وزير خارجية إسبانيا في المغرب بأجندة تستهدف تعزيز الشراكة
يقوم وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بزيارة إلى المغرب لبحث علاقات التعاون الثنائي، والرفع من مستوى الشراكة خصوصا على المستوى التجاري.
ويرافق ألباريس وفد من رجال الأعمال الإسبان، ما يعكس الطابع الاقتصادي الذي تحمله الزيارة.
وقال وزير الخارجية الإسباني في تصريح صحفي الأربعاء إن الشراكة بين البلدين تتجسد قبل كل شيء في الثقة التي نضعها في بعضنا البعض كشريكين إستراتيجيين تربطهما علاقات سياسية رفيعة المستوى وروابط إنسانية يتم نسجها أكثر فأكثر، معتبرا أن هذه الركائز جعلت من العلاقات القائمة بين المغرب وإسبانيا واحدة من أكثر العلاقات غنى وكثافة التي يمكن أن توجد في العالم.
وأوضح ألباريس أن المغرب يشكل “الأولوية الأولى للسياسة الخارجية الإسبانية. وتربطنا به بالفعل شراكة متميزة، شراكة مربحة لكلا الجانبين”، مضيفا أن “جميع التدابير التي اتخذناها معا تعود بالنفع على البلدين”.
وأكد محمد الطيار الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية في تصريحات لـه أن لقاءات ألباريس مع المسؤولين المغاربة ستكون لها نتائج مهمة منها قيام إسبانيا بتوسيع شراكتها الإستراتيجية مع المغرب، بعدما ترسخت قناعة لدى حزب بيدرو شانسيز بأن مستقبل إسبانيا أصبح مرتبطا بالمغرب وأفريقيا أكثر مما سبق، وأن عقدة الصحراء المغربية يجب تجاوزها بشكل نهائي من أجل بناء شراكة إستراتيجية كاملة مع المملكة.
ويتضمن جدول أعمال ألباريس حسب الخارجية الإسبانية لقاءات رفيعة المستوى؛ أبرزها اللقاء الثنائي المغلق الذي سيعقده مع نظيره ناصر بوريطة بحضور وفدي البلدين، تليه ندوة صحفية مشتركة للوزيرين، ولقاء مجموعة من ذوي الأصول الإسبانية المحليين لجمع آرائهم حول العلاقات الثقافية بين البلدين.
وسيدشن ألباريس نموذج المركز التربوي المستقبلي وستتاح له فرصة اللقاء بالأساتذة والطلبة. وبعد ظهر الخميس، سيكون لألباريس اجتماع مع الجهات الفاعلة في التعاون الإسباني في المغرب.
وتحدثت تقارير إسبانية عن أن ألباريس يذهب إلى الرباط محملا بمجموعة من الملفات، من بينها ملف إتمام المغرب ترسيم الحدود البحرية بما يشمل الأقاليم الجنوبية والرفع من مستوى الشراكة الاقتصادية خصوصا على المستوى التجاري وإحداث مكتبين للجمارك التجارية في المعبرين الحدوديين لسبتة ومليلية، وهو ما يفسر مشاركة وفد من رجال الأعمال الإسبان في هذه الرحلة التي سيكون لها انعكاس اقتصادي على المصالح المشتركة.
ألباريس يذهب إلى الرباط محملا بمجموعة من الملفات، من بينها ملف إتمام المغرب ترسيم الحدود البحرية
وورد في الإعلان المشترك بين المغرب وإسبانيا أن البلدين يلتزمان بالاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستوى البري والبحري، وهو ما تعتبر مدريد أنه يشمل سبتة ومليلية.
وأكد ألباريس أن التعاون بين الرباط ومدريد في مكافحة مافيات الاتجار بالبشر يشكل نموذجا يحتذى بالنسبة إلى البلدان الأخرى، مبرزا أن “جزر الكناري ستكون دائما ضمن جدول الأعمال واللقاءات الثنائية المشتركة بين المغرب وإسبانيا”، حيث تعاني الجزر من موجة كبيرة للهجرة غير النظامية القادمة من هذين البلدين، في الوقت الذي تراجع منسوبها بشكل كبير من سواحل الصحراء المغربية، نتيجة التحكم الصارم للسلطات المغربية في مواقع انطلاق القوارب.
وأكد الطيار أن جدول أعمال ألباريس يعكس براغماتية الحكومة الحالية، وأن التعاون وعلاقة الصداقة الوطيدة بين الرباط ومدريد سييسران نقط الاختلاف على أساس قانون البحار بما يضمن تنزيل بنود خارطة الطريق التي اتفقا عليها الطرفان قبل سنتين، ومنع تحول مسألة ترسيم الحدود البحرية إلى عائق أمام المصلحة المشتركة وتعزيز العلاقات بين البلدين.
وفي المجال الاقتصادي، بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 20 مليار يورو، حيث ذكر الطيار أن إسبانيا تعد الزبون والمورد الأول للمغرب، في حين تعتبر المملكة الشريك التجاري الثالث لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، ولا تتجاوزها سوى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
أما الجانب الآخر من التعاون المغربي – الإسباني فيتعلق، بحسب ألباريس، بالمجال الأمني والقضائي لمكافحة المافيات الناشطة في الاتجار بالبشر والإرهاب، معتبرا أن هذا التعاون يشكل “نموذجا يحتذى بالنسبة إلى البلدان الأخرى، وهو ما عززته أيضا خارطة الطريق الجديدة”.
وتشهد العلاقات بين المغرب وإسبانيا زخما متصاعدا بعد اللقاء الذي جرى بالرباط يوم 7 أبريل 2022 بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. حيث وصف وزير الشؤون الخارجية الإسباني حصيلة خارطة الطريق بين المغرب وإسبانيا المعتمدة في أبريل 2022 بـ “الإيجابية للغاية”.
وشدد هشام معتضد الخبير في العلاقات الدولية في تصريحات لـه أن الملفات الحاضرة على طاولة المباحثات بين ألباريس والمسؤولين المغاربة تترجم مدى جدية الإدارة الإسبانية في الدفاع عن الرؤية الجديدة للبلدين في ما يخص تنزيل خارطة الطريق الاستثنائية التي اعتمدتها حكومتا البلدين من أجل الرفع من مستوى التعاون والاستجابة للتحديات المشتركة من خلال مقاربة تشاركية مبنية على الانسجام السياسي والتكامل الاقتصادي.
وكشفت مصادر دبلوماسية لصحيفة “أوكيدياريو” عن تكليف سانشيز للجهاز الدبلوماسي في وزارة الخارجية بالإعداد للقيام بزيارة إلى المغرب في أسرع وقت. وقالت إن ألباريس من المتوقع أن يناقش مع المسؤولين المغاربة، وعلى رأسهم بوريطة، تفاصيل الإعداد لزيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المملكة المغربية في الأسابيع أو الشهور المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة الإسبانية أكد في الأيام القليلة الماضية على أهمية علاقات الصداقة التي تجمع بين بلاده والمملكة المغربية، خلال محادثة هاتفية جمعته برئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، وفق ما كشف عنه في منشور على حسابه الرسمي في موقع إكس، معبرا لأخنوش عن رغبة إسبانيا “في تعزيز جدول الأعمال الثنائي المتفق عليه واستكشاف الفرص الجديدة التي تتيحها هذه العلاقة المتجددة”.