دعم ألماني لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية
جددت ألمانيا التأكيد على موقفها المتعلق بقضية الصحراء الذي يعتبر “مخطط الحكم الذاتي” المطروح عام 2007 مجهودا جادا وذا مصداقية من قبل المغرب، وأساسا جيدا لحل مقبول من الطرفين”، يساهم في حل عادل للأزمة المفتعلة.
وتتوالى اعترافات الدول بسيادة المغرب على صحرائه ودعم مقترح الحكم الذاتي كحلّ وحيد للملف العالق وبينما تروج بوليساريو ومن ورائها الجزائر أن تلك الاعترافات صفقات، تعود الدول لتجديد تأكيدها على موقفها في كل مناسبة لاسيما الدول الكبرى ومن بينها ألمانيا، التي تدحض ادعاءات الانفصاليين بهذا الشأن.
وشهدت العلاقات الألمانية المغربية تحولا مهما أواخر 2021 بعد تأكيد الخارجية الألمانية أنها “تدعم المبعوث الشخصي للأمم المتحدة في سعيه إلى إيجاد حل سياسي عادل”، مع الإشارة إلى “المساهمة الهامة التي قدمها المغرب في 2007 للتوصل إلى هذا الحل من خلال مقترح الحكم الذاتي”.
ويعد موقف ألمانيا امتدادا طبيعيا للتعاون الذي تسعى برلين إلى تطويره بإقامة شراكة قوية مع الرباط، عبر الاستثمارات والتبادلات التجارية، وخصوصا في ميادين منها البيئة وتدبير المياه والطاقات المتجددة.
وأوضح بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن هذا الموقف تم تجديد التأكيد عليه بمناسبة انعقاد الدورة الـ50 للمفاوضات الحكومية حول التعاون المغربي-الألماني التي انعقدت بالرباط يومي 7 و8 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وأضاف البيان أنه تم اعتماد الإعلان المشترك لـ 25 أغسطس/آب 2022، عقب لقاء لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزيرة الخارجية الاتحادية أنالينا بيربوك.
وكرّس كل من المغرب وألمانيا خلال محادثات بيربوك مع بوريطة مصالحتهما عقب أزمة دبلوماسية استمرت أشهرا، وصدر إثرها بيان مشترك اعتبر أن مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه الرباط “قاعدة جيدة” لحل النزاع في الصحراء المغربية.
وأكد الجانب الألماني في هذا الإعلان، على الطابع الحصري للأمم المتحدة في المسار السياسي، كما جدد التأكيد على دعمه للقرار رقم 2703 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي سجل دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن حل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على التوافق.
وأعلنت دول عديدة اعترافها هي الأخرى بـمغربية الصحراء، على رأسها الولايات المتحدة، التي أعلن رئيسها السابق دونالد ترامب، بأنه يدعم سيادة المغرب على الصحراء، وأكد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية في زيارة له إلى المغرب والجزائر هذا الأسبوع على هذا الموقف، في مسعى للدفع باتجاه إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ودون مزيد من التأخير.
لكن أهالي الصحراء يطالبون بموقف أميركي أكثر قوة لدعم قضيتهم، فقد طالبت “حركة صحراويون من أجل السلام”، المنشقة عن جبهة بوليساريو، الولايات المتحدة بممارسة مزيد من الضغوط على الجزائر من أجل القبول بحل في إطار الطرح المغربي يضمن للصحراويين جمع شملهم والعودة إلى أرضهم.
وقال محمد لمين النفاع، عضو اللجنة السياسية للحركة إن “الإدارة الأميركية وصلت إلى قناعة راسخة بأن إطالة أمد هذا النزاع لا يخدم مصالح الأطراف المتنازعة، ولا يخدم مصالح واشنطن في المنطقة”.
وأضاف أن “التحركات في هذا الملف تأتي في إطار النهج الاستباقي للإدارة الأميركية لتلافي خروج الأمور عن السيطرة في المنطقة في ظل التحديات والمشاكل التي تعرفها هذه الأخيرة؛ على غرار تنامي أنشطة الجماعات المسلحة وبالتالي تحويل مخيمات تندوف إلى بؤرة إرهابية جديدة، خاصة أن عددا مهما من شباب المخيمات ينشطون في تنظيمات مسلحة في المنطقة”.
وأضاف النفاع، أن “الخريطة السياسية والتوترات التي تشهدها المنطقة، على غرار الوضع في ليبيا وتأثيرات الحرب الأهلية في السودان أضف إلى ذلك غياب الاستقرار والانفلات الأمني الذي تشهده عدد من دول الساحل، تجبر واشنطن على الدفع باتجاه إيجاد حل لهذا النزاع بما يضمن الاستقرار في هذه المنطقة التي أصبحت تشهد تنافسا عالميا، خاصة بعد انحدار النفوذ الفرنسي في إفريقيا”.
وتشجع الحركة المنشقة عن بوليساريو، تدخل الولايات المتحدة باعتبارها صانعة القرار الدولي من أجل الدفع بالعملية السياسية وإيجاد حلي سلمي لهذا النزاع في إطار المملكة المغربية.
وأشار عضو اللجنة السياسية للحركة إلى أن “الطرف الرافض هو الجزائر بالدرجة الأولى التي ترفض أية تسوية سلمية لهذا المشكل؛ ذلك أن البوليساريو لا تملك قرارها في الإطار، وبالتالي فإن الضغط الأميركي يجب أن يتوجه إلى الجزائر التي تعمل على تمطيط هذا النزاع وإطالة أمده ومعه معاناة الصحراويين فقط من أجل خدمة أجندتها وإرضاء غرورها في زعامة المنطقة”.
وطالب النفاع الولايات المتحدة والوسطاء الدوليين بإشراك فاعلين سياسيين آخرين غير بوليساريو؛ بما فيها حركة صحراويون من أجل السلام وشيوخ القبائل والمجتمع المدني والمعارضون للجبهة في المشاورات الرامية إلى بحث حل سلمي لهذا النزاع، لافتا أن سبب إطالة أمد هذا الصراع هو أن الباحثين عن حل يبحثونه مع أطراف لا تريد أصلا لهذا الصراع أن ينتهي ويرفضون أية مبادرات لحلحلته.