دبَّج “كَتَبْجي” في القناة البلجيكية RTBF، في ما يُشبه النُّطق بما يُخالج القيادة الجزائرية إزاء ما يُحقِّقه المغرب من تقدُّم دبلوماسي، مُتسارع ونوعي، في الإقْرار الدّولي بمغربية الصحراء وبعدالة المسْعى الوطني الوحدَوي المغربي، كتب معتبرا أن السفير المغربي محمد عامر يمارس “دبلوماسية التهديد ضد مواطنين بلجيكيين ”. ولعلّه عنى أن يقدح في الدبلوماسية المغربية، غير أني أعتبره يمدحُها. وإنْ كنت أفضل أن يربط السفير المغربي بـ”الفيل الثّائر”، لأن للفيل ذاكرة قوية وهو يثُور لكرامة بلده و قضيته الاولى الصحراء المغربية وضدّ أي إساءة له، ولو بعد حين. وهو فضّل في بحثّ استقصائي ضعيف للغاية ان يظهر العمل الديبلوماسي المحض لسفير المملكة ببلجيكا، فليكن له ما أراد، المهم أنه يرى الدبلوماسية المغربية قوية إلى حد الهيجان، والأغلب أنّه كان يفضلها دبلوماسية قطة أليفة، بلا مَخالب ومواؤها يُسلّي فقط مثل الديبلوماسية الجزائرية .
يتربّص بالتحركات الديبلوماسية لسفير المملكة السيد محمد عامر و بالحق الوطني المغربي ليَنهَشه. ونَسيَ، هو ومن يوجهه، بأن قوة الحق تفضي إلى الحق في القوة. والقوة هُنا دبلوماسية الإقْناع باللّين والصّرامة معًا وبالتأنِّي، كما يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
فالسفير محمد عامر يوضح من خلال تدخلاته و لقاءاته كما إعتدناه في الجامعات المغربية مع بعض الشخصيات التي تربطها علاقة مع النظام الجزائري و مسترزقة البوليساريو، لتوضيح حقيقة قضية الصحراء المغربية المفتعلة من النظام الجزائري و هذا ما تظهره زيارته لمحامي جبهة البوليساريو أليكسي دوسويرف الذي زار مخيمات البوليساريو و كذا أجرى لقاءات مع مسؤولين جزائريين بخصوص قضية الصحراء المغربية ليوضح له ربما الحقيقة الغائبة عنه إذا لم تكن مفتعلة ، و هذه الزيارة كانت في عز النهار و بعلم من الصحافة البلجيكية .
محاولة صاحب المقال و خصوصا في هذه الفترة الطعن في السياسيين البلجيكيين الذين يساندون القضية الوطنية و الضغط على الحكومة البلجيكية لاتخاذ قرار كإسبانيا و أمريكا يظهر مدى تورطه مع المخابرات الجزائرية التي أصبحت تعمل بكل جدية لإيجاد شريك جديد لإقحامه في قضية فقدت مصداقيتها لدى جل الدول العالمية .
هذا و قد اعتبر صاحب المقال سطوره عمل استقصائي و هو يفتقد للبحث و التحري لمعرفة الحقائق و الدليل على فشل عمله هم عدم تواصله مع الطرف الآخر و طرحه لمعلومات متداولة و معروفة لدى الجميع ليطرحها كعمل استقصائي جبار.
التدخل في عمل سفير المملكة المغربية محمد عامر و في هذا الوقت بالذات مدروس من عدة جهات معادية للمغرب و ربما تخدم كذلك اجندات بعض الاحزاب التي تخشى تدخل سفير المملكة في الانتخابات المقبلة ، و لعل الهجوم الواضح يؤكد أن سفير المملكة يسير بخطى ثابتة من أجل إنصاف القضية الوطنية الاولى و كما يظهر مدى الهلع الذي يشكله لهم تحركات رجل محنك كالسيد محمد عامر .
ورشقت القناة البلجيكية محمد عامر، سفير المملكة في بروكسيل باتهامات جزافية، وقد حادت عن الصواب، وهي تؤاخذه على الدفاع عن مصالح المغرب في بلجيكا، وهو أمر لا يختلف اثنان أنه مُحرك يومي لممثل لأي بلد كان أينما حل أو تعيَّن، لكن الأمر يبدو مبررا في نظر القائمين على”RTBF” متى ارتبط بدول مثل فرنسا أو إسرائيل أو الصين، لكن وإن تعلق بالمغرب فإن الأمر يعد اختراقا” للشؤون الداخلية البلجيكية.
واستقر اعتقاد “جهابذة” القناة البلجيكية، أن المغرب يستحوذ على بلجيكا ويسيطر على الفاعلين في المشهد هناك، وقد تحروا تغليط الجميع عبر تحوير معلومات متاحة للجميع في عمل استقصائي كما يظنون ، ليخلطوا بشكل سافر بين الإجراءات والتدابير المسموح بها قانونيا وما أدرجوها ضمن “العمليات الغامضة”، التي تفتقت عنها أذهانهم، سعيا وراء الحصول على بطولة زائفة او خدمة اجندة دولة ما .
و تفيد الاتهامات الموضوعة تجاه المغرب، بأن بعض المنتخبين البلجيكيين( les amis du Maroc) أصبحوا يتبنون الموقف المغربي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، في مواجهة الأطروحة الانفصالية التي تدفع بها “بوليساريو” صنيعة النظام العسكري الجزائري.
وكشف ( محققو ) البرنامج على القناة التلفزية “RTBF” عن نواياهم السيئة التي يبيتونها ضد المغرب، بعدما عابوا على أعضاء اللجنة البلجيكية الداعمة لمخطط الحكم الذاتي، وصفهم للصحراء بالمغربية، وهو أمر يشين القناة البلجيكية ويدينها لا محالة، بتصريف الأحقاد تجاه المملكة، وهي تحاول عنوة وبشكل مفضوح تسويغ وجود “مؤامرة مغربية”.
ولأن الجهل ظلمات، فإن “الجهابذة” لم يجدوا ما يدمغون به أكاذيبهم غير الادعاء بأن ما يثبت تورط المغرب واستحواذه على بلجيكا ، هو أداء السفارة المغربية لمبلغ 620 أورو، كمقابل إيجار قاعة سبق واحتضنت اجتماع اللجنة البلجيكية الداعمة للموقف المغربي.
عندما يكون أدب ولباقة السفير المغربي دليلا على “المؤامرة”
فيما لا يعاب على ممثل أي بلد الدفاع عن مصالح وطنه، استكثر
(محققو) “RTBF”،الذين يسعون لمناوشة المغرب عبر اتهامه بالتدخل في شؤون بلجيكا، على السفير المغربي محمد عامر، هذا الأمر.
ولإثبات ذلك، لم يجدوا بدا غير الاستئناس بشهادة المحامي ” Alexis Deswaef”، الرئيس الأسبق لما يعرف هناك بـ”رابطة حقوق الإنسان”، و محامي جبهة البوليساريو والذي قال إنه وبعدما سبق أن عبر عن موقفه من قضية الصحراء المغربية، تلقى اتصالا من السفير المغربي، الذي استعرض أمامه الحجج والمعطيات المغربية في هذا الصدد ليصحح له بعض الاخطاء و المعلومات التي يدعم بها مرتزقة البوليساريو .
وبعيدا عن القول بأن القناة البلجيكية لم ترَ حرجا في أن يزج أي كان برأيه في قضية تهم المملكة، حاولت الترويج عبر شهادة ” Alexis Deswaef”، بأنه ليس من حق السفير المغربي أن يدافع عن موقف المملكة المغربية في شأن قضية تعنيها بالدرجة الأولى، وأنه سعى بكل لباقة لإزالة كل لبس قد يترسب لمثل هكذا متدخل.
وسعيا لتأكيد نظرية المؤامرة التي تعتقد بها “RTBF” ساقت شهادة ” Alexis Deswaef”، التي جاء فيها أنه التقى السفير المغربي الذي بدا “مهذبا، لكنها حازما في نفس الوقت، وبدا كمن يعطي دروسا في الموضوع”، وهو أمر جعل الرئيس السابق لـ”رابطة حقوق الإنسان”، ينتحل لنفسه كل الأعذار الواهية ليجزم بأن حديث السفير المغربي معه كان “شكلا من أشكال الضغط”!!!
فهل من يتحدث بأدب وكياسة دفاعا عن موقف بلاده وموضحا لما خفي عن ذهن ” Alexis Deswaef”، بشأن القضية الأولى للمغاربة.. متآمر ينزل خطة مغربية خبيثة.. كما ادعت قناة “RTBF”؟.. الجواب ها هنا. مخول للجميع.
أيضا، وللزيادة في الجهالة، لم يجد ” Alexis Deswaef”، بدا لتبرير أن المغرب يتآمر على بلجيكا، غير الادعاء بأنه تم توجيه دعوة له إلى السفارة المغربية في بروكسيل، وهناك ذكَّره السفير المغربي بالتاريخ الحقيقي الذي يفيد بمغربية الصحراء، وهو أمر بديهي، لكن “الرجل” وبكل الجهل المفترض فيه قال إن في ذلك ما يحيل على أن هكذا موقف يعتبر تخويفا!!!
“RTBF” على “أصدقاء المغرب”.. معاداة المغرب!
ولتبيان ما تقوم به قناة “RTBF”، من مناوشة بذيئة للمغرب، تكفي الإشارة إلى أنها آخذت على جمعية مسماة “أصدقاء المغرب” (Les Amis du Maroc) أن تروج للتقدم الحاصل الذي تشهده المملكة المغربية، لتؤاخذها على ذلك، وقد منَّى القائمون عليها أنفسهم بأن تنبري هذه الجمعية إلى الضرب في المغرب حتى يرضوا عنها.
واسترسلت القناة البلجيكية في هذيانها بالمغرب، وقد عابت على أعضاء الجمعية احتفاءهم بالمملكة المغربية وبملكها محمد السادس، عبر تنظيم فعاليات وتظاهرات لتبادل الرؤى وتلاقح الأفكار بين النخب المغربية والبلجيكية، وهو شيء معتاد ومسموح به للدول الأخرى، لكن إن تعلق بالمغرب فهو ينم عن وجود “مؤامرة” كما تدعي “RTBF”.. إنها الرعونة “الاستقصائية” بحذافيرها لقناة “RTBF”.
إنها مكوِّنات الحق الوطني المغربي الذي أسِّست عليه الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وآخرها دولة إسرائيل، وقبلها الولايات المتحدة وقبلهما عدة دول عربية وأفريقية وأميركو – لاتينية. وعليها استندت الدول التي رأت أن المُقترح الملكي بالحكم الذاتي هو الحل الوحيد الجِدي، الواقعي والممكن، مثل إسبانيا، ألمانيا، هولندا وغيرها من دول أوروبية وأفريقية وآسيوية وأميركو – لاتينية. وعلى تلك الحقائق بَنَت دُول عديدة موقفها لاعتبار الحكم الذاتي مقترحا جديا وواقعيا لبحث الحلّ السّلمي للنزاع، وأبرز تلك الدول فرنسا.
◙ المقترح السلمي المغربي خصَّب ذاتَه بتوليد مناصرته الدولية، بوتيرة هادئة ومتصاعدة. واليوم تلُوح في الأفق مغالبة عدة دول لإحراجاتها ولإكراهاتها، مع الجزائر، لتمضي نحو الحماس لحل نزاع ثقيل على الوضع الدولي
عسى أن تقرأ القيادة الجزائرية جيدا هذه التطورات، ولا تعود إلى استهلاك مسكّنات شعاراتية مُضلِّلة في شكل “هجمات استقصائية رخيصة ” تحريضية ضد المغرب. وتنتصر لذاتها ولمصلحتها، حين تنتصر لعلاقات مغربية – جزائرية تقوم على التعاون والتضامن، وفي إطار طموح وحدوي مغاربي.. عسى وعسى “أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”