ملكُ إسبانيا يكلِّف سانشيز بتشكيل الحكومة والجزائر تقيم مادبة عزاء في شيراتون
كلف ملك إسبانيا فيليبي السادس رئيس الوزراء الاشتراكي المنتهية ولايته بيدرو سانشيز بتشكيل الحكومة، بعد أن فشل منافسه ألبرتو نونييس فيخو زعيم الحزب الشعب الإسباني في الجولة الثانية من التصويت بالبرلمان في الفوز برئاسة الوزراء ومن شأن استمرار سانشيز في منصبه أن يعطي دفعة أقوى للتعاون المتنامي بين الرباط ومدريد اللتين تنفتحان على شراكة إستراتيجية بعد اعتراف الحكومة الاشتراكية بمغربية الصحراء.
ويوجه هذا التطور السياسي في توقيته ضربة قاصمة لجبهة البوليساريو ولكل من راهن على تغييرات سياسية في اسبانيا من شأنها أن تؤثر سلبا على العلاقات المغربية الاسبانية وعلى الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا وحيدا ومنطقيا للنزاع المفتعل في الصحراء.
وفي الأشهر الماضية تباينت آراء المحللين السياسيين بين ما رأى أن أي تغييرات سياسية في اسبانيا لن تؤثر على الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء وبين من ذهب بعيدا في تفسير مواقف اليمين المتطرف واحتمال رحيل الحكومة الاشتراكية، مقدرا أن أي حكومة جديدة ستخلف حكومة سانشيز ستبادر بمراجعة موقفها تجاه ملف الصحراء المغربية.
وبهذه التطورات تكون إعادة تكليف الاشتراكي بيدرو سانشيز بتشكيل الحكومة الاسبانية قد أسقطت كل الرهانات على تغير الموقف الإسباني من مغربية الصحراء.
وقالت رئيسة مجلس النواب فرانسينا أرمينيغول في خطاب متلفز إن الملك الذي أجرى محادثات مع الأحزاب الإسبانية “أبلغني بقراره باقتراح بيدرو سانشيز كمرشح لرئاسة الحكومة”.
وبهدف الحصول على ثقة النواب يتعين على سانشيز ضمان دعم حاسم من الانفصاليين الكاتالونيين الذين يطالبون في المقابل بعفو مثير للجدل.
ولدى سانشيز الذي يترأس الحكومة منذ عام 2018 مهلة حتى 27 من نوفمبر/تشرين الثاني للحصول على ثقة البرلمان. وفي حال عدم تمكنه من ذلك سيتم تلقائيا الدعوة لإجراء انتخابات جديدة على الأرجح في منتصف يناير/كانون الثاني المقبل.
ولم يحصل فيخو سوى على 172 صوتا خلال جلسة الجمعة في البرلمان الإسباني، فيما صوّت 177 نائبا ضد توليه رئاسة الحكومة وتنسف هذه الهزيمة أي فرص لإقامة تحالف يميني بين حزب الشعب وحزب ‘فوكس” اليميني المتطرف.
وباءت محاولات التشويش على العلاقات الإسبانية المغربية التي قادتها أحزاب ولوبيات معادية لمصالح المملكة المغربية بالفشل، فيما يرتبط البلدان بالعشرات من الاتفاقيات في قطاعات عدة، ما يفتح المجال أمام شراكة إستراتيجية.
ويشهد التعاون بين الرباط ومدريد تطورا متسارعا وسط تقارب للرؤى بعد أن أعلنت إسبانيا العام الماضي تأييدها لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع حول الصحراء المغربية باعتباره الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف.
وتُوجت الزيارة التي أداها سانشيز إلى الرباط في فبراير/شباط الماضي بتوقيع 19 اتفاقية بين البلدين في عديد المجالات من بينها النقل والضمان الاجتماعي والهجرة والزراعة والمقاولات والسياحة والصحة والثقافة والمجال العلمي.
وأشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسباني قبيل وصوله إلى الرباط بـ”المرحلة الجديدة للشراكة الثنائية” بين الجارين، وفق بيان أصدره الديوان الملكي حينها.
وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش خلال المنتدى الاقتصادي المغربي الإسباني إن “المشاركة الوازنة للوفد الإسباني في هذه الدورة تعبير صغير عن مدى قوة أواصر الصداقة والتعاون التي تجمع المغرب وإسبانيا وتجسيد للإرادة القوية والالتزام الراسخ للبلدين للعمل سويا من أجل شراكة متميزة متجهة بثبات نحو المستقبل”، لافتا إلى أن الرباط ومدريد تسعيان إلى “إرساء معالم إستراتيجية لبناء علاقة متكافئة أساسها الإرادة والحزم المشترك لبناء المستقبل”.
بدوره قال سانشيز في اختتام المنتدى “كلما كانت العلاقات بين المغرب وإسبانيا أفضل، كان ذلك أفضل لإسبانيا وللمغرب ولأوروبا وللأعمال التجارية ولمواطني البلدين”.
ويُتوقع أن تسعى إسبانيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات الأوروبية مع الضفة الجنوبية وفي مقدمتها المغرب الشريك الموثوق للتكتل.
وينتظر أن تنهي رئاسة مدريد للاتحاد الأوروبي تردد عدد من الدول بشأن تبني مقترح المغرب للحكم الذاتي في الصحراء تحت سيادته وهو المقترح الذي يحظى بشبه إجماع دولي باعتباره الحلّ العقلاني والواقعي للنزاع المفتعل.