنمية والتضامن، حيث أكد رئيسه محمد بنعمور، خصوصية هذا الحدث الاستثنائي المنظم بالرباط، عاصمة الثقافة والأنوار التي ما فتئت تتطور بفضل رؤية الملك محمد السادس ولفت أن حدثا من هذا القبيل يتيح الفرصة للتبادل حول .القضايا الكبرى الراهنة في نموذج يشهد تغيرا مستمرا
وينسجم موقف ساركوزي مع موقف العديد من الدول الأوروبية التي وجدت أن الطرح المغربي هو الوحيد القادر على حل النزاع المفتعل في الصحراء، وقد جددت بلجيكا التأكيد على موقفها بشأن هذه القضية، والذي تعتبر من خلاله أن مخطط الحكم الذاتي المقدم من قبل المملكة في العام 2007، يعد “مجهودا جديا وذا مصداقية من قبل المغرب وأساسا جيدا لبلوغ حل مقبول من الأطراف”، كما ورد في الإعلان المشترك الصادر في 20 أكتوبر 2022.
ويحيل هذا الموقف، الذي تم تجديد التأكيد عليه على لسان متحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية البلجيكية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على الإعلان المشترك الصادر في 20 أكتوبر 2022، والذي جرى اعتماده عقب اجتماع وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، ووزيرة الشؤون الخارجية والشؤون الأوروبية والتجارة الخارجية في بلجيكا حجة لحبيب. وأكدت لحبيب “دعم بلجيكا منذ أمد طويل، للمسلسل الذي ترعاه الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي عادل، دائم ومقبول من الأطراف”.
وفي هذا الإعلان المشترك، “يتفق الوزيران على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في رعاية المسلسل السياسي، ويجددان التأكيد على دعمهما لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2602، الذي ينص على دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق”.
وكان المغرب وبلجيكا قد رحبا بتعيين المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، وأكدا مرة أخرى دعمهما النشط لجهوده الرامية إلى الدفع بالعملية السياسية على أساس قرارات مجلس الأمن الأممي ذات الصلة، وبعثة المينورسو.
ويؤكد الإعلان المشترك الصادر في 20 أكتوبر 2022 “الموقف الذي سبق أن اعتمدته بلجيكا في 2014 في إطار اللجنة العليا المشتركة بين المغرب وبلجيكا، والذي سبق التعبير عنه من قبل رئيس الوزراء آنذاك إليو دي روبو”، والذي شدد من خلاله أن “بلجيكا تقدر الجهود الجادة وذات المصداقية المبذولة من قبل المغرب لبلوغ هذه الغاية، لاسيما من خلال تقديم مخططه للحكم الذاتي”.
وأضاف أن هذا الموقف يتوافق مع المبادئ التي ذكر بها القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلق بقضية الصحراء، أي القرار 2703 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر 2023.