تقرير أممي يتهم بوليساريو بعرقلة بعثة مينورسو
أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مسودة تقريره الذي يعتزم تقديمه إلى طاولة النقاش في مجلس الأمن خلال الأيام القادمة، أن جبهة بوليساريو عرقلت عمل بعثة “مينورسو” بتاريخ 22 مارس من العام الجاري، حيث قام 20 عنصرا مسلحا من الجبهة بإيقاف قافلة للبعثة بالقرب من منطقة أمهيريز، وهو ما حال دون الولوج إلى مقر فريقها الواقع شرق الجدار الرملي الذي أقامته القوات المسلحة الملكية المغربية.
وأضاف التقرير شبه النهائي أن الوضع الميداني اتسم بتسجيل “استمرار أعمال العداء بشكل ضعيف بين المغرب وجبهة بوليساريو، وهو سياق يمثل تحديات خطيرة لعمليات البعثة، لاسيما في ما يتعلق باللوجستيات وجهود إعادة الإمداد”.
وكشف التقرير أنه “تحت ضغط دولي، انتهى الأمر بالجبهة إلى التراجع في رسالة رسمية موجهة إلى غوتيريش”، مشيرا في المقابل إلى “مساهمة القوات المسلحة الملكية في مرافقة بعثات التفتيش لقوات حفظ السلام في المناطق الواقعة غرب منطقة الرمال”، وأكد أن “الزيارات تتم فقط بعد أيام قليلة من تلقي البعثة معلومات حول أعمال عدائية”.
ودعا المسؤول الأممي كل الأطراف المعنية إلى “التعامل مع العملية السياسية بعقل منفتح والتوقف عن وضع الشروط المسبقة لإطلاق عملية المفاوضات”، مطالبا في الوقت ذاته جبهة بوليساريو بـ”إزالة القيود التي تفرضها على حرية حركة بعثة ‘مينورسو’ واستئناف الاتصالات المنتظمة مع قيادة البعثة، المدنية منها والعسكرية”.
وأشار التقرير إلى أن المواجهات بين القوات المغربية وميليشيات جبهة بوليساريو تحدث في الغالب بالقرب من منطقة المحبس، لكن الأمين العام اعترف بأن “بعثة ‘مينورسو’ غير قادرة على إثبات تبادل إطلاق النار بشكل مستقل في شمال الإقليم، بالقرب من المحبس”.
في المقابل، أشاد غوتيريش بـ”التزام المغرب المتواصل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991″، موردا في تقريره شبه النهائي أن “الأمم المتحدة تتابع التزام المغرب بوقف إطلاق النار وجميع الأحكام العسكرية، وكذلك مواصلة التعاون الوثيق على جميع المستويات مع بعثة ‘مينورسو’”.
وشدد محمد لكريني أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في تصريح على أن “تقرير غوتيريش يعد بمثابة إدانة لجبهة بوليساريو بعد عرقلتها لعمل ‘مينورسو’ بشكل مباشر، ويعزز موقف المغرب في عملية تحرير الكركرات وإبقاء الوضع على ما هو عليه، وتعاونه المستمر مع بعثة الأمم المتحدة، ما يبرز جدية المغرب الرامية إلى إيجاد حل للنزاع المفتعل”.
وسجل الأمين العام للأمم المتحدة أن السياق الذي تمر به قضية الصحراء المغربية يجعل من التفاوض على حل سياسي للملف أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، مشددا على أن “إيجاد حل سياسي عادل ودائم للنزاع ممكن شريطة أن تنخرط جميع الأطراف بحسن نية وبوجود إرادة سياسية قوية، إضافة إلى دعم المجتمع الدولي من أجل الوصول إلى تسوية للملف”، في إشارة إلى الطرف الجزائري.
وتطرق المصدر ذاته إلى المحادثات التي أجراها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية ستيفان دي ميستورا مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بالرباط، حيث أكد بوريطة على “الأهمية التي يكتسيها مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية”.
وسجل التقرير أن “تدهور العلاقات بين المغرب والجزائر يلقي بظلاله على ملف الصحراء”، مشيرا إلى تصريح للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في حوار له مع صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية الذي أورد فيه أن “بلاده قطعت العلاقة مع المغرب لتجنب خيار الحرب”.
وأشار غوتيريش إلى أن “المبعوث الشخصي إلى الصحراء طرح أسئلة على أطراف النزاع (المغرب، الجزائر، جبهة بوليساريو وموريتانيا) لدفعهم إلى التفكير في الدروس المستفادة، والتوسع في مواقفهم التي تم التعبير عنها”، مؤكدا أن “دي ميستورا يبحث عن عناصر للتقارب بين كل الأطراف، وذلك سيتحقق من خلال إجراء مباحثات أخرى”.
وتابع التقرير أن دي ميستورا أبلغ كل الأطراف المعنية بالتزامه بالقرار الأخير لمجلس الأمن رقم 2654 الذي يشدد على أهمية توسيع جميع الأطراف لمواقفها من أجل المضي قدما في التوصل إلى حل سياسي للنزاع على النحو الذي دعا إليه القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي.
وأفاد هشام معتضد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، أن التقرير الأممي يأتي بعدما فشلت بوليساريو بدعم جزائري في اختراق المناطق العازلة من خلال ميليشياتها المسلحة التي قررت من جانب واحد خرق وقف إطلاق النار.
وأوضح معتضد أن “ذلك يعني أن الجزائر جزء من المشكلة وعليها أن ترضخ للمقررات الأممية والجلوس إلى طاولة المفاوضات كطرف، خصوصا وأنها إلى جانب بوليساريو فشلت في تسويق أطروحتها الانفصالية بعد النجاحات التي حققها المغرب في ملف الصحراء”.
وأعرب غوتيريش عن قلقه إزاء استمرار تدهور الوضع الإنساني في مخيمات اللاجئين في تندوف الجزائرية، موصيا بـ”التمديد لولاية بعثة ‘مينورسو’ لسنة إضافية حتى الـ31 أكتوبر 2024″، مشيدا في الوقت ذاته بجهود مبعوثه الشخصي ورئيس بعثة مينورسو في إحلال السلام في المنطقة والدفع نحو إيجاد حل سياسي للنزاع على أساس الشرعية الدولية.
وأكدت إنماكولادا أوكانا رئيسة “جمعية الحياة للتعاون الدولي” (منظمة إسبانية غير حكومية) التي قامت مؤخرا بزيارة إلى مدينتي العيون والداخلة على رأس وفد من جمعيتها، أن “المجتمع الدولي، لاسيما المنظمات الناشطة في مجال الحفاظ على حقوق الإنسان، مدعو إلى تحمل مسؤوليته في حماية المحتجزين في مخيمات تندوف وإنهاء الإفلات من العقاب الذي تحظى به ميليشيات بوليساريو”.