سفارة المملكة المغربية ببروكسيل تحتفل بذكرى الثامنة و الستين لعيد الاستقلال
بوشعيب البازي
أقامت سفارة المغرب ببلجيكا، مساء اليوم السبت، حفلا بهيجا تخليدا للذكرى الثامنة والستين لعيدالاستقلال المجيد، حضره العديد من الشخصيات السياسية البلجيكية و حشد غفير من أفراد الجالية المغربية المقيمة ببلجيكا .
وشهد هذا الحفل استحضار كل معاني ودلالات هذه الذكرى لدى الشعب المغربي قاطبة، لما تحمله من دروس و قيم و عبر، ولما تجسده من روح الكفاح الوطني و التضحية في سبيل الوطن، وكذا من حمولات تاريخية و ملحمية نظرا لسياقها التاريخي و الاجتماعي.
وعبر الحاضرون عن اعتزازهم وافتخارهم بإحياء الذكرى الثامنة والستين لعيد الاستقلال، مجددين التأكيد على تجندهم وراء جلالة الملك للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
وقال سفير المغرب ببلجيكا و ذوقية اللكسمبورغ السيد محمد عامر ، في كلمة بالمناسبة، إن ذكرى عيد الاستقلال تشكل مناسبة غالية بالنسبة للشعب المغربي، لما لها من رمزية وطنية عميقة ودلالة تاريخية استثنائية تجسد الشعور المتجذر لدى المغاربة في التمسك بعراقة هويتهم وأصالتهم الحضارية ودفاعهم المستميت على حرمة واستقلال وطنهم.
وأضاف أن هذه الذكرى تجسد أيضا أسمى مظاهر التلاحم التي تجمع بين العرش والشعب وبرهانا على العهد الوثيق بينهما من أجل السير قدما نحو تحقيق النمو و الإزدهار في مختلف المجالات.
وذكر الدبلوماسي المغربي بأن عهد الاستقلال شكل لحظة قوية للوفاء بالعهد والشروع في إرساء دعائم الدولة الحديثة وبناء مؤسساتها الدستورية بتبصر وحنكة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني رفيق والده المنعم في الكفاح، بما في ذلك إحياء الإشعاع الدبلوماسي للمغرب واستكمال الوحدة الترابية للمملكة باسترجاع الأقاليم الجنوبية.
وأشار السيد عامر إلى أن المغرب أضحى اليوم في ظل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يعيش على إيقاع إصلاحات متقدمة ودينامية تنموية طموحة مكنت المملكة من كسب رهانات التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة، وبناء مغرب حداثي ومتطور ومنفتح على العالم، بدءا بانتمائه المغاربي وفضائه المتوسطي وعمقه الإفريقي.
وأشار السفير، خلال كلمة ألقاها بهذه المناسبة، إلى حقيقتين أساسيتين ساهمتا في تشكيل المغرب بشكل عميق خلال العقود السبعة الماضية، مما جعله بلدا مميزا واستثناء في محيطه الإقليمي. الحدث الرئيسي الأول يكمن في التعايش الفريد بين الملك والشعب المغربي والذي اكتسب زخما غير مسبوق في فترة نضاله من أجل الاستقلال. وهذا الزخم نفسه سمح للملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، بإطلاق المسيرة الخضراء في 6 نوفمبر 1975. وكان نفس هذا التعايش الذي يوحد الملكية مع الشعب المغربي أيضا في قلب المسيرة الجديدة. مسيرة التحديث والتطوير للبلاد، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمناسبة اعتلائه العرش.
الحقيقة الرئيسية الثانية التي يذكرها يوم الاستقلال هذا هي ما يتعلق بالخيارات السياسية (التعددية الحزبية)، والاقتصادية (اقتصاد السوق)، والثقافية (الانفتاح على العالم) التي تم اعتمادها بعد حصول بلادنا على استقلالها. هذه الاختيارات هي التي تجعل من المغرب اليوم بلدا يتمتع باستقرار سياسي ومؤسساتي ملحوظ، وتنمية اقتصادية واعدة مع إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة، تهدف إلى التوزيع العادل لثمار التقدم وتقليص الفوارق الاجتماعية والترابية.
كما ذكر السفير بتميز العلاقات التي تجمع المغرب وبلجيكا على المستوى الإنساني والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي. ويتجلى ذلك في الزيارات المتعددة رفيعة المستوى التي تمت في الأشهر الأخيرة والزخم الاقتصادي القوي الجاري.
وتعد هذه الذكرى المجيدة (18 نونبر من كل سنة) من أبرز المنعطفات التاريخية التي طبعت مسار المملكة، ومن أغلى الملاحم الوطنية الراسخة في قلوب المغاربة، لما تحمله من دلالات عميقة ودروس بليغة وبطولات عظيمة وتضحيات جسام وأمجاد تاريخية خالدة.
وتحل ذكرى عيد الاستقلال، كلحظة تاريخية للتأمل والتدبر في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، في سياق نضالي شامل ومتكامل يشج أواصر العروة الوثقى بين العرش والشعب، ويعزز العهد الوثيق القائم بينهما،للمضي قدما على درب تحقيق النمو والازدهار في كل المجالات وبلوغ المملكة المكانة التي تستحقها بين دول العالم.
وكثيرة هي المعارك البطولية والانتفاضات الشعبية التي خاضها أبناء الشعب المغربيبكافة ربوع المملكة في مواجهة الوجود الأجنبي والتسلط الاستعماري. ومن تلك البطولات، معارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان وانتفاضة قبائل آيت باعمران والأقاليم الجنوبية وغيرها من المحطات التاريخية التي لقن فيها المقاومون للقوات الاستعمارية دروسا رائعة في الصمود والتضحية.
ومن أبرز المحطات التاريخية التي طبعت مسار الكفاح الوطني الزيارة التاريخية التي قام بها بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة يوم 9 أبريل 1947، تأكيدا على تشبث المغرب، ملكا وشعبا، بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته.
ومن المؤكد أن الاحتفال بعيد الاستقلال يمثل لحظة للقيام بوقفة تأملية تستحضر تاريخ المغرب الغني بالأمجاد و بالمحطات المشرقة من أجل الذود عن مقدسات البلاد، ومناسبة لاستلهام ما تزخر به هذه الذكرى من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة الشاملة،وزرع روح المواطنة، وتحصين المكاسب الديمقراطية، ومواصلة مسيرة الجهاد الأكبر،وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية للمغرب، وربط الماضي التليد بالحاضر المجيد والمستقبل الواعد.