توجه إعلامي دولي لتغطية متوازنة تنصف المغرب وحقوقه في صحرائه
تتزايد المنصات الإعلامية الدولية التي تلتزم بتغطية موضوعية وعادلة لأحداث الصحراء المغربية، وهو ما يثير استياء جبهة بوليساريو الانفصالية ومن ورائها الجزائر التي تشن حملات ممنهجة على المغرب عبر أذرعها الإعلامية.
انتقدت جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر سياسة مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية الألمانية، بسبب تغطيتها في أحد برامجها للأوضاع في الصحراء المغربية بعد الاعتداءات التي طالت أحياء سكنية في مدينة السمارة، وذلك بالتزامن مع اتجاه العديد من القنوات الإعلامية الدولية لنشر خريطة المغرب كاملة مع صحرائه ما يثير غضب الانفصاليين.
ولا تتعامل الصحافة الدولية مع موضوع الصحراء كمجال للبحث بل تتعامل معه كحدث، حيث تناولت القناة الألمانية القضية ضمن سياقها الطبيعي المتمثل بأن انتماء مدينة السمارة غير خاضع للنقاش والجدل.
وقالت الجبهة عبر ما يسمى “ممثليتها في ألمانيا”، إنها “تشعر ببالغ القلق تجاه التقرير التلفزيوني الذي أعدته الشبكة الألمانية مؤخرا بخصوص مدينة السمارة، وبشكل عام من جل التقارير التي تعدها شبكة دويتشه فيله حول قضية الصحراء”.
واعتبرت الممثلية المزعومة أن “المؤسسة الألمانية كانت تسعى للتحيز إلى الجانب المغربي، من خلال وصفها في البرنامج مدينة السمارة على أنها مغربية”.
وسائل إعلام دولية عديدة بما فيها فرنسية تتخلى عن الأطروحة الانفصالية بالاعتماد على نشر خريطة المملكة كاملة
ويفتح المغرب أبوابه للصحافيين من كافة أنحاء العالم لزيارة أقاليمه الجنوبية في الصحراء، ويكفل حرية الصحافة لكن ضمن الالتزام بالنشاط المهني الصحافي والمعايير الدولية التي تحكمه، لا أن يذهب ممثلو وسائل الإعلام لممارسة نشاط سياسي يميل إلى هذا الطرف أو ذاك، وهذه التقاليد الصحافية معروفة في كل العالم ولا تتعلق بالمغرب فقط.
وتناول بيان بوليساريو الغاضب من دويتشه فيله، برامج المؤسسة الألمانية وآخرها الذي كشف وجود تعاون عسكري بين الجبهة وإيران برعاية جزائرية، قائلا إن “أحد البرامج حاول فيه أحد الصحافيين إبراز علاقة بيننا وبين إيران دون تقديم أيّ أدلة”.
ودعت بوليساريو التي تتحكم في وسائل الإعلام بالمخيمات بدعم جزائري، مؤسسة دويتشه فيله الألمانية إلى “التحلي بالمهنية”، على أن تكون هذه المهنية تتماشى مع طرحها ونزعتها الانفصالية لضرب الوحدة الترابية للمملكة.
ويأتي غضب جبهة بوليساريو في سياق توجه إعلامي دولي للتخلي عن الأطروحة الانفصالية، إذ تسعى العديد من القنوات التلفزيونية إلى نشر خريطة المملكة كاملة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر وسائل إعلام كندية رسمية وإسبانية وألمانية وأميركية في نشراتها الإخبارية، في ما تسعى وسائل إعلام أخرى للكشف عن حقيقة النزاع والأوضاع المزرية في المخيمات.
وكان لافتا أن أظهرت القناة الخامسة التابعة للتلفزيون العمومي الفرنسي، خريطة المملكة المغربية كاملة، وذلك خلال تقرير حول منطقة مرزوكة الصحراوية.
وتعمد عدد من القنوات الفرنسية إلى بتر الأقاليم الجنوبية عن باقي خريطة المملكة، إلا أن اعتماد القناة الفرنسية الخامسة على الخريطة الكاملة للمغرب يؤشر على أن الحقيقة تتغلب على جميع المغالطات ومنها مغالطات وسائل الإعلام، مع إمكانية عودة المنابر الفرنسية العمومية إلى جادة صوابها وتصحيح المسار المغلوط لخطها التحريري المعادي للوحدة الترابية للمملكة، بحسب ما أكد متابعون.
وتزامنا مع أحداث مدينة السمارة التي شهدت حالة وفاة واحدة وثلاثة إصابات متفاوتة، توكد الجبهة الانفصالية تبنيها للهجوم الإرهابي، سواء من خلال التصريحات المتفرقة لقيادييها، أو الارتباك الحاصل في دعايتها الإعلامية المدعومة من النظام الجزائري، وأخيرا من خلال انتقادها للصحف الأجنبية في تغطيتها لهذه الاعتداءات.
وقال محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إن “ما تقوله الجبهة لا يتعدى أن يكون مرافعة سياسية لم تستطع من خلالها نبذ الاتهامات الموجهة إليها في علاقتها بإيران”.
وأضاف عبدالفتاح، أن “الاتهامات الموجهة إلى بوليساريو تتصاعد من خلال العديد من التقارير الدولية التي تبين وجود تعاون جزائري – إيراني لتوظيف الجبهة ضد المملكة المغربية”.
واعتبر أن “هناك تقاطعا واضحا في الأجندة بين الجزائر وإيران بخصوص المنطقة، إذ يوفر قصر المرادية غطاء آمنا لتحرك الجبهات الإرهابية المسلحة والتابعة لإيران في منطقة الساحل”.
وتابع أن “طهران تحاول تحقيق إنزال سياسي دبلوماسي وثقافي في هذه المنطقة، من خلال استهداف الأمن الروحي للبلدان المغاربية، عبر السعي لنشر المذهب الشيعي، واستغلال هذا العامل الديني والثقافي والاقتصادي كحصان طروادة في محاول لاختراق هذه البلدان، وضرب أمنها واستقرارها بتوظيف ميليشيات مسلحة انفصالية”.
وشدد على أن “إيران تعول على جبهة بوليساريو من أجل ضرب استقرار المملكة المغربية، عبر خلق تيار حوثي جديد في المنطقة”.
ويؤكد محللون أن هذه الأهداف لا تتحقق إلى من خلال الحشد الإعلامي الذي تمارسه الجزائر عبر منصاتها المتعددة والمنابر التابعة لبوليساريو.
ويرى هؤلاء أن غالبية التغطيات الإعلامية لملف الصحراء المغربية تنسجم مع الخط التحريري لمعظم وسائل الإعلام وتتأرجح بين الحياد أو الدفاع عن مصالح جيواستراتيجية للمتحكمين في مقاليد تسييرها، وهو ما تفعله وسائل الإعلام الجزائرية التي تمارس تحريضا منظما وممنهجا ضد المغرب بهذا الشأن، ودعم أعمى لبوليساريو إمعانا بنشر الفوضى وضرب الاستقرار في المملكة.
ولا تكتفي السلطات الجزائرية بذلك بل كثيرا ما أوعزت لإعلامها بشن هجمات على الإعلام الدولي الذي يقر بحق المغرب في صحرائه، بالإضافة إلى تقديم الدعم للمنصات التابعة للجبهة الانفصالية والحشد وراءها. وقد تم كشف هذا النهج عبر رسالة مسرّبة مؤخرا في الجزائر.
بوليساريو التي تتحكم في وسائل الإعلام بالمخيمات بدعم جزائري تدعو مؤسسة دويتشه فيله الألمانية إلى “التحلي بالمهنية” على أن تكون هذه المهنية تتماشى مع نزعتها الانفصالية لضرب الوحدة الترابية للمملكة
وسرّبت مصادر خاصة رسالة وزّعتها مديرية وسائل الإعلام لدى وزارة الاتصال الجزائرية على الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية تدعوها إلى حضور أنشطة تعني جبهة بوليساريو وما تسميه جمهوريتها. وتروّج الجزائر عبر وسائل إعلامها لأطروحة بوليساريو بأن قضية الصحراء المغربية قضية “تصفية استعمار” وتسوق لـ”حق تقرير المصير”.
ويقول مراقبون إن الرسالة المسرّبة دليل وإثبات جديد على زيف المزاعم الجزائرية بأنها ليست طرفا في النزاع حول الصحراء المغربية.
ومؤخرا كشف الصحافي الجزائري وليد كبير أن سلطات بلاده تصرف أموالا طائلة على الدعاية الإعلامية الموجهة ضد المغرب بهدف صرْف الرأي العام الجزائري عن المشاكل الداخلية، من خلال الدعاية بأن المغرب عدوّ للجزائر ويشكل خطرا عليها.
وأوضح الصحافي الجزائري في مداخلة له في ندوة على هامش الدورة الثالثة لجائزة “واد نون” الوطنية الكبرى للصحافة والإعلام، أن النظام الجزائري بسبب فقدانه الشرعية كثّف مناوراته لاستغلال ملف الصحراء بعد الحراك الذي شهدته الجزائر سنة 2019 “لتوجيه الرأي العام الجزائري والترويج بأن المغرب عدوّ يجب مواجهته والتصدي له”.
وتابع في مداخلته التي تناول فيها موضوع “الإعلام الموالي للنظام الجزائري وحربه الخاسرة في الصحراء المغربية” أن الإعلام الجزائري يتعاطى مع ملف الصحراء المغربية بحساسية كبيرة، وأنه لا يستطيع التطرق إلى هذا الموضوع إلا تحت رقابة المخابرات وتوجيهاتها.
وبالتوازي مع التوجيهات لوسائل الإعلام للتركيز على هذا الملف، ينشط السياسيون الجزائريون في المناسبات الدولية للترويج لجبهة بوليساريو.