قفزة قياسية في المعاملات التجارية بين المغرب واسبانيا
تمر العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا بأفضل فتراتها منذ العام الماضي، إذ أن تغيير مدريد لموقفها التقليدي من قضية الصحراء منح العلاقات بين البلدين زخما انعكس إيجابا على تعاونهما الاقتصادي.
ومن المتوقع أن تصل إسبانيا إلى رقم قياسي جديد في حجم تبادلاتها التجارية مع المغرب، وفق ما أوردت صحيفة “ذو أوبجيكتيف” الإسبانية نقلا عن مصادر مطلعة على هذا الملف، حيث تختتم إسبانيا عام 2023، برقم قياسي جديد في حجم المبادلات التجارية مع المغرب، نتيجة تطور العلاقات وتحقيقها نقلة نوعية، بعد التحول في موقف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز بشأن قضية الصحراء المغربية. وباتت مدريد الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة للمغرب، فيما تعد الرباط هي الأخرى من أهم شركاء إسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي.
ومن المرجح أن تتجاوز التدفقات التجارية بين البلدين الأرقام القياسية المسجلة في العام الماضي، مع تعزيز العلاقات الدبلوماسية وبحسب آخر البيانات خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر الماضي، ارتفعت صادرات إسبانيا إلى المغرب من 3 بالمئة إلى 3.2 بالمئة حاليا من الإجمالي، في حين ارتفعت الواردات من 1.9 بالمئة إلى 2.1 بالمئة من إجمالي التجارة.
ويقول المحللون أنه من المرجح أن تستمر معدلات النمو التي لوحظت في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 في الربع الرابع. مما يشير إلى احتمال تسجيل سجل تجاري سنوي آخر. وإن كان ذلك مع زيادة أكثر هدوءًا مقارنة بعام 2022 وتقترب من نسبة مئوية مكونة من رقم واحد.
وقد أدى الأداء الاستثنائي للمغرب إلى زيادة حصتها في السوق، وهو إنجاز ملحوظ نظرا للأحجام الكبيرة المشاركة في المشهد التجاري العالمي.
وفيما يتعلق بالمنتجات الأكثر تفضيلا، هناك ارتفاع كبير في مشتريات إسبانيا من الفواكه والخضروات من المغرب. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى ارتفاع الأسعار في إسبانيا.
واستوردت إسبانيا الأجهزة والمعدات الكهربائية والأسماك والقشريات والرخويات والسيارات والملابس المحبوكة من المغرب.
وأشارت الصحيفة الإسبانية، إلى أن “تغيير موقف الحكومة الإسبانية بشأن النزاع حول الصحراء كان مفتاحا أساسيا لزيادة حجم الصادرات والواردات بين البلدين”، وأوردت أن الصادرات الإسبانية إلى المغرب بلغت نهاية العام الماضي أكثر من 11.7 مليار يورو، بزيادة قدرها 23.7 في المئة مقارنة بفترة ما قبل وباء كورونا؛ فيما بلغت الواردات من هذا البلد أكثر من 8.6 مليارات يورو، بنمو قدر بحوالي 30 في المائة.
وبلغت صادرات مدريد السنوية إلى الرباط نهاية شهر سبتمبر الماضي حوالي 9.15 مليار يورو، أي بزيادة بنسبة 3.1 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فيما سجلت الواردات رقما بلغ أكثر من 6.75 مليار يورو برسم الفترة ذاتها، وبنمو بلغ 2.1 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2022.
وقال بدر زاهر الأزرق، محلل اقتصادي، “التطابق السياسي في المواقف بين البلدين، والتقارب الاقتصادي، والحجم الكبير للاستثمارات والمبادلات التجارية بينهما، أمور ستتعزز بتنظيم حديث كروي عالمي هام، ألا وهو كأس العالم 2030 في إطار الملف المغربي الإسباني البرتغالي المشترك”، لافتا إلى أن “كل هذه العوامل ستدفع قدما في اتجاه تعزيز الحضور الاستثماري بين البلدين من خلال مجموعة من المشاريع المشتركة”.
واستمرارا لنهج التقارب مع المغرب، ذكرت وسائل إعلام إسبانية أن رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز، كلف وزير الخارجية مانويل ألباريس بالتحضير لزيارة رسمية، إلى الرباط للقاء العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وكشفت أن سانشيز أجرى محادثة مع رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، حيث تطرقا لأهمية العلاقات الدبلوماسية، والمبادلات التجارية بين البلدين، كما تم التأكيد على تعزيز جدول الأعمال الثنائي المتفق عليه، إضافة إلى الفرص الجديدة التي تتيحها هذه العلاقة المتجددة بين الرباط ومدريد.
والأسبوع الماضي، بدأ ممثلون عن عدة مؤسسات من إقليم أستورياس شمال إسبانيا، زيارة إلى المغرب، في إطار بعثة تجارية تنظمها شركة الترويج الخارجي لأستورياس “أستوريكس”. وأوضح المنظمون في بيان أن البعثة، تهدف إلى استكشاف فرص الاستثمار بالمملكة، وتعزيز مبيعات مؤسسات هذه الجهة الإسبانية في البلد الجار.
وقالت “أستوريكس” إن المؤسسات المشاركة في هذه البعثة، التي تضم شركات متخصصة في قطاع التعدين والبناء، ستعقد لقاءات مع شركات وهيئات اقتصادية بالمغرب، وهي “خطوة مهمة” بالنسبة لإسبانيا.
وأضافت أن العلاقات التجارية بين إسبانيا والمغرب تعتبر مهمة للغاية، حيث تعد إسبانيا المورد والزبون الرئيسي للمغرب في العالم. ويتعلق الأمر ببلد ذي أولوية في إطار استراتيجية “أفق أفريقيا”.
وتعد المشاركة في هذه البعثة التجارية جزءا من خطة الترويج الدولية لقطاع المعادن والبناء لعام 2023، في أسبانيا.