دبلوماسيون أوروبيون: بروكسل تتعرض لعملية ابتزاز كبرى من النيجر
انتقد مسؤولون أوروبيون قرار المجلس العسكري الحاكم في النيجر إلغاء قوانين معمول بها منذ سنوات، للقضاء على شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين، مؤكّدين أنه يعد ابتزازا واضحا للاتحاد الأوروبي، وسط تحذيرات من زيادة تدفق المهاجرين إلى ليبيا، ومنها إلى أوروبا.
بروكسل- اعتبر دبلوماسيون أوروبيون قرار النيجر الأخير القاضي بإلغاء اتفاق الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يعود توقيعه إلى ثماني سنوات، عملية ابتزاز كبرى، إذ تشكل النيجر ممر عبور للمهاجرين نحو ليبيا.
وأثار قرار المجلس العسكري في النيجر إلغاء قانون لتجريم تهريب المهاجرين قلقا في الاتحاد الأوروبي الذي دخل مرحلة صدام مع نيامي، وفق ما نقلت جريدة “لوموند” الفرنسية الأربعاء.
والقانون المعني يعود إلى العام 2015، ويُعنى بالتصدي للهجرة غير النظامية نحو أوروبا وينص على عقوبة “السجن من سنة إلى 30 عامًا وغرامات مالية تتراوح بين 3 ملايين و30 مليون فرنك أفريقي” أي ما بين 4500 و45000 يورو بحق المهربين.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أنه منذ تطبيق القانون بدعم مالي منه “تم تعزيز المراقبة بما في ذلك العسكرية، في صحراء منطقة أغاديز التي تعد معبرًا للمهاجرين نحو أوروبا عن طريق ليبيا أو الجزائر”.
واعتبر دبلوماسي غربي مطلع على شؤون النيجر أن القادة في نيامي منخرطون في عملية ابتزاز كبرى ضد الاتحاد الأوروبي.
وتابع المصدر الدبلوماسي “هم يعلمون أن موضوع الهجرة يشكل مصدر توتر داخل الاتحاد الأوروبي، ويريدون فتح ثغرة في الموقف الأوروبي، في حين أنهم يختنقون جرّاء العقوبات الاقتصادية التي قررتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ولم يغب عنهم أن إيطاليا تميل إلى أن تكون أكثر مرونة تجاههم، وذلك على وجه التحديد بسبب قضية الهجرة هذه”.
بدوره، قال مصدر دبلوماسي غربي آخر إن “قرار قادة نيامي يظهر أنهم ببساطة تخلوا عن أي فكرة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، لأن العودة ستكون صعبة للغاية بعد إلغاء القانون، وقد أظهروا أنهم اختاروا أن يديروا ظهورهم للأوروبيين كما فعل الماليون”.
وأفادت “لوموند” أنّ المواجهة جارية بين النيجر والاتحاد الأوروبي بشأن قضية الهجرة، بعد أن صَعّد المجلس العسكري الناتج عن انقلاب يوليو في نيامي من حدة التوتر يوم الاثنين الماضي، من خلال إلغاء قانون يعود تاريخه إلى العام 2015 يعاقب الاتجار بالمهاجرين.
ووفق مبررات النظام العسكري في النيجر، فإنّ القانون تم تبنيه “تحت تأثير قوى أجنبية معينة”، وأنه “يضر بمصالح النيجر ومواطنيها”.
ومن المتوقع أن يكون لهذا الإعلان صدى أكبر في بروكسل حيث تحتل الدولة الواقعة في منطقة الساحل مكانا إستراتيجيا على طرق الهجرة في القارة الأفريقية بصفتها ممر عبور بارزا للمهاجرين نحو ليبيا، ومنصة انطلاق – إلى جانب تونس – نحو إيطاليا.
ولفت التقرير الفرنسي إلى أنّ قرار السلطات العسكرية الحاكمة في النيجر يأتي في أسوأ وقت بالنسبة إلى الأوروبيين، إذ يكافحون من أجل توحيد مواقفهم في مواجهة موجة الوافدين الجديدة التي تؤثر على إيطاليا.
وفي الفترة الممتدّة من الأول من يناير إلى الـ26 من نوفمبر الجاري، بلغ عدد المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى السواحل الأوروبية 151 ألفا و312 شخصا، بزيادة قدرها 61 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022، وهذه الزيادة غير مسبوقة منذ أزمة الهجرة في 2015 – 2016، وفقا للجريدة الفرنسية.
القانون ينص على عقوبة السجن من سنة إلى 30 عامًا وغرامات مالية تتراوح بين 4500 و45000 يورو بحق المهربين
والثلاثاء، قالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية السويدية إيلفا يوهانسون إنها “قلقة للغاية” إزاء هذا التحول في موقف النيجر، و”يبدو أن هذا القرار يأتي ردا على تصلب الاتحاد الأوروبي أخيرا في التعامل مع الانقلابيين”.
وأضافت “هناك خطر كبير أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الوفيات في الصحراء، وتلك هي النقطة الأكثر إثارة للقلق”، موضحة أن ذلك من شأنه “على الأرجح” أن يدفع بالمزيد من المهاجرين للتوجه إلى ليبيا و”محاولة عبور البحر الأبيض المتوسط” إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وفي 23 نوفمبر أدان برلمان ستراسبورغ بشدة الانقلاب في نيامي بعد شهر من اعتماد المجلس الأوروبي إطارا من التدابير التقييدية، ما يمهد الطريق لعقوبات مستقبلية.
وكانت النيجر التي تستضيف العديد من المهاجرين واللاجئين من البلدان المجاورة، تعتبر شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في إدارة تدفق المهاجرين وتحقيق الاستقرار في المنطقة.