منع المسلسلات المدبلجة بالمغرب يعزز حضور الإنتاج التلفزي المحلي
وزير الثقافة المغربي يستجيب لرغبات المشاهدين المغاربة بإلغاء برنامج الكاميرا الخفية في موسم رمضان القادم.
أثار منع وزارة الشباب والثقافة والتواصل بث المسلسلات المدبلجة على القنوات التلفزية العمومية، خلال الساعات القليلة الماضية، جدلا واسعا عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلن وزير الثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد عن ذلك في رده الأربعاء على أسئلة المستشارين في لجنة الشؤون الاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصال، قائلا إن الوزارة تتجه نحو منع بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة بالقنوات التلفزية العمومية بحيث لم تعد القناة الأولى تبث هذه المسلسلات.
وتستهدف الوزارة تشجيع الإنتاج المحلي ضمن سياسة عامة تروم إعطاء الأولوية لكل ما هو محلي على طريق تعزيز علامة “صنع في المغرب” التي لم تعد تقتصر على قطاع دون غيره في سياق تحولات ضخمة تشهدها المملكة.
ويُشير توجه وزارة الثقافة المغربية إلى منع بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة بالقنوات التلفزية العمومية إلى انتقال الوزارة إلى مرحلة جديدة، بينما يبقى القرار المثير للجدل هو إعلان بنسعيد أن الكاميرا الخفية سيتم إيقافها اعتبارا من شهر رمضان القادم بسبب ما تعرضت له من انتقادات حادة من قبل الجمهور.
ويأتي القرار استجابة وانسجاما مع حالة الرفض التي ظل يعبر عنها المشاهد المغربي اتجاه ما يسمى بالكاميرا الخفية والمسلسلات المدبلجة.
وسلط المغاربة الضوء على إعلان بنسعيد عبر مختلف منصات المواقع الاجتماعية بين مثمنا له ولأهميته وبين مستهجنا له ولتبعاته على القطاع.
واعتبر معلقون بينهم سياسيون أن بنسعيد يُحدث ثورة في التلفزيون المغربي، حيث قال العضو بحزب التجمع الوطني للأحرار ياسر الوادي العلوي على حسابه بفيسبوك إن “وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد يحدث ثورة في التلفزيون المغربي بمنع المسلسلات المدبلجة الأجنبية والكاميرا الخفية”.
وبارك حساب يدعى “المغرب أولا” على منصة إكس قرار إيقاف الكاميرا الخفية، حيث قال في تغريدة “هرمنا من أجل هاته اللحظة”.
ويفتح قرار بنسعيد الباب للمنتجين والفاعلين في قطاع الثقافة للتركيز على الإنتاج المحلي السينمائي والتلفزي حصرا.
وبقدر ما يعتبر القرار دعما للإنتاج المحلي وللتنافسية بقدر ما يطرح تساؤلات حول قدرة المنتجين المحليين على تقديم إنتاج بالكيفية والجودة المطلوبة التي تلبي شغف الجمهور المغربي خاصة في شهر رمضان وما إذا كان الإنتاج المحلي سيكون متوفرا على مدار المواسم الثقافية ويملأ الشغور الذي سيخلفه الاستغناء عن بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة.
وشكك بعض النشطاء المغاربة بالمواقع الاجتماعية في القدرات المحلية على تقديم مسلسلات مغربية تحمل روح دراما الزمن الجميل.
كما أن بين النشطاء من لفت إلى تبعات قرار الوزارة على العاملين في مجال الدبلجة من مؤديي الأصوات إلى مهندسي الصوت.
وكتب الإعلامي الرياضي مهدي دعلوس (Mehdi Daalous) عبر صفحته بفيسبوك تدوينة قال فيها “حسب ما يروج من أخبار، فقد قررت وزارة الثقافة القطع مع المسلسلات المدبلجة بهدف تشجيع المنتوج المحلي، والتوجه صار واضح مع تحفيز الإنتاجات المغربية، بمعنى أننا ولينا كنشوفو مسلسلات تنتج حتى خارج رمضان (صرنا نشاهد مسلسلات يتم إنتاجها خارج رمضان)، وهادي حاجة مزيانة (وهذا أمر جيد) لتطوير الصناعة السمعية البصرية في المغرب، ولكن.. واش وزارة الثقافة فكرت في الناس لي تتمعش من سوق الدبلجة في المغرب؟؟ (هل فكرت وزارة الثقافة في المستنفعين من سوق الدبلجة في المغرب؟).. وحديثي هنا عن مؤديي الأصوات ومهندسي الصوت و و و…لأنهم ناس فاتحين بيوت”.
وأشار بنسعيد في رده الأربعاء على أسئلة المستشارين في لجنة الشؤون الاجتماعية والتعليم والثقافة والاتصال، إلى أنه تم تقليص نسبة بث المسلسلات الأجنبية المدبلجة على مستوى القناة الثانية “دوزيم” إلى 6 في المئة، وذلك بهدف تشجيع وتطوير السينما الوطنية.
وكان مسؤول بوزارة الثقافة والتواصل قد كشف قبلها عن توجه لدعم الإنتاج الوطني ومنحه الأولوية من خلال سياسة مشتركة بين الوزارة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، سيتم بموجبها الاستغناء عن بث المسلسلات المدبلجة على القناة الأولى وتعويضها بالإنتاجات الوطنية.
وعلى ضوء ما تم الإعلان عنه انتشرت على المواقع الاجتماعية أخبار تؤكد منع بث المسلسلات المدبلجة على القنوات العمومية، ولرفع اللبس كما نعتته صفحة تحمل اسم “بالعربية Le360” على حسابيها بتويتر وفيسبوك، قالت موضحة “كشف مصدر من وزارة الثقافة أنه ليس هناك أي قرار منع بمفهومه الإداري، بل هناك فقط توجه جديد بموجبه تم الاستغناء عن بث المسلسلات المدبلجة على القناة الأولى وتعويضها بالإنتاجات الوطنية”.
وأضاف “هذا ما قاله بنسعيد بالحرف (القناة الأولى توقفت عن بث المسلسلات المدبلجة، وقناة دوزيم تبثها بنسبة 6 في المئة والكاميرا خفية توقفت بشكل نهائي)”.
ويأتي القرار الحكومي الجديد لتعزيز الهوية الوطنية في إطار تصور جديد للإعلام العمومي، لاسيما أن الإنتاجات الدرامية التركية المدبلجة على وجه الخصوص لا تزال تحظى باهتمام المشاهدين المغاربة، وتستقطب نسب مشاهدة عالية خلال عرضها عبر القنوات الوطنية ما يشكل منافسة شرسة مع الإنتاجات الدرامية المغربية.