تحديات داخلية وخارجية تدفع نظام النيجر العسكري لإعادة العلاقة مع فرنسا
أعلن الجنرال عبد الرحمن تياني رئيس النظام العسكري الحاكم في النيجر عبر التلفزيون الوطني عن نيته إقامة “علاقات مستقبلية مع فرنسا”، في إشارة إلى أعادته النظر في هذه العلاقة في ظل تحديات داخلية وخارجية يواجهها,
وقالت تياني إن “الشعب النيجري سيحدد الآن شكل العلاقات المستقبلية مع فرنسا”، وذلك بعد ثلاثة أشهر على الانقلاب واتخاذه خطوات تصعيدية ضد فرنسا بينما يواجه تهديدا بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم، إضافة إلى تصاعد الهجمات الإرهابية.
وتواجه السلطات الجديدة في النيجر تهديدا إرهابيا متزايدا، فقد قتل سبعة جنود الخميس في هجوم بغرب النيجر شنه مسلحون، فيما قضى خمسة آخرون في حادث سير وقع في أثناء عملية التدخل ردا على هذا الهجوم، بحسب ما أعلن وزير الدفاع. ووقع الهجوم في كانداجي على بعد نحو 190 كيلومترا من العاصمة نيامي، بالقرب من منطقة الحدود الثلاثية لمالي وبوركينا فاسو والنيجر.
ورغم تضارب الأبناء بشأن التدخل العسكري في النيجر بين المسؤولين والسياسيين الأفارقة، إلا أن مصادر دبلوماسية تقول أن خيار التدخل العسكري في النيجر مطروح في حال فشلت المساعي الدبلوماسية.
وقد لوحت المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إكواس) بالتدخل العسكري لإعادة بازوم إلى السلطة، لكنها تقول إن ذلك سيكون الخيار الأخير بعد استنفاد الحلول الدبلوماسية.
وصدر التهديد الأخير من كوت ديفوار، عضو “إكواس”، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الإيفوارية، أمادو كوليبالي الخميس، إن خيار التدخل العسكري ما يزال مطروحا على الطاولة وستلتزم بلاده بالقرارات المتَّخذة بشكل جماعي من هيئة المجموعة.
وانتقد الجنرال المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) التي فرضت عقوبات سياسية واقتصادية عقب الانقلاب وهددت النيجر بالتدخل المسلح. وقال إن إكواس “لم تحاول حتى معرفة أسباب” الانقلاب، معربا عن أسفه لأن “السكان يعانون من العقوبات”.
ويرى متابعون أن باريس تتحمل مسؤولية تراجعها في غرب إفريقيا، بسبب اتباعها سياسات خاطئة، مثل التخلي عن التزاماتها بالوعود التي أطلقتها تجاه دول غرب إفريقيا في التنمية والأمن، وتسببت بفجوة كبيرة بينها وبين هذه الدول، والنيجر هي واحدة من الدول الإفريقية التي ترغب في التغيير والاتجاه نحو الشرق.
وكانت مجموعة “فاغنر” الروسية الناشطة في عدة دول بغرب إفريقيا، أبدت تأييدها للانقلاب قائلة إن “الأحداث في النيجر كانت جزءا من حرب الأمة ضد المستعمرين.
وبعد تصاعد الضغوط على فرنسا من قبل النظام العسكري واحتجازه السفير الفرنسي ومطالبته بانسحاب القوات الفرنسية، لم يجد الرئيس إيمانويل ماكرون بدا من الرضوخ وإعلان عودة سفير بلاده في النيجر سيلفان ايتيه إلى باريس، ومغادرة نحو 1500 جندي منتشرين لمحاربة الجهاديين في النيجر “بحلول نهاية العام”.
ووصف السفير الفرنسي لدى النيجر سيلفان إيت الانقلاب بأنه “فوضى كبيرة لا يوجد فيها سوى الخاسرين”.
وقال إيت الذي عاد إلى فرنسا الأربعاء الماضي، عبر محطة “تي إف 1” إن “هذا الانقلاب هو أولا وقبل كل شيء قضية نيجرية داخلية بين رئيس قرر محاربة الفساد وعدد من الجنرالات الذين لا يريدون لهذه المعركة ضد الفساد أن تنتهي”.
ودخل النظام النيجري في مواجهة مع فرنسا منذ قيام العسكريين بالانقلاب في 26 تموز/يوليو، وقال تياني “بما أنهم (الفرنسيون) كانوا هنا لمحاربة الإرهاب وأوقفوا من جانب واحد كل أشكال التعاون (…) فقد انتهت إقامتهم في النيجر”. ورأى الجنرال أن “الفرنسيين لم يفشلوا في طرد الإرهابيين فحسب، وإنما ازداد عدد الإرهابيين”.
وأضاف “إذا تجاهلنا ذلك فإن البلاد ستكون مهددة بالزوال يوما ما، لذا قررنا اتخاذ الإجراءات لأن الأفراد (في نظام بازوم) لم ينصتوا إلى مستشاريهم العسكريين”، مبرراً حصول الانقلاب.
واتخذت السلطات الحاكمة في النيجر سلسلة من القرارات ضد فرنسا شملت إبعاد السفير وإلغاء الاتفاقيات الثنائية وإغلاق المجال الجوي للبلاد أمام الطائرات الفرنسية، وذلك ردا على موقف باريس بأنها تعترف فقط بشرعية الرئيس محمد بازوم الذي أطاح به انقلاب عسكري في يوليو/تموز الماضي.
وبعد تعرضه لانتقادات من الدول الغربية والإفريقية، عمد النظام النيجري إلى إبرام تحالفات جديدة مع مالي وبوركينا فاسو اللتين يقودهما العسكر كذلك.
وأشار تياني إلى أنه وقع ميثاق دول الساحل الذي يهدف إلى إنشاء هيكلية للدفاع المشترك، موضحًا أن “اتفاقاً اقتصادياً سيعقب ذلك”.