استياء أممي متزايد لدور الجزائر التخريبي لعرقلة تسوية سلمية للنزاع في الصحراء
تزداد القناعة السائدة في الأمم المتحدة بالحل الذي تطرحه الرباط في قضية الصحراء المغربية، في ظل الكشف عن دور جزائري سلبي للغاية لإجهاض أي حل سياسي، ودعمها لاعتداءات جبهة البوليساريو المتكررة.
ورصد معهد “ستراتفور” الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية وجود امتعاض أممي من الأدوار التي أصبحت تقوم بها الجزائر في قضية الصحراء المغربية، مقابل تزايد الدعم الدولي لمخطط الحكم الذاتي، وبرز ذلك واضحا مع تصعيد العمليات العدائية لجبهة البوليساريو الانفصالية بدعم مباشر من الجزائر حيث أعلنت مساء الأحد مسؤوليتها عن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة السمارة بالصحراء المغربية بمقذوفات أسفرت عن مقتل مدني وإصابة آخرين.
وفي تطور دولي لافت وتحول مهم في مسار النزاع لصالح المغرب توجه أعضاء من البعثة الأممية الى موقع الهجوم لمعاينة ورصد وتحليل آثار الهجوم وتقديم تقرير نهائي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في خطوة تشير إلى اهتمام دولي واسع بالوقوف على طبيعة ما يجري في الصحراء المغربية وإثبات مسؤولية البوليساريو ومن خلفها الجزائر.
وذلك بالتوازي مع فتح السلطات القضائية المغربية تحقيقا حول مصدر الانفجارات الأربعة التي هزت مدينة سمارة ليلة- السبت وأسفرت عن مقتل شاب، وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين بجروح متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها الى مستشفى العيون لتلقي العلاج.
وتناول تقرير المعهد الأميركي بعنوان “استراتيجيات المغرب والجزائر المتطورة في الصحراء”، مقارنة مهمة بين السياسة المغربية البناءة والمثمرة والساعية لإحلال التنمية والازدهار وتحسين سبل العيش لسكان الأقاليم الجنوبية، وبين السياسة الجزائرية التي تنفذها عبر عصابة البوليساريو التي تعمل على تخريب جهود السلام وضرب البنية التحتية بالعمليات العدائية.
وأكد التقرير أن “المغرب يعتزم توسيع الاستثمارات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية، مقابل استراتيجية جزائرية للتقليل من دورها في نزاع الصحراء قصد الحفاظ على سمعة دبلوماسية في الخارج”.
لكن السمعة الدبلوماسية التي تحاول الجزائر أن تحسنها، تأثرت سلبا بعد الكشف عن ممارستها ودعمها المعلن للجبهة الانفصالية وأهدافها التخريبية في الصحراء وضربها كل محاولات التنمية والبناء والنهوض بالمنطقة، في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية من قبل المغرب والبعثة الأممية للصحراء للدفع بحل سلمي ينهي النزاع المفتعل، إلى جانب الدفع بالتنمية الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية.
ولا يمكن متابعة ما يجري في هذا الملف من جانب سياسي فقط دون النظر إلى البعد الاقتصادي ودعم الاستثمارت، حيث جذبت الأقاليم الجنوبية كبريات الشركات العالمية للاستثمار في مجالات مختلفة، ولا تقتصر على العواصم الغربية فقط، بل تضم أيضا المعسكر الشرقي بقيادة الصين. خصوصا أن المغرب أقام بنية تحتية عالية الجودة بصحرائه، وضع مجموعة من المقومات الاقتصادية لجعل أقاليمه الجنوبية قبلة للاستثمارات الأجنبية. مثل “خط الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي، وبنية استثمارية منافسة، وذلك بهدف تحويل المنطقة إلى منصة صناعية تنافسية” في المستقبل القريب.
ويحسب للمغرب استراتيجيتها الاقتصادية في الانفتاح على جميع الشركاء الغربيين والشرقيين، مع وضع أرضية خصبة للاستثمار بأقاليمها الجنوبية، وهو ما يمكن أن يشكل انطلاقة لحشد دعم سياسي مضاعف لقضيتها الوطنية.
وأكد المعهد الأميركي أن “الاستثمارات الأجنبية بالصحراء المغربية ستعزز الموقف المغربي، وهذا الأمر سيكون واقعيا في ظل الدعم المتواصل للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي، وفتح دول عديدة تمثيلياتها القنصلية، في وقت يتوقع أن تواصل فيه جبهة البوليساريو شن هجمات للتشويش على هاته الاستثمارات، غير أنها ستكون محدودة بالنظر إلى الترسانة العسكرية القوية للقوات المسلحة الملكية”.
ويجري مجلس الأمن مداولات حول الصحراء المغربية، ومن المتوقع أن تتوج بتجديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام إضافي، وذلك في ظل إحباط أممي من أدوار جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ومن المقرر أن يصدر مجلس الأمن اليوم الاثنين قراره النهائي بخصوص مستقبل بعثة المينورسو والكشف عن الخلاصات المتعلقة بالمشاورات حول ملف الصحراء المغربية التي حظيت بخمس جلسات طوال شهر أكتوبر الجاري. وتأتي هذه المشاورات في أفق اعتماد قرار نهائي حول مهمة بعثة المينورسو، التي أوصى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بتمديدها لمدة عام.
وكان مجلس الأمن قد عقد منذ بداية الشهر الجاري مشاورات مغلقة حول قضية الصحراء المغربية، حيث تلقى أعضاء مجلس الأمن إحاطة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء ورئيس بعثة المينورسو، ألكسندر إيفانكو.
وخلال هذه المشاورات، استمع أعضاء مجلس الأمن إلى إحاطة المسؤولين الأمميين، على ضوء التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة حول قضية الصحراء المغربية، والذي أدان فيه على الخصوص، الانتهاكات والعراقيل المتكررة التي تفرضها البوليساريو على حرية حركة المينورسو وأنشطتها العملياتية واللوجستية.
كما رصد تدهور وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف بالجزائر، واستمرار التجاوزات والانتهاكات واستغلال “البوليساريو” لحقوق السكان المحتجزة في هذه المخيمات، لا سيما الحق في حرية التعبير والتنقل.
وجدد التأكيد في تقريره، على أسس العملية السلمية الأممية، كما نص عليها مجلس الأمن في كافة قراراته منذ 2018، مشيرا إلى أن التوصل إلى حل لهذا النزاع يعد ممكنا شريطة انخراط “جميع الأطراف المعنية”، وخاصة الجزائر، بحسن نية وواقعية وبروح من التوافق، في جهود التيسير التي يقودها مبعوثه الشخصي، في استمرارية لدينامية اجتماعات الموائد المستديرة التي أطلقها سلفه.
ورغم أن ملف النزاع المفتعل حول الصحراء ظل على أجندة الأمم المتحدة لما يزيد عن ستة عقود، إلا أنها لم تنجح في الخروج بوصفة من شأنها ردم الهوة بين أطراف النزاع، وتمهد بالتالي الطريق نحو التوصل إلى حل متوافق عليه، في حين تزداد القناعة داخل المجلس يوما بعد يوم أن المسؤول عن العرقلة هي جبهة البوليساريو بعد قراءة خطاباتها وداعمي أطروحتها الانفصالية.
ويتلاقي تقرير الأمم المتحدة مع نظيره تقرير المعهد الأميركي الذي يقول أنه في ظل تراجع أطروحة “تقرير المصير عبر الاستفتاء”، أن هناك “عرقلة لإجراء استفتاء في المنطقة يتزامن مع مد دولي واسع لمخطط الحكم الذاتي المغربي لسنة 2007”.