عباس العاجز لن يكون البديل بعد رحيل حماس
يتصاعد الغضب الشعبي في الضفة الغربية ضد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس على وقع الأحداث في قطاع غزة، وهو ما يقلل من فرص توليه السلطة بدلا عن حماس في غزة.
وخرجت تظاهرات تضامنية خلال الأيام الماضية مطالبة برحيل رئيس السلطة الفلسطينية بعد انتقادات وجهها لحماس.
ونشرت وكالة أنباء “وفا” الرسمية الفلسطينية الأسبوع الماضي تصريحا لعباس أثار انتقادات وقال فيه إن سياسات وأفعال حماس “لا تمثل الشعب الفلسطيني”، قبل أن يتمّ حذف هذه التصريحات.
وكان عباس أدان قتل المدنيين من الطرفين قبل لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمان الأسبوع الماضي.
إسرائيل ستكون أمام مأزق بعد وقف الحرب، فلا مصر ستقبل بإدارة القطاع مرة أخرى، ولا الأمم المتحدة تقدر على ذلك
وقال القيادي الفلسطيني في تيار الإصلاح بحركة فتح الدكتور أيمن الرقب إن أبا مازن سيكون عاجزا سياسيا عن تسلم مسؤولية قطاع غزة عقب قيام الاحتلال بتدمير غالبية مبانيه وشل الحياة فيه، وهو ما يحتاج إلى جهود كبيرة لإعادة الإعمار قد تستغرق وقتا طويلا، ولا توجد جهة يمكن أن تتحمل تكاليف عودة الحياة إليه مرة أخرى.
وأضاف أن الرئيس الفلسطيني لن يستطيع دخول غزة على ظهر الدبابات والطائرات الإسرائيلية، فهذا عار عليه، لن يقبل الشعب به أيضا، وهو شخصيا لن يتحمل هذه المسؤولية، بل لا يُوجد مواطن فلسطيني في حالة إعادة احتلال إسرائيل للقطاع سوف يغامر بالقيام بهذه المهمة الدقيقة، خاصة إذا نجحت قوات الاحتلال في كسر أذرع المقاومة الفلسطينية وتدميرها في غزة.
وأشار إلى أن إسرائيل أمام مأزق حاد بشأن إدارة غزة بعد وقف الحرب، فلا مصر تقبل بإدارة القطاع مرة أخرى، ولا الأمم المتحدة ستكون قادرة على القيام بهذه المهمة.
وأكد أيمن الرقب أن رئيس تيار الإصلاح محمد دحلان لا يطمح إلى تولّي السلطة الفلسطينية، ولا يسعى إليها، ولن يكون أداة لتحقيق أهداف إسرائيل أو غيرها.
وكثّف الجيش الإسرائيلي الأحد قصفه الجوي على قطاع غزة وقال إن ذلك يأتي استعدادا للمرحلة التالية من الحرب، في إشارة إلى اقتراب تنفيذ وعيده بالتوغل البري في القطاع بعد مرور 16 يوما على الحرب.
وترى مصادر فلسطينية أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أسهمت عن عمد في تحطيم إرادة السلطة الوطنية معتقدة أن عدم السماح لرئيسها بممارسة دوره يصبّ في صالحها، لافتة إلى أن الاحتلال لعب دورا مهما في توسيع نطاق الهوة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وسعى إلى الاستفادة من الانقسامات الواسعة على الساحة الفلسطينية وتوظيفها أمنيا وسياسيا، باعتبار أن ذلك سيمكنه من السيطرة على مفاصل القرار.
وذكرت المصادر ذاتها أن تقويض السلطة الفلسطينية كان أحد الأخطاء الإسرائيلية، وسيتعزز ذلك في المرحلة التالية لما بعد تدمير غزة، وسواء استمر أبومازن أم لا فإن الأوضاع في القطاع لن تعود كما تريدها إسرائيل مسالمة وتحت قبضتها، وسوف تواجه معضلة في تحديد الجهة التي تقوم بإدارتها ومعها المجتمع الدولي الذي شجعها على هدم مباني غزة على سكانها.
وتراجعت مكانة السلطة الفلسطينية التي انبثقت عن اتفاقات أوسلو في العام 1993 والتي كان من المفترض أن تعمل على قيام دولة فلسطينية.
وبعد مرور ثلاثين عاما على اتفاقات أوسلو، توسّع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية حيث ينفّذ الجيش الإسرائيلي بانتظام مداهمات دامية، وتتكرّر المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين، فيما تتمسك السلطة الفلسطينية بحل تفاوضي.
ويرى الباحث المتخصص في الأراضي الفلسطينية غزافييه غينيار أن المواجهات بين القوات الفلسطينية والمتظاهرين الذين رفع بعضهم أعلام حماس تؤشر على أن “السلطة الفلسطينية بنظر (المتظاهرين) باتت متماهية بصورة متزايدة، سواء من حيث عدم تحركها أو من حيث تنسيقها الأمني مع سياسة إسرائيل، بما في ذلك في أسوأ الأوقات كالوقت الراهن”.
وبحسب الباحث في معهد نوريا “ثمة حقا تنديد بأن عباس كان عاجزا عن الردّ بمستوى ما يجري في غزة، وهذه حقيقة جلية”.
وبالنسبة إلى هيو لوفات من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فإن السلطة “عالقة بين الرأي العام الفلسطيني وانتظارات الولايات المتحدة” ما أدى إلى “تجنبها اتخاذ موقف واضح”، مشيرا إلى أنها في وضع “تخسر فيه على جميع الجهات”.
ومنذ فترة تشهد الضفة الغربية، التي تحتلّها إسرائيل منذ عام 1967، تصاعدا في وتيرة أعمال العنف شمل عمليات عسكرية إسرائيلية متكرّرة ضدّ أهداف فلسطينية وتنفيذ فلسطينيين هجمات ضدّ إسرائيليين.
وبحسب لوفات فإنه “مع اتساع المزاج العام الفلسطيني الداعم للمقاومة المسلحة، تخاطر السلطة الفلسطينية بالانهيار إذا ظلت بعيدة عن الشارع الفلسطيني”.
وقال الشاب عمر الخطيب الذي شارك في تظاهرة دعما لغزة الجمعة “كما يواجه الناس الاستعمار في الداخل (داخل إسرائيل)، وكما المقاومة تواجه في غزة، لدينا نحن هذه السلطة نواجهها، لأنها ببساطة أداة الاستعمار التي تقمع الناس في الضفة”.
أما ثائر الشايب فيرى أن المطلوب من السلطة الفلسطينية أن “تدع الناس يقولون ما يرغبون في قوله على الأقل. نعلم قدرات السلطة الفلسطينية ولا نطلب منها الكثير. دعوا الناس يمثلوا أنفسهم كما يريدون”.