المغرب متمسك بالتنقيب عن الغاز في حدود البحرية على مستوى المحيط الأطلسي
أكد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الشؤون الخارجية في حكومة تصريف الأعمال الإسبانية، أن “المغرب شريك استراتيجي لإسبانيا”، وذلك في معرض رده على سلطات إقليم الكناري بعد “الجدل الذي أثير بخصوص مشروع التنقيب المغربي عن الغاز في الأطلسي”.
ويعول المغرب على حقل “أنشوا” البحري في المحيط الأطلسي، لتلبية احتياجاته من الغاز الطبيعي في المستقبل القريب.
وقال ألباريس أن جميع القرارات المتخذة في سبيل تحديد الحدود البحرية على مستوى المحيط الأطلسي ستكون على “أساس الصداقة وبالطبع على أساس ضمان مصالح إسبانيا وجزر الكناري”.
وذكرت وكالة “أوروبا بريس”، أن القلق الذي أبداه تحالف كناريا القومي “سي.سي” جاء عقب خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بشأن التنقيب عن الموارد الطبيعية قبالة سواحله في المحيط الأطلسي؛ حيث طالبت كريستينا فاليدو النائبة عن تحالف الكناري القومي بمجلس النواب الإسباني، ألباريس بـ”إجابات” تقتضي “أقصى درجات الشفافية”، محذرة من “المساس بمصالح جزر الكناري”.
واستفسرت النائبة في سؤال وجهته إلى وزير خارجية إسبانيا، عما إذا كانت خطط المغرب للتنقيب عن النفط “ستتم في المياه الإقليمية القريبة من الجزر”، رافضة صمت حكومة مدريد حيال قضية تتعلق مباشرة بـ”مستقبل الجزر وتمس بحاضرها”.
كما طالبت بعدم خندقة جزر الكناري “خارج العلاقات الثنائية بين مدريد والرباط”، وضمان طرح هذه “النقطة الحساسة” مع “اللجان المشتركة بين البلدين”.
ودعا الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى الـ 48 “للمسيرة الخضراء” إلى ضرورة التنقيب عن الموارد الطبيعية بعرض المحيط الأطلسي المقابل للصحراء المغربية، بغرض تحويلها إلى “وجهة سياحية حقيقية”، وبناء أسطول بحري تنافسي من شأنه تحريك عجلة التنمية لتشمل ليس فقط الأقاليم الجنوبية لكن أيضا الدول الأفريقية، بما فيها التي تُعاني ويلات الحروب والانقسامات.
واعتبر نبيل دريوش، المتخصص في الشأن المغربي الإسباني، أن “مسألة الحدود البحرية مع المغرب كانت تثير دائما النقاش داخل الوسط السياسي في إقليم جزر الكناري، الذي يتمتع بالحكم الذاتي في إسبانيا”، موضحا أن “إعلان الملك عن مخطط التنقيب عن الغاز استنفر فعليا هذه السلطات الخاضعة للحكم الإسباني المركزي”؛ ولكن كما جاء في سؤال البرلمانية فإن “هناك لجنة مشتركة مغربية إسبانية تشتغل على هذا الموضوع المتعلق بالحدود البحرية”.
وسجل دريوش في تصريح صحفي، أن “المغرب حريص على الموضوع وقد أثاره الملك محمد السادس في خطاب ثورة الملك والشعب في 20 أغسطس/آب 2021 في ذروة الأزمة بين المغرب وإسبانيا، إذ أكد على ضرورة “تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا تقوم على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات”؛ وهو ما يؤكد التوافق على الملف الخاص بالحدود البحرية وإدراجه في خارطة الطريق بين البلدين بعد زيارة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز للمغرب”.
وأعلنت شركة شاريوت البريطانية للطاقة، مطلع العام الماضي 2022، كشفا بحريا للغاز الطبيعي قبالة السواحل المغربية. وقالت إنها حققت نتائج إيجابية من عمليات الحفر بحقل أنشوا قبالة ساحل مدينة العرائش على واجهة البحر الأطلسي. وتوقعت أن يفوق احتياطي الحقل المكتشف تريليون قدم مكعبة.
وأضاف المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، أن “إثارة الملك للواجهة الأطلسيّة واهتمامه بها في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء أثار ربما بعض القلق في أرخبيل كناريا؛ وهذا التوقيت الذي تحفظت فيه سلطات إقليم كناريا ليس مصادفة بل محاولة لإثارة الموضوع لجس النبض ومعرفة نوايا المغرب الحقيقية في هذا الجانب”، معتبرا أن “جواب ألباريس جاء ضمن خارطة الطريق سالفة الذكر؛ لأن الحكومة المركزية لا تستطيع إثارة الموضوع خارجها”.
ويدخل التنقيب عن الموارد في عرض المحيط، في إطار استغلال الموارد الطبيعية واستثمارها من أجل تنمية هذه الأقاليم و تأهيل البنية التحتية في هذه المناطق كلها، وهو ما يتطلب ميزانيات كبيرة.
وأكد دريوش أن “جزر الكناري تابعة للحكومة المركزية ومسألة الحدود هي ليست من اختصاص حكومة إقليمية.. ووفقا للصلاحيات الممنوحة للكناري في إطار الحكم الذاتي، فالدستور لا يعطي للحكومات الجهوية حق الحسم في مسألة الحدود، بما هي نطاق يدخل في اختصاصات وزارة الخارجية”، ومبدئيا وقانونيا “لا يمكن تحديد الحدود البحرية إلا بتوافق بين الدولتين المغربية والإسبانية وإبلاغ المنظمات الدولية”.
وتابع نبيل دريوش “المغرب وإسبانيا موقعان على اتفاقية القانون الدولي للبحار التي تعود إلى سنة 1982، والمغرب وقع عليها سنة 2007″، مسجلا أن “هناك نقاشا قديما حول الحدود البحرية في هذه المنطقة؛ ولكن مراسلة النائبة تبقى شأنا داخليا والمغرب ليس معنيا به مباشرة”، وتابع أن الرباط تتعامل حصريا مع مدريد؛ لكن الشاهد الآن هو خارطة الطريق التي تؤكد في أحد البنود أن موضوع الحدود البحرية سيكون موضوع دراسة ومفاوضات بين البلدين؛ والمغرب متمسك بمصالحه.
وأكد أنه “إذا توافق المغرب وإسبانيا رسميا بعد الدراسات التي تجرى من طرف اللجنة الثنائية التي أوكل لها البلدان القيام بها، فلن يعترض المنظم الدولي ولن تتدخل فيه كثيرا المنظمات الأممية، باعتبار أن الأطراف المعنية به متفقة؛ لكنها ستقوم بملاحظة بعض التفاصيل الشّكلية والتّقنية”، مؤكدا أن “هذا هو الشكل الذي صارت تتخذه العلاقة بين المغرب وإسبانيا منذ دعم الأخيرة لمقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب كحل واقعي لنزاع الصحراء المفتعل”.
وتوسّعت في السنوات الأخيرة أنشطة الاستكشاف والتنقيب عن الموارد، التي يعتقد أن البلاد تتوفر عليها، خاصة من الصخر الزيتي، الذي يُعد من أحد المصادر الواعدة لإنتاج الوقود الأحفوري غير التقليدي.