دحض السفير المغربي عمر هلال الذرائع التي قدمتها الجزائر في ملف الصحراء المغربية والتشكيك في مشروع الحكم الذاتي، وسط تأكيد على احترام الوحدة الترابية للمغرب، وهو ما يحقق للرباط المزيد من الانتصارات الدبلوماسية في النزاع المفتعل.
أكّد المغرب تمسكه بالحكم الذاتي لحل ملف الصحراء المغربية ومسؤولية الجزائر كطرف رئيسي في النزاع المفتعل، مشدّدا على عدم الانخراط في أي مفاوضات مع أي جهة كانت إلا بحضور الجزائر.
ويأتي ذلك عقب جولة قام بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، إلى المنطقة وضمنها زيارته إلى الأقاليم الجنوبية المغربية بداية سبتمبر الجاري.
وشدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال على أنه لا يوجد حل آخر للملف إلا الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، والذي يحظى حاليا بدعم متزايد من طرف دول العالم، موردا أن المبادرة المغربية “تحظى بدعم أكثر من 100 دولة من كل جهات العالم على رأسها واشنطن وإسبانيا وألمانيا، كما افتتحت قرابة 30 دولة ومنظمة إقليمية قنصليات عامة لها في مدينتي العيون والداخلة، مؤكدة بذلك دعمها التام لمغربية الصحراء”.
وجدد المغرب تأكيده على عدم الانخراط في أي مفاوضات مع أي جهة كانت إلا بحضور الجزائر، باعتبارها الطرف الرئيسي في النزاع، وهو ما يُذكر بالزيارة التي قام بها دي ميستورا إلى الجزائر مؤخرا بعد جولته في المغرب التي شملت العيون والداخلة والرباط، دون الوصول إلى مخيمات تندوف.
وتعتبر الرباط أن مسلسل الموائد المستديرة هو الإطار الوحيد الذي وضعه مجلس الأمن لمواصلة العملية السياسية.
وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، على “تعنت جزائري ورفض التعاطي مع كل المساعي الدولية لحل هذا الملف، ما يكرس مسؤولية النظام الجزائري ودوره المعرقل لأي حل السلمي”.
وأوضح أن “الجزائر توظف النزاع حول الصحراء المغربية كشماعة لتعليق حالة الاحتقان الداخلية وتصدير أزماتها”.
وذكر أن “هذه التطورات كرست الانخراط الإيجابي للمغرب في الجهود والمساعي الدولية الرامية إلى طي ملف النزاع، كما كرست أولوية وجدية خطة المغرب للحكم الذاتي التي لا تزال هي المبادرة الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات، يبقى أن الانتصارات التي حققها المغرب بخصوص معركة الاعتراف الدولي ما هي إلا مرآة عاكسة للواقع الداخلي والتطورات الميدانية التي تكرس حالة الحسم التي يحققها المغرب”.
وأكد السفير المغربي أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 أن المعايير التي أرستها قرارات مجلس الأمن الأخيرة تتمثل في سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد الجاد وذا المصداقية لهذا النزاع الإقليمي، في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة المغربية، وأن حل هذا النزاع لا يمكن إلا أن يكون سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما وتوافقيا.
من جهته أكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، في تصريح لـه أن “النظام الجزائري برهن طيلة نصف قرن من عمر النزاع المفتعل بالأقاليم الجنوبية المغربية على أنه مسؤول سياسيا وقانونيا بشكل واضح، وأن هذا النزاع أداة تستعملها الجزائر إلى جانب دول بعينها تقاطعت مصالحهما لابتزاز المغرب في قضية وحدته الترابية”.
وسبق أن أعلن جوشوا هاريس، مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف بشمال أفريقيا، دعم الطرح المغربي وأخبر الجزائر وجبهة بوليساريو الانفصالية بأن خيار الانفصال غير واقعي.
وسجل السفير أن المغرب يواصل دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، الهادفة إلى إعادة إطلاق مسلسل الموائد المستديرة، بالصيغة ذاتها والمشاركين أنفسهم، وخاصة الجزائر، الطرف الأساسي في النزاع، وذلك طبقا لقرار مجلس الأمن 2654 في أكتوبر 2022، مجددا التأكيد على أن الحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي لن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا، ومبنيا على التوافق.
وعبّر هلال عن التصور التنموي المغربي في الأقاليم الجنوبية أمام المنظمة الأممية، مؤكدا أن المغرب لن ينتظر إلى حين إيجاد حل لهذا الملف الذي دام ما يقارب نصف قرن، “بل سيستمر في تجسيد رؤيته التنموية في الجهات الصحراوية الثلاث”.
الجزائر توظف النزاع حول الصحراء المغربية كشماعة لتعليق حالة الاحتقان الداخلية وتصدير أزماتها
وأبرز أن دي ميستورا “عاين شخصيا هذه الإنجازات خلال زيارته إلى مدينتي العيون والداخلة”، متابعا أن “ذلك يأتي في إطار تنزيل توجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس المضمنة في خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2022”.
وكان العاهل المغربي أكد في هذا الخطاب أن “توجهنا في الدفاع عن مغربية الصحراء، يرتكز على منظور متكامل، يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للمنطقة”.
ولفت الدبلوماسي المغربي إلى “الدينامية السوسيو – اقتصادية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية”، وذلك في إطار “النموذج الجديد لتنمية هذه الأقاليم الذي رصدت له المملكة المغربية ميزانية فاقت إلى حدود اليوم 10 مليارات دولار وتم إنجازه بنسبة 81 في المئة”، وضمنه تم إطلاق “مشاريع للتنمية السوسيو – اقتصادية، جعلتها قطبا جهويا للمبادلات التجارية بين أفريقيا وبقية دول العالم”.
من جانب آخر جدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة التعبير عن قلق المملكة البالغ بخصوص الوضع الإنساني الكارثي الذي تعرفه مخيمات تندوف، حيث فوضت الجزائر، الدولة المضيفة، سلطتها بشكل غير قانوني لجماعة مسلحة انفصالية ذات ارتباطات مؤكدة وموثقة مع شبكات إرهابية وإجرامية.
ولاحظ هلال أن هذا الوضع يستدعي لفت انتباه المجتمع الدولي بخصوص رفض الجزائر السماح بتسجيل وإحصاء السكان المحتجزين بالمخيمات.