ركز العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب افتتاح البرلمان، مساء الجمعة، على موضوع برنامج الدعم الاجتماعي المباشر تجسيدا لقيم التضامن الراسخة عند المغاربة، حيث أعلن عن تفعيل الدعم المباشر في نهاية السنة والفئات المستهدفة منه.
كما خصص خطابه للحديث عن فاجعة الزلزال، وما كشفته من دور كبير للمجتمع المدني، ومظاهر التكافل الصادق والتضامن التلقائي، وكذلك تضحيات مؤسسات الدولة (المدنية والعسكرية).
وقال العاهل المغربي، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة بمقر البرلمان، إن “ورش تعميم الحماية الاجتماعية نعتبره دعامة أساسية لنموذجنا الاجتماعي والتنموي حيث أمرنا الحكومة بتنزيل ورش الدعم المباشر الذي سيوجه للأسر المغربية، وستعطى انطلاقته نهاية الشهر الحالي بـشكل منصف وشفاف ومتضامن، وفق تصور شامل، وفي إطار مبادئ القانون – الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي صادق عليه البرلمان”.
وأضاف الملك أن “هذا يأتي تجسيدا لقيم التضامن الاجتماعي الراسخة عند المغاربة على ألّا يقتصر هذا البرنامج على التعويضات العائلية فقط، بل حرصنا على أن يشمل بعض الفئات الاجتماعية التي تحتاج إلى المساعدة”، مشيرا إلى أن الدعم يهم الأطفال في سن التمدرس والأطفال في وضعية إعاقة، والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى الأسر الفقيرة والهشة، خاصة منها التي تعيل مسنين.
ويرى مراقبون أن هذا البرنامج يظهر التزام الدولة القوي ووقوفها إلى جانب الفئات التي لا تقوى على مواجهة الصعوبات في حياتها في ظل مناخ دولي يتسم بارتفاع الأسعار وتكاليف العيش وصعوبات أخرى مختلفة، مشيرين إلى أن البرنامج الملكي يهدف إلى تحصين الأسر المغربية وضمان كرامتها.
ويحتاج البرنامج إلى ضمان تنفيذه وترجمته إلى قيم التضامن والشفافية والإنصاف ومنح الدعم لمن يستحقه.
وأكد عبدالله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في تصريح لـه أن “الملك محمد السادس أطلق مشروعا مجتمعيا متكامل العناصر ركز على دور القيم المغربية الدينية والاجتماعية التي مكنت المجتمع من مواجهة كل الأزمات والخروج منها منتصرا، وآخرها الزلزال”.
وخصص الملك محمد السادس خطابه أمام أعضاء البرلمان لزلزال الحوز الذي ضرب المملكة قبل أكثر من شهر، موردا أنه “رغم هول الفاجعة فإن ما يخفف من مشاعر الألم ويبعث على الاعتزاز، ما أبانت عنه فعاليات المجتمع المدني وعموم المغاربة داخل الوطن وخارجه من مظاهر التكافل الصادق والتضامن التلقائي مع إخوانهم المنكوبين”.
وقال العاهل المغربي “إذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار”، مضيفا “لذا نشدد على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية”.
وقدم الملك محمد السادس مقاربة أعمق لفهم الصورة التي رسمها المغرب لنفسه وأبهرت العالم من خلال قدرته على تطويق آثار الزلزال بسرعة وبإمكانياته الذاتية، لافتا إلى أن تجاوز الفاجعة لم يكن وليد الإمكانات المادية فقط، بل تحقق أساسا بالنظر إلى القيم المغربية الأصيلة، التي تشكل الركيزة الأساسية لوحدة وتماسك المجتمع المغربي.
وبحضور أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أشاد الملك محمد السادس بقيم التضامن التي عبر عنها المغاربة في مواجهة الكارثة، موجها الشكر أيضا للدول التي دعمت المغرب.
واعتبر رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية في المغرب، أن تركيز خطاب الملك محمد السادس على الدعم الاجتماعي للفئات الهشة وتفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر يأتي تجسيدا لقيم التضامن الراسخة عند المغاربة، وبناء جسر بين كافة مكونات المجتمع لمواجهة كافة التحديات كما هو الشأن بالنسبة إلى زلزال الحوز.
وفي الإطار العام الذي تتم فيه مناقشة مدونة الأسرة، أكد الملك محمد السادس على القيم التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، مبرزا أن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع “لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها”، وأن “المجتمع لن يكون صالحا إلا بصلاحها وتوازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة”.
وأضاف العاهل المغربي في تأكيده على دور الأسرة “لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى. ومن بينها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، الذي نعتبره دعامة أساسية لنموذجنا الاجتماعي والتنموي”.
وأرجع خطاب الملك محمد السادس النقاش حول مدونة الأسرة إلى سياقه الطبيعي، وهو الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، مُقرّا بأن الحديث عن المرأة أو الطفل أو العلاقة بين الزوجين، وكل مواضيع المدونة الأخرى، يجب أن يستحضر الأفق الكبير، أفق الأسرة المغربية والمجتمع المغربي.
واعتبر رشيد لزرق في تصريح لـه أن “تركيز الملك محمد السادس على قيم الأسرة والمجتمع وما تتأسس عليه الدولة المغربية وربطها بقيم التضامن، يأتي متناغما مع المسار الذي اختاره المغرب الذي يسير في اتجاه المساواة بين الرجل والمرأة ورعاية الأسرة المغربية كنواة أساسية لتحقيق الاستقرار المجتمعي”.