مناورات جزائرية – روسية تُجدّد توجّس أوروبا من تمدد الروس في المتوسط
تنظم القوات البحرية الجزائرية وفرقاطة روسية تمارين في المياه الإقليمية الجزائرية، في إطار برنامج تعاون عسكري بين البلدين يُراهَن عليه لاحتواء الفتور الذي اعترى علاقاتهما الثنائية بعد خيبة جزائرية للانضمام إلى مجموعة بريكس.
لكن التمرين يجدد قلق الأوروبيين من تغلغل الروس في حوض المتوسط، واقتراب أسلحتهم من دول الجنوب الأوروبي، خاصة في ظل حالة الاستقطاب القائمة بين الطرفين بسبب الأزمة الأوكرانية.
ولا يستبعد المراقبون أن يثير هذا التمرين توترا بين أوروبا والجزائر بسبب فتحها الباب أمام نفوذ روسي على الحدود الجنوبية.
◙ التقارب العسكري بين الجزائر وروسيا يثير قلقا أميركيا وأوروبيا متزايدا من تمدد النفوذ الروسي في المتوسط
وستباشر قوات عسكرية بحرية جزائرية مناورات عسكرية بالاشتراك مع فرقاطة روسية، بداية من يوم الجمعة القادم، في إطار برنامج مشترك بين وزارتي دفاع البلدين، يشمل العديد من التمارين العسكرية لمختلف الأسلحة، على أن تكون هذه المناورات مقدمة لتمرين درع الصحراء القادم على الحدود مع المغرب.
وأفادت تقارير روسية بأن موسكو والجزائر ستجريان مناورات بحرية مشتركة في الجزء الغربي من المتوسط، وقد وصلت فرقاطة “الأدميرال غريغوفيتش” بالفعل إلى هناك للمشاركة في المناورات.
وذكرت التقارير أن “قسم دعم المعلومات لأسطول البحر الأسود أفاد الثلاثاء بوصول فرقاطة أسطول البحر الأسود الأدميرال غريغوروفيتش إلى ميناء الجزائر على البحر المتوسط، للمشاركة في المناورات البحرية المشتركة”.
وأضافت أن الغرض من التدريبات سيكون “ممارسة الأعمال المشتركة للبحارة، وتعزيز التعاون والتفاعل بين الأساطيل، وسيقود التدريبات مركز عمليات مشتركة تم إنشاؤه خصيصا، يضم ضباطا من البحرية الروسية والجزائرية، كما تم تشكيل مقر بحري لإدارة المرحلة البحرية”.
ويأتي تجسيد هذه المحطة من البرنامج المسطر بين قوات البلدين في اطار عودة الدفء إلى علاقاتهما، بعد الفتور الذي سادها في أعقاب رفض مجموعة بريكس الطلب الجزائري. وسجلت قيادتا المؤسستين العسكريتين عدة لقاءات جمعت بين ضباط ومسؤولين كبار من البلدين خلال الأسابيع الأخيرة.
غير أن المناورات المذكورة يُنتظر أن تعيد التوجس الأوروبي من تمدد النفوذ العسكري الروسي في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط عبر البوابة الجزائرية، خاصة في ظل حالة الاستقطاب القائمة بين الطرفين بسبب الأزمة الأوكرانية، وتغلغل مجموعة فاغنر في عدد من الدول الأفريقية التي أعلنت القطيعة مع التواجد الفرنسي على أراضيها.
وكانت عدة عواصم غربية قد أعربت للمسؤولين الجزائريين عن قلقها من التقارب العسكري بينهم وبين الروس، وتطور تعاونهما العسكري إلى صفقات تسليح وتمارين مشتركة في حوض المتوسط،، الأمر الذي يعتبر تمددا غير مسبوق للروس قرب السواحل الأوروبية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية “خلال الجزء البري من التمرين، سيتم إجراء تدريبات على الاتصالات والإحاطات وتبادل الخبرات العملية حول حلقات العمل المشترك في البحر، وستقوم أطقم السفن بإجراء تدريبات على سلامة الملاحة وعمليات البحث والإنقاذ”.
من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أنه “سيتم إجراء مناورة بحرية، الجمعة المقبلة، مع روسيا في المتوسط، وذلك لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وأن فرقاطة ‘الأدميرال غريغوفيتش’ من الأسطول الروسي للبحر الأسود رست الاثنين بميناء الجزائر، في توقف يدوم إلى غاية 12 ديسمبر الجاري”.
وأضافت “هذا التوقف سيشهد إجراء تمرين بحري مشترك يوم 8 ديسمبر الجاري على مستوى الواجهة البحرية الوسطى (قبالة سواحل الجزائر العاصمة)، حيث يهدف هذا النشاط إلى تعزيز التعاون العملياتي المشترك بين البحريتين الجزائرية والروسية”.
وينضم هذا التمرين إلى سلسلة تمارين مبرمجة بين البلدين، كان آخرها ذلك الذي جرى في سواحل محافظة جيجل بشرق البلاد، بينما يسجل البلدان تقاليد عريقة في هذا المجال، حيث ينظم جيشاهما مناورات مشتركة دورية بمختلف الأسلحة.
وتم إلغاء تمرين للوحدات البرية كان مبرمجا العام الماضي في بلدة محاذية للحدود المغربية، ويرجح أن يكون الهدف من القرار عدم إعطاء تأويلات تزيد من منسوب الشحن القائم بين الجزائر والرباط.
وتبقى الجزائر هي المستورد الثالث للأسلحة الروسية بعد الهند والصين، بينما تعتبر روسيا الممون الأول للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة الحربية بنسبة تفوق 50 في المئة، بما في ذلك الغواصات البحرية.
◙ قوات عسكرية بحرية جزائرية ستباشر مناورات عسكرية بالاشتراك مع فرقاطة روسية، بداية من يوم الجمعة القادم، في إطار برنامج مشترك بين وزارتي دفاع البلدين
وكان التقارب الجزائري – الروسي في السنوات الأخيرة قد أثار قلقا أميركيا وأوروبيا من تمدد النفوذ الروسي إلى المنطقة عبر البوابة الجزائرية، خاصة في ظل الحديث عن إبرام صفقات عسكرية ضخمة بين البلدين، وهو ما دعا نوابا أميركيين إلى مطالبة حكومة بلادهم بإدراج الجزائر في خانة القوى المعادية للمصالح الأميركية، بسبب صفقة تسليح منتظرة، بإمكانها توفير سيولة مالية لموسكو تتفادى بواسطتها حزمة العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الأزمة الأوكرانية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أكد في تصريح له أن “التعاون التجاري والاقتصادي الروسي – الجزائري يتقدم بوتيرة جيدة؛ فقد تجاوز حجم التجارة ملياريْ دولار، والعلاقات الإنسانية تتوسع باستمرار، نحن نقدر مسار السياسة الخارجية المتوازن للقيادة الجزائرية”.
ولفت إلى أنه في الفترة بين 2024 و2025 ستحصل الجزائر على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، “وبالطبع سنكثف التنسيق مع الشركاء الجزائريين بشأن القضايا الحالية على الساحتين الدولية والإقليمية”.
أما نائب مدير مركز تنمية صادرات المنتجات الزراعية التابع لوزارة الزراعة الروسية، أندريه كوتشيروف، فقد أكد أن “روسيا زادت صادراتها من المنتجات الزراعية إلى الجزائر بأكثر من الضعف خلال عام”.
وأضاف أن روسيا هي أحد أكبر خمسة مصدرين للمنتجات الزراعية إلى الجزائر، إذ بلغت قيمة صادرات روسيا من المنتجات الزراعية والصناعية إلى الجزائر بحلول نهاية عام 2021 حوالي 336 مليون دولار، وارتفع هذا الرقم بحلول نهاية عام 2022 إلى 699 مليون دولار.