أنصار تبون يتهمون مقربيه بإجهاض مشروع الجزائر الجديدة
حذّر حزب الكرامة المساند للسلطة في الجزائر الرئيس عبدالمجيد تبون، عبر تسجيل صوتي، من تجاوزات “خطيرة” داخل أروقة قصر المرادية، يسعى أصحابها إلى تعطيل مشروع الرئيس وتوجهاته السياسية بعد وصوله إلى السلطة.
وجه رئيس حزب الكرامة الجزائري، الموالي للسلطة، نداء صوتيا إلى الرئيس عبدالمجيد تبون، يشتكي فيه من تجاوز مستشارين له وموظفين في مؤسسة الرئاسة لدورهم ومهامهم في التعاطي مع الشأن العام، والانغماس في ممارسات محبطة ومجهضة لمشروع الجزائر الجديدة، انطلاقا من محاصرته هو شخصيا بحجب المعطيات والوضع الحقيقي في البلاد عنه.
وخاطب رئيس حزب الكرامة محمد الدواي، الموالي للسلطة الجديدة في البلاد، الرئيس عبدالمجيد تبون، عبر تسجيل صوتي بث في شبكات التواصل الاجتماعي، لطرح انشغال عاجل عليه، يتضمن تجاوزات وصفها بـ”الخطيرة”، بما أن أصحابها هم من مقربي رئيس الجمهورية ومستشاريه في قصر المرادية.
ويبدو أنه حتى الموالين للسلطة، لم يسلموا من تغول أفراد اللوبي الجديد في مؤسسة الرئاسة، والذين تم استقدامهم للمؤسسة في شكل مستشارين ومساعدين ومكلفين بمهام مختلفة، منذ الانتخابات الرئاسية التي أفرزت تبون رئيسا للجمهورية، وذلك من أجل مساعدته على تركة ما بات يعرف في الخطاب الجديد بنظام “العصابة”، في إشارة إلى حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
مدير ديوان الرئاسة وأمينها العام يحوزان على صلاحيات واسعة ومهام مختلفة، تختلف عن الدور التقليدي للمصلحتين
وكان الرئيس تبون قد أصدر نهاية شهر سبتمبر المنقضي مرسوما أعاد بموجبه تنظيم مصالح مؤسسة الرئاسة، وهو الأمر الذي وصف بـ”حكومة الظل”، واللافت فيه هو تعزيز الفريق العامل في مختلف المستويات بالمزيد من المهام والصلاحيات التي نازعت الدور الدستوري والتقليدي لمؤسسات الحكومة والبرلمان.. وغيرهما.
وبات مدير ديوان الرئاسة وأمينها العام، وهما الدبلوماسي السابق نذير العرباوي، والوزير السابق أيضا عبدالله منجي، يحوزان على صلاحيات واسعة ومهام مختلفة، تختلف عن الدور التقليدي للمصلحتين.
وجاءت رسالة رئيس الحزب السياسي والبرلماني السابق عن محافظة ورقلة بالجنوب الشرقي للبلاد، في خضم اللغط الذي أثاره خطاب سابق لرئيسة جمعية مهنية لأرباب العمل سعيدة نغزة، وجهته للرجل الأول في الدولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لاعتقاد لديها بأن الفريق الرئاسي يحول دون وصول انشغالات الشارع إليه.
وتذكر مصادر متابعة للملف أن “سيدة الأعمال فرت غداة ذلك إلى خارج البلاد، لمخاوف لديها من إمكانية الانتقام منها، خاصة وأنها تلقت رسالتين من محيط الرئيس تبون، الأولى في شكل برقية إعلامية بثتها الوكالة الرسمية قذفت في مسارها المهني وفي أغراضها السياسية، وجهلها للواقع الاقتصادي والمالي للبلاد، والثانية من طرف زعيم حزب سياسي وجه لها عبارات العتاب واللوم”، وهو ما لم تستسغه السيدة، بسبب دور الرجل وعلاقته في شأن مؤسسة الرئاسة.
وذكر محمد الداوي، المعروف بدفاعه المستميت عن مشروع “الجزائر الجديدة” الذي تروج له السلطة منذ نهاية العام 2019، أن “هذا الخطاب أردت توجيهه رأسا إلى رئيس الجمهورية، الذي أتمنى له التوفيق والسداد في مهامه، وقد يقول قائل، أنت كرئيس حزب سياسي لماذا تخاطب رئيس الجمهورية عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟ لماذا لا تخاطبه بصفة عادية عبر البريد العادي؟ سأرد على هذين السؤالين، لاسيما وأن الأمر الذي سأطرحه مستعجل ولقاء رئيس الجمهورية ليس سهلا ولا متاحا في كل الوقت”.
وأضاف “لماذا ليس بواسطة رسالة مكتوبة؟ لأن الأمر يتعلق ببعض مستشاري رئيس الجمهورية، وتصرفاتهم السلبية، وهو ما حتم علي عدم مخاطبته بطريقة عادية، لأنني تراودني شكوك بأن هؤلاء سيقفون في طريق وصول الخطاب إلى صاحبه”.
وتابع “السيد الرئيس ما يقوم به بعض المستشارين الآن، والذين استقدمتهم لمساعدتك وإرشادك في العمل اليومي بأفكارهم وتصوراتهم وبرصيدهم المعرفي من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة، لكن للأسف هؤلاء المستشارين بدل أن يتدخلوا لخدمة الشأن العام ومساعدتك على اتخاذ القرار المناسب، أو مساعدة السكان بتحسين الخدمات العمومية لصالحهم، ورغم أن ذلك ليس من اختصاصهم أو صلاحياتهم، بات هؤلاء المستشارون يستغلون مناصبهم ومواقعهم ليتدخلوا في المصالح والمؤسسات العمومية كالحكومة والولايات والمؤسسات، لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الضيقة، حتى ولو تسببت في ظلم الناس، بدل أن يتدخلوا لإنصاف الناس”.
الرئيس تبون أصدر نهاية شهر سبتمبر المنقضي مرسوما يعيد بموجبه تنظيم مصالح مؤسسة الرئاسة وهو الأمر الذي وصف بـ”حكومة الظل”
وأطلق خطاب رئيس الحزب السياسي والبرلماني السابق، للرجل الأول في الدولة، أجراس إنذار داخل المحيط المقرب منه، وكرس الانتقادات والشكوك التي باتت تثار حوله من طرف دوائر مختلفة، الأمر الذي يستحضر السيناريو الذي تعرض له الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بعزله من طرف محيطه المقرب، عن الشأن العام بدعوى مراعاة ظروفه الصحية.
وهو ما يشكل عبئا ثقيلا يعيق وصول رئيس الجمهورية إلى أهدافه الحقيقية وتنفيذ برنامجه السياسي، خاصة وأن السلوكات المنسوبة لذلك المحيط تساهم في تعميق الفجوة بين رأس الدولة والشارع، وتضعه في حالة ارتباك، في ظل صعوبة فرز اللبس القائم بين مزاعم محيطه حول أن ما يجري هو تآمر على السلطة، وبين مواليه في الحلقات البعيدة القائلين بأن الرئيس محاصر ومعزول عن شعبه وواقع بلاده.
واستدل المتحدث، في رسالته، “بواقعة توظيف في محافظة داخلية في منصب رفيع، حيث تدخل مسشار لم يسمه في رئاسة الجمهورية، من أجل فرض مرشح محظوظ رغم عدم أحقيته في المنصب، وتم إقصاء باقي المرشحين”.
وقال “هؤلاء يفسدون علينا مشروع الجزائر الجديدة الذي آمنا به وندافع عنه في مختلف المنابر السياسية والإعلامية، وأن هذه الحادثة أوقعت حالة انزعاج وإحباط كبير لدى الشارع ولدى منتسبي القطاع من خطاب الجزائر الجديدة”.
وأضاف “هذا المستشار لم يتدخل في هذه القضية فقط، بل يتدخل في الولايات وفي الوزارات وفي الحكومة وفي المؤسسات والهيئات العمومية، ليس من أجل إحقاق الحق، بل من أجل تكريس ظلم الناس، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي تواجهه الجزائر الجديدة”.