تجري الحكومة المغربية مفاوضات حثيثة مع نقابات التعليم لوقف حالة الاحتقان والإضرابات المستمرة في القطاع منذ أسابيع، وسط انتظارات المراقبين لتوصل اللجنة الوزارية المشتركة والنقابات التعليمية إلى اتفاق حول تسوية مختلف النقاط العالقة.
رغم دعوة تنسيقيات التعليم إلى خوض إضراب وطني بين 13 و16 ديسمبر الجاري، يستمر الحوار بين الحكومة والنقابات يومي السبت والأحد لوضع حد للإضرابات والاحتجاجات المستمرة في القطاع، حيث أوضحت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن “الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع أكد في آخر جولة له الجمعة أن تفعيل الاتفاقات ذات الكلفة المالية ستجد أثرها في قانون مالية 2024، وهناك تقدم في حلحلة مختلف الملفات الفئوية العالقة، في أفق الحسم النهائي فيها”.
وأكدت النقابة الوطنية للتعليم في المغرب، في بلاغ لها حول أهم خلاصات جولة الحوار التي أجريت في 8 ديسمبر الجاري، أنه تم التوافق على مبلغ الزيادة في الرواتب للمدرسين بما يرقى لانتظاراتهم، ولوضعهم الاعتباري داخل المجتمع، مشددة على أنها تصر على ضرورة الإجابة على كل الانتظارات، بما يعيد “للشغيلة التعليمية” (المدرسين) وضعها الاعتباري.
ودام الاجتماع بين وزير الميزانية والنقابات زهاء ست ساعات الجمعة، ليستمر النقاش يومي السبت والأحد مع اللجنة الوزارية المشتركة، للحسم في اثني عشر ملفا عالقا، إضافة إلى مسألة الزيادة في الرواتب، حسبما قال الصادق الرغيوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي أكد على قناعة النقابات في الوصول إلى اتفاق في هذا الحوار.
من جهتها أبدت الحكومة استعدادها لإقرار زيادة عامة في رواتب المدرسين، حيث أكد مصطفى بايتاس الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة أن “الهدف من هذه الاجتماعات كلها بالإضافة إلى تجميد النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، يوجد هدف التقدم في مختلف النقاط المطروحة والتي تثير تخوفات وتساؤلات عند نساء ورجال التعليم”.
وقالت مصادر مطلعة إن النقابات أصرت على زيادة بـ3000 درهم (295.89 دولار) دفعة واحدة في ما عبرت الحكومة عن إمكانية اعتماد زيادة على دفعات لمدة ثلاث سنوات، من سنة 2024 إلى سنة 2026، باعتماد زيادة في السنة الأولى ما بين 1000 و1500 درهم، وتليها دفعات أخرى في السنوات المتبقية إلى غاية 2026 والتي قد تصل في المجموع إلى 2500 درهم (246,82 دولار).
واستجابت الحكومة لمطلب النقابات التعليمية المتعلق بتجميد النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، بقرار مكتوب يُرتقب أن تصدره وزارة التربية الوطنية والتعليم الأوّلي والرياضة، إلى حين مراجعة مقتضياته والذي تتم مناقشته في الاجتماعات الماراثونية بين الطرفين.
ويعول الطرفان على الزيادة في الأجر لتكون خطوة أولى ممهدة لعودة الأساتذة إلى المدارس واستئناف الدراسة التي توقفت لستة أسابيع متواصلة، ريثما يتم الانتهاء من تعديل النظام الأساسي قبل منتصف شهر يناير من السنة المقبلة، كما توجد تطمينات بأن الميزانية التي ستخصص لهذا الجانب ستخرج في قانون المالية 2024.
وأكد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن الطرفيْن اتفقا على إلغاء العقوبات في النظام الأساسي التي أثارت غضبا كبيرا وسط الأساتذة والعودة إلى اعتماد العقوبات الموجودة في قانون الوظيفة العمومية.
وارتباطا بالتصعيد ضد الحكومة جاء في بلاغ المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي فإن “وزارة التربية الوطنية والتعليم أخفت عجزها وتغييب مسؤوليتها الوطنية على ما يعرفه قطاع التعليم من تأزيم ممنهج وإصرار الحكومة على عقد حوارات مغشوشة وصورية تتجاوز نضالات المدرسين الميدانية دفاعا عن مطالبهم المشروعة، وعلى رأسها إلغاء النظام الأساسي الاستعبادي”.
النقابة الوطنية للتعليم أكدت أنها تصر على ضرورة الإجابة على كل الانتظارات، بما يعيد للأساتذة وضعهم الاعتباري
وطالب عبدالإله دحمان الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، (نقابة)، الحكومة بضرورة تقديم منهجية حوارية متعددة الأطراف وتستوعب الجميع، من أجل إيجاد حلول متوافق عليها يكون هدفها الأساسي إنصاف “الشغيلة التعليمية”، مشددا على تشبث نقابته بسحب النظام الأساسي الذي يعتبر العامل الأساسي في إثارة كل ردود الفعل الغاضبة والرافضة له، لما يكرسه من إجهاز على الحقوق والمكتسبات الخاصة بالمدرسين.
وفي الاتجاه نفسه أكدت النقابة الوطنية للتعليم أنها تصر على ضرورة الإجابة على كل الانتظارات، بما يعيد للأساتذة وضعهم الاعتباري.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، في تصريحات صحفية، أن “النقاش مع النقابات التعليمية يسير بشكل مسؤول وجدّي وسوف نسرع الخطى من أجل التوصل إلى اتفاق سريع مع النقابات جميعها ونحقق الأهداف وما يتطلع له نساء ورجال التعليم”.
وأشارت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم أن يدها مفتوحة ولا تزايد بالإضراب، وليست نقابة تتهافت من أجل تسجيل مواقف الإضراب فقط، فهي نقابة مناضلة منحازة إلى المدرسين، لكنها في نفس الوقت تطالب بحوار حقيقي مسؤول ومتعدد الأطراف وفق مبادرة حكومية واضحة، وأن هيئة التدريس لها من اليقظة ومن الوعي ما يكفي لإعادة الاستقرار إلى منظومة التربية والتعليم، شريطة إنصافها والاستجابة لمطالبها على الأقل في حدودها المعقولة.
وكانت اللجنة الحكومية قد اتفقت مع النقابات التعليمية الأربع، في الاجتماع التمهيدي الذي ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، على أربع نقاط محورية؛ وهي تجميد النظام الأساسي في أفق مراجعته وتعديل مقتضياته بناء على التعديلات التي قدمتها النقابات، وتوقيف الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين عن العمل ابتداء من شهر ديسمبر، وتحسين دخل مختلف فئات نساء ورجال التعليم، ومواصلة الحوار بوتيرة اجتماعين في الأسبوع، على أساس إخراج نظام أساسي جديد قبل منتصف شهر يناير المقبل.
ويُرتقب أن تصل اللجنة الوزارية المشتركة والنقابات التعليمية إلى اتفاق حول تسوية مختلف النقاط التي يطالب الطرف النقابي بتعديلها في النظام الأساسي قبل نهاية شهر ديسمبر الجاري.