انطلاقا من روايات تشبه الحقيقة، حقيقة المرأة المطلقة في المجتمع المغربي، صور المخرج محمد عهد بنسودة فيلمه الروائي الطويل “مطلقات الدار البيضاء” الذي يُعرض خلال هذه الفترة في صالات السينما المغربية ليرفع صوت المطلقات ويكشف جزءا كبيرا من معاناتهن الاقتصادية والاجتماعية وحتى معاناتهن من القوانين البالية.
شرعت مختلف قاعات السينما في المغرب ابتداء من الأربعاء 29 نوفمبر الماضي في عرض فيلم “مطلقات الدار البيضاء”، بعدما احتضنت سينما “ميغاراما” بالدار البيضاء العرض قبل الأول للفيلم السينمائي المغربي لمخرجه محمد عهد بنسودة، بحضور أسماء فنية من بينها أبطاله.
ويسلط المخرج عهد بنسودة من خلال شريطه السينمائي الروائي “مطلقات الدار البيضاء” الضوء على فئة من النساء اللائي عشن تجربة الطلاق في المجتمع المغربي وعلى الأخص بمدينة الدار البيضاء؛ إذ يتناول معاناة خمس نساء من بيئات مختلفة ويطرح المشاكل التي تعترض طريقهن في المجتمع والأسرة، إضافة إلى الصعوبات التي تواجههن بعد الانفصال عن شريك الحياة، ومشكلة حضانة الأطفال، وبعض الهفوات القانونية في مدونة الأسرة.
ويجسد العمل واقع النساء المطلقات والتحديات التي يواجهنها بعد الانفصال وفي مقدمتها تحدي كسب عيشهن وسط صعوبات وعراقيل كبيرة، بمشاركة فريق تقني وفني ضخم، أهله لحصد عدة جوائز في مهرجانات وطنية ودولية، ليصل في آخر المطاف إلى الجمهور المغربي محملا بإرث تتويجي طيلة هذه السنة.
وقد أظهر الفيلم نساء مطلقات وغيرهن، أغلبهن مستقلات اقتصاديا، ولعل هذا ما جعلهن متشبثات بحريتهن ومكافحات من أجل تربية أبنائهن أو جريئات في التبليغ عن محترفي الابتزاز الإلكتروني لهن، مع تسليط الضوء على بعض الإجراءات القانونية التعجيزية التي تعيق مسألة الطلاق، والتي تؤزّم الوضع بين الطرفين أحيانا، إضافة إلى تقييد حرية المرأة بسبب هيمنة الرجل حتى بعد الطلاق.
كما أضاء المخرج عتمة المشكلات النفسية التي تصيب الأطفال بعد الطلاق والارتباك الذي يجدون أنفسهم فيه وحنينهم إلى حضن أسرة متوازنة.
وعلقت الممثلة زينب عبيد قائلة إنها لعبت دور امرأة تعيش المعاناة في علاقتها الزوجية، التي لا تكاد تنتهي إجراءات الطلاق فيها، وأوضحت أن الفيلم يعالج الاضطرابات التي تحوم حول المرأة المطلقة في المغرب.
وقال المخرج محمد عهد بنسودة إن الفيلم يفتح نقاشا مجتمعيا بشأن قضية كبيرة وهي الطلاق، يأتي تزامنا مع النقاش حول مدونة الأسرة ووضعية المرأة المغربية وحضانة الأطفال وحرية المرأة وحقوقها، لذلك فإن المراد من هذا الفيلم هو فتح نقاش أوسع حول ظاهرة الطلاق وما يترتب عليها من مشاكل اجتماعية.
وحصد الفيلم العديد من الجوائز الدولية، من بينها جائزة أفضل سيناريو للكاتب عبدالإله الحمدوشي من مهرجان أوكلاند للفيلم في كاليفورنيا، وجائزة أفضل فيلم نسائي من مهرجان نيويورك الدولي لسينما المرأة، الذي سبق له أن توج سينمائيين وسينمائيات عالميات مثل الأميركية صوفيا كوبولا والفرنسية أنييس فاردا، كما نال الفيلم مطلع شهر سبتمبر الماضي جائزة أفضل فيلم أجنبي من مهرجان الأناضول السينمائي في تركيا وجائزة أفضل ممثلة طفلة. وتأتي هذه التتويجات لتعزز الجوائز التي حصل عليها “مطلقات الدار البيضاء” خلال شهر أغسطس الماضي إذ تمكن من الفوز بـ3 جوائز و4 تنويهات من مهرجان القارات الخمس.
واستنكرت مونية لمكيمل، في تصريحات صحفية بعد عرض الفيلم، النظرة الدونية التي مازالت تلاحق المرأة المطلقة في المغرب، قائلة “النظرة الدونية للمرأة أو لأي إنسان لا يطلقها إلا الشخص المريض”، وتابعت “كفانا شجارا في المجتمع حول من الأهم المرأة أم الرجل؟”.
ويضم الفيلم ثلة من النجوم المغاربة، مثل زينب عبيد ومونية لمكيمل وبشرى أهريش ونادية العلمي ومحمد الشوبي ونبيل عاطف وعبداللطيف شوقي ويونس لهري وأمين بنجلون وجميلة المصلوحي وصونيا عكاشة، إضافة إلى سعيدة شرف في أول تجربة لها في عالم التمثيل، وأسماء أخرى.
ودعا عهد بنسودة الجمهور العاشق للفن السابع إلى اكتشاف تفاصيل فيلم “مطلقات الدار البيضاء”، لأن التفاف الجمهور حول المنتوج السينمائي المغربي يبقى هو الجائزة الكبرى لكل الممثلين والتقنيين الذين ساهموا في إخراج هذا المولود السينمائي للوجود.
وتجسد الممثلة المغربية صونيا عكاشة دور طبيبة مطلقة تعاني من مشاكل عديدة مع طليقها، لتقع في مشكلة الحضانة بعد التفكير في ربط علاقة جديدة بعد طلاقها، وتنتقد الواقع المعيش لنساء شبيهات بها.
وتُجسد الممثلة زينب عبيد دور “سميرة” في الفيلم، وهي امرأة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وجدت نفسها في زوبعة الطلاق بسبب المشاكل الزوجية التي تعيشها يوميّا.
ويشار إلى أن الشريط السينمائي “مطلقات الدار البيضاء” للمخرج المغربي محمد عهد بنسودة حظي بدعم المركز السينمائي المغربي، وظفر بجوائز مهمة خلال جولته الدولية في المهرجانات الكبرى.