“ماك” تعمّق القطيعة مع قواعدها الخلفية في القبائل الجزائرية
أثار موقف حركة استقلال منطقة القبائل “ماك” المؤيد لإسرائيل في الحرب التي تشنها على غزة، والمتضامن مع الإسرائيليين بعد هجوم حركة حماس، موجة غضب شديدة في الشارع الجزائري، حيث أطلق ناشطون ومدونون من المنطقة حملة ضد التنظيم بعنوان “مهنّي لا يمثلني”، في إشارة إلى قطع أي صلة بين المنطقة وبين الحركة التي قدمت بموقفها ذريعة للسلطة الجزائرية التي صنفتها ضمن الكيانات الإرهابية.
وأطلق ناشطون ومدوّنون محسوبون على منطقة القبائل الجزائرية حملة على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل إعلان براءة الذمة من الناشط السياسي المعارض وزعيم حركة “ماك” الانفصالية فرحات مهني المنحدر من نفس المنطقة بعد جهره في باريس بموقفه الداعم لإسرائيل في الهجوم على غزة.
موقف حركة “ماك” جاء ليقطع نهائيا مع قواعدها الخلفية في منطقة القبائل والجزائر عموما ويؤكد على انسلاخها النهائي عنها
وظهر رئيس حركة استقلال القبائل في العاصمة باريس بمعية العشرات من أنصاره والمتعاطفين معه في وقفة حملت فيها الأعلام الإسرائيلية، وعبر خلالها عن دعمه وتأييده لإسرائيل، وأدان الهجوم الذي شنته حماس السبت الماضي.
وجاء موقف التنظيم ليقطع نهائيا مع قواعده الخلفية في منطقة القبائل والجزائر عموما، ويؤكد على انسلاخه النهائي عنها، الأمر الذي يعزز موقف السلطة تجاهه، بعدما اُتهمت بأنها تفتعل الذرائع ضد معارضيها من أجل تبرير الحملة والأحكام التي أصدرتها ضد بعض قوى المعارضة.
ودعا مهني المقيم في باريس والملاحق من طرف القضاء الجزائري بعدة أحكام تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد، إلى “الوقوف بجانب إسرائيل الساعية إلى إرساء السلام والاستقرار، حتى وهي في مواجهة شتى صنوف العنف والإرهاب الفلسطيني والإسلامي”.
كما وصف فصائل المقاومة في غزة بـ”الإرهاب” المهدد للأمن والسلام في المنطقة، ودعا إلى “الوقوف في وجه الهجمات التي تقودها حركة حماس الفلسطينية ضد المدنيين في إسرائيل”.
وأعاد الباحث والمؤرخ محمد أرزقي فراد أصيل منطقة القبائل نشر نداء أطلق على شبكات التواصل الاجتماعي، يدعو إلى “تبرئة الذمة من فرحات مهني”، وهو العنوان الذي تصدر حملة مضادة تشن في منطقة القبائل ضد زعيم حركة “ماك” الانفصالية.
وذهب ناشطون آخرون إلى القول بأن “الموقف لا يستدعي حتى مشاركة هذا المنشور، لأن فرحات مهني وحركته قطعا الصلة مع أصولهما وشعبهما منذ الإعلان عن الانفصال، ثم تعزز ذلك بهذا الموقف الذي جرد فيه الفلسطينيين من حق المقاومة، ودعم الاحتلال هناك، بينما يدينه هنا”.
وفي صيف العام 2021 صنفت الجزائر حركة “ماك” ضمن “الكيانات الإرهابية المعادية للبلاد”، وذلك غداة اتهامها بالوقوف وراء موجة الحرائق التي التهمت آنذاك منطقة القبائل، وتسببت في خسائر بشرية ومادية ضخمة، حيث راح ضحيتها 90 شخصا بحسب بيانات رسمية صادرة عن الحكومة الجزائرية.
في صيف العام 2021 الجزائر صنفت حركة “ماك” ضمن الكيانات الإرهابية المعادية للبلاد، وذلك غداة اتهامها بالوقوف وراء موجة الحرائق التي التهمت آنذاك منطقة القبائل
ووضعت الجزائر ما يعرف بالبند 87 مكرر من قانون العقوبات كغطاء تشريعي لملاحقة من تصفها بـ”القوى المعادية”، وعلى رأسها حركة “ماك” الانفصالية، والتي تصنف بدورها السلطات الرسمية في خانة “الاحتلال”.
ويعود تأسيس حركة استقلال القبائل إلى العام 2006 في منطقة القبائل، وتم الإعلان عن حكومة منفى في باريس، غير أنها لم تحظ بأي اعتراف رسمي، باستثناء بعض الأطراف التي تتهمها الجزائر بالدعم السري للتنظيم على غرار فرنسا التي تحتضن قياديي الحركة، ورفضت تسليمهم للسلطات الجزائرية بدعوى أنهم معارضون سياسيون وليسوا مطلوبين عاديين.
وأدى مهني عدة زيارات إلى إسرائيل، قبل أن يجهر بموقفه الأخير الذي كسر الإجماع القبائلي حول “دعم حركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي”، كغيره من المواقف الرسمية والشعبية في البلاد، الأمر الذي يرشحه للمزيد من العزلة في قواعده الخلفية.