التضامن من قيم الشعب المغربي وسياسة الملك محمد السادس
عكس خطاب الملك محمد السادس في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي الانشغال العميق لقائد المشروع الإصلاحي والتَّحديثي للمغرب بالشَّأن الاجتماعي لتدبير وتوفير الكرامة في حياة مواطنيه، وهو انْشغال بواحد من أهمّ رَوَافع المسار التنموي المغربي لأن البُعد الاجتماعي أساسي في الطموح النهضوي المغربي، وهو القياس الملموس لمدى التقدم فيه، بل إنه غايته وبوْصلته.
اختصت الخطابات الملكية في افتتاح دورات البرلمان دائما بطرح قضايا وطنية، عبْر وقفات للملك محمد السادس بالتوْجيه والتقويم لحاجات المسار التنموي المغربي ومُتعلقاته ومنجزاته. خاطب المؤسسة التشريعية المغربية، وهي المَعْمَل الديمقراطي للقرار الوطني، وهو في ذلك حريص على المقتضيات الديمقراطية، بل إنه يصونها عبر إيلاء مؤسساتها التقدير الذي تستحقه، وهي تمثل الشعب المغربي، وتَتَموْقع فاعلة في المسار الديمقراطي الراسخ.
ولأن المسار الديمقراطي المغربي ليس مُجرد آليات لتحقيق التقدم الاجتماعي المغربي، بل إنه مَعْبَر هام للنهضة الحضارية المغربية، كان من المهم أن يُنوِّه الملك محمد السادس بعنصر القوة الأهم في قدرة المغرب على رفع تحديات الإنجازات التنموية وتحمُّل الصدمات ومن بينها تلك الطبيعية الخارجة عن السيطرة مثل الزلزال الذي دمَّر منطقة الحوز، وهو عنصر القيم المغربية الأصيلة.
تقوم النجاحات المادية في المسار النهضوي المغربي على الرأسمال اللاَّمادي المغربي المُفْعَم بقيم حضارية أصيلة، جامعة وموحِّدة للمغاربة، وقد تمت مأسستها دستوريا، تجسيدا لمحوَريتها في حياة المغاربة. وقد أجملها الملك محمد السادس في أبعادها الدينية والوطنية والتضامنية، وهي تتفاعل وتتكامل وتتعاضد لتظهر في شكل ممارسة دينية مَرِنة، منفتحة ومتسامحة، وفي اعْتزاز وطني فاعل، وفي حس تضامني سَخيّ ومنتج وإنساني.
◙ إنه الملك محمد السادس الذي يقود مسارا نهضويا وبنموذج تنموي ديناميكي، بتفكير شمولي بكل أبعاده وبكل روافعه ويسعى إلى تنزيله في واقع الوطن
تلك هي قوة المغرب، وتلك هي مميزات المغاربة، وقد برزت فاعلة في ما راكمه المغرب من منجزات وصيانة لوحدة ترابه وشعبه، وكانت فاعلة في تحمُّل صدمات الطوارئ الصحية والطبيعية، كما حدث في التغلُّب على وباء كوفيد، وكانت فعّالة في مواجهة تداعيات زلزال الحوز.
تحضر القيم المغربية في خلفية المنجزات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية، إنها ليست أمرا هيِّنا في ظل تراجع القيم في الواقع العالمي وضمور حضورها في المجتمعات. إنها عنصر قوة للمجتمع المغربي، وهو ما يعمل الملك على تكريسه في المِعْمار المغربي، عبر إيلاء المسألة الاجتماعية المكانة العليا من الاهتمام ومن الإجراءات الملموسة.
تهتم منهجية الملك محمد السادس في قيادة المشروع الإصلاحي والتحديثي للمغرب بكليات المشروع وبجزئياته، وخاصة بأساساته، وضمنها البُعد الاجتماعي، والذي يتصدى لمتطلبات النهوض به، وأيضا يوفِّر للمشروع قاعدته الاجتماعية التي تحمِله وتَتَحسَّس فيه عائدا ملموسا عليها.
وقد عاد العاهل المغربي إلى التذكير بأهمية تعديل مدونة الأسرة وما يعلَّق عليها من فعل في حمايتها للأسرة المغربية وتأسيسها على أصالة القيم المغربية وعلى صلابة الحقوق الاجتماعية.
وفي السياق نفسه، يُعلن الملك محمد السادس عن توسيع مكتسبات الحماية الاجتماعية من خلال تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر وشموله للفئات الأكثر هشاشة اجتماعية، وبما لا يقتصر على التعويضات العائلية، وهو يتنزل في سياق الحرص على ممارسة الدولة لقيمة التضامن المغربي ومساعدات الفئات الهشة على تحسين الوضع المعيشي، وخاصة الأطفال.
ويواصل الملك محمد السادس التشديد على دور القيم المغربية الجامعة والمميزة للهوية المغربية، بما يَقوّم ويفعِّل بنياتها، وبما يقارب بين أوضاعها المعيشية، وبما يضخّ المعنى في التضامن الوطني وفضْل الوطن على أبنائه بقدر ما يسْقونه من حبهم وانصهارهم في مسار تنميته.
إنه الملك محمد السادس الذي يقود مسارا نهضويا وبنموذج تنموي ديناميكي، بتفكير شمولي بكل أبعاده وبكل روافعه ويسعى إلى تنزيله في واقع الوطن ومراكمة المنجزات على نهج تقدمه.