ربط بنكيران بين زلزال الحوز والغضب الإلهي يكشف الانقسامات في العدالة والتنمية
قرر القيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي والوزير السابق عبدالقادر اعمارة الاستقالة من الحزب وذلك على خلفية بيان الامانة العام عبدالاله بنكيران بشان تداعيات زلزال الحوز فيما اعتبر عزيز أفتاتي، القيادي الاخر أن البيان “خطأ جسيم ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير بنكيران فيه” حيث ادى ربط بنكيران بين الزلزال والغضب الالاهي لحالة من الغضب والاحتجاج.
وتؤكد الاستقالة والانتقادات حجم الانقسام والتشظي في الحزب الاسلامي المغربي وكذلك الغضب من سياسات بنكيران التي يبدو انها ستوصل الحزب الى الهاوية ومزيد من الضعف مع توقع لاستقالات ومواقف غاضبة في الايام المقبلة.
ورفض اعمارة ربط الزلزال بالغضب والعقاب الالاهي قائلا في تغريدة على حسابه عبر صفحته الرسمية بالفايسبوك “بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية فإني أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة”.
من جانبه قال أفتاتي في تصريح لـه أن البيان “خطأ جسيم ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير عبد الإله بنكيران فيه”.
وأضاف “اعتبار الزلزال غضبا من الله خطأ شائع في الثقافة الإسلامية، ويدخل في باب العقائدية والفكرية مؤكدا ان هذه الأخطاء “لا ينبغي أن تتسرب لهذه الهيئات الإصلاحية”.
وتابع في اشارة الى الأخطاء العقائدية والفكرية لبنكيران “أنا لا أتفق مع ذلك الكلام، لأنه غير سليم من الناحية العقدية والفكرية. وهذه القناعة غير صحيحة، لأنه لا يمكن أن نقول إن جزيرة الوقواق ضربها إعصار، وهذا غضب إلهي”.
واضاف “ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تضمن كلام الأمين العام في البيان، وقد يفهم منه أنه إقرار أو اتفاق معه، وأنها تشاركه تلك القناعة وتتقاسمها معه، وهذا أستبعده”.
وهاجم افتاتي عقائد امين عام حزب العدالة والتنمية “بنكيران إنسان صوفي، وأن تتسرب إليه مثل هذه الأفكار الخاطئة فهذا أمر ليس مستغرب، كما قد تكون عنده بعض المبالغات في كل الأحوال، وذلك ما كان ينبغي أن يضمن في البيان” في انتقاد لمسايرة الامانة العامة لمواقف بنكيران.
وتابع “الله لا يملك الجمارك في الأرض. هذا من الناحية العقائدية والفكرية خطأ شائع، والابتلاء يكون بالسراء والضراء، ولكن الكيف والتفاصيل بالزمن والمكان لا يعلمه إلا الله”.
وتحدث عن حاجة التنظيمات الإصلاحية إلى الفرز وتصحيح الأفكار غير السليمة عند عامة الناس، وقبل ذلك عند النخبة.
ويستغل حزب العدالة والتنمية المغربي أزمة زلزال الحوز لارباك الحكومة رغم عملها الدؤوب على تنفيذ توصيات العاهل المغربي الملك محمد السادس لدعم ضحايا الزلزال وتخفيف وقع الكارثة حيث استحضر بنكيران خلال عقد اجتماع للأمانة العامة السبت المفاهيم الدينية وخلافات حكومية سابقة تعود لسنة 2016 وما وصفها بالشقوق في الائتلاف الحكومي الحالي لتسجيل نقاط سياسية ضد الحكومة.
وقال بنكيران في محاولة لدغدغة مشاعر انصاره والتيارات المحافظة ان “واجبنا كحزب سياسي أن نعتبر وأن ندعو إلى العبرة من الزلزال الذي ضرب المملكة في الثامن من سبتمبر”.
وطالب باستحضار قول الله “وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰابِرِينَ اَ۬لذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰاجِعُونَۖ” والذي يردده المسلمون كلما حلت بهم مصيبة.
وفي محاولة للمزج بين العمل الديني والسياسي قال زعيم حزب العدالة والتنمية “علينا أن ننتبه إلى أن من معاني الرجوع إلى الله ما يفيد بأننا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيرا”.
واستمر بنكيران في خطاب المزج بين الشانين الديني والسياسي واستغلال الكارثة لجلب العواطف الدينية مستحضرا الخيارات الانتخابية قائلا “يجب أن نراجع كذلك كي نرجع الى الله لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي ولكن بمعناها العام والسياسي، لأن السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها”.
وفي معرض حديثه عن مالات الوضع بعد الزلزال تحدث بن كيران عن صندوق تنمية المناطق القروية والجبلية الذي اقر ابان حكومته ورصدت له ميزانية كبيرة تفوق 54 مليار درهم.
واستحضر زعيم حزب العدالة ما وقع من نزاع بين وزيري الداخلية الاسبق محمد حصاد والفلاحة الاسبق ورئيس الحكومة الحالي عزيز اخنوش سنة 2016 حول الإشراف على هذا الصندوق في محاولة للتلميح بان قائد الحكومة الحالية فشل في تسوية هذا الملف واستغلال الاموال المرصودة له.
ورغم ان حكومات الاسلاميين تولت السلطة في المغرب زهاء عقدين لكنها لم تتمكن من تحقيق شيئ يذكر في ملف تامين البلاد من الكوارث الطبيعية فيما بقي بن كيران يوجه اللوم لخصومه لغايات سياسية بعد ان فشل فشلا ذريعا في اقناع المغاربة بسياساته.
ويبدو ان بنكيران يتحدث عن ملف زلزال الحوز وعينه على الانتخابات المقبلة حيث وجه جملة من الانتقادات للحكومية الحالية التي لم يمر عليها سوى سنتين من العمل حققت من خلالها العديد من الانجازات التي فشلت حكومات حزب العدالة والتنمية في تحقيقها.
وواصل زعيم حزب العدالة والتنمية الاستثمار في كارثة الزلزال باستحضار ما وصفها بالشقوق في الائتلاف الحكومي متناسيا ان احزاب الائتلاف “التجميع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال” اعلنوا الاسبوع الماضي طي خلافاتهم والمضي قدما في التحالف الحالي بعد خلافات في العمل السياسي خاصة بين حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة.
وفوت الائتلاف الحكومي في المغرب الفرصة على بنكيران والإسلاميين لاستغلال هذه التباينات لكن حزب العدالة اصر على استحضار هذه الخلافات في ظل ما يعيشه الشعب من محنة متجاهلا جهود الحكومة لدعم المتضررين من زلزال الحوز رغم كل الصعوبات اللوجستية.
وقدم حزب العدالة نفسه كحزب قريب من مشاغل المواطن منتقدا الاحزاب الاخرى التي قالبنكيران ان المغرب ابتلى بها لانها تتنافس على المصالح والنفوذ حيث اضاف ” ندعوإلى الوعي بمتطلبات هذه المرحلة الصعبة، وتركيز جهودها وجهود أغلبيتها على القيام بواجباتها والوفاء بالتزاماتها، والتوقف عن المناوشات المتكررة بين مكوناتها، وتضييع الوقت في محاولات ترميم الشقوق التي أصبحت بادية للعيان في التحالف الحكومي”.
ورغم أن امين عام حزب العدالة والتنمية أشاد “بالموقف الوطني الصارم والحازم تجاه الابتزاز الفرنسي المرتهن إلى منطق قديم” في اشارة الى رفض السلطات للدعم الفرنسي عقب زلزال الحوز لانه لم يخضع للبروتوكولات المعمول بها لكنه لم يذكر في المقابل الدور الوطني الذي لعبته حكومة اخنوش في تحصين السيادة الوطنية.
وقد أشاد امين عام حزب العدالة والتنمية بالدور المركزي للملك محمد السادس في تدبير مخلفات هذا الزلزال، “منوها باجتماعاته المتكررة، وبالسرعة والنجاعة والكرم التي اتخذت بها القرارات لتخفيف المصاب على ساكنة المناطق التي ابتليت مباشرة بهذا الزلزال”.