واقعية أممية في التعامل مع ملف الصحراء تزيد من عزلة البوليساريو
الجبهة الانفاصالية توجه انتقادات شديدة للأمم المتحدة بسبب طريقة تعاطيها مع ملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية في موقف يشير إلى حالة انزعاج يعكس في توقيته ارباكا لدى الانفاصليين.
وجه سيدي محمد عمار مسؤول جبهة البوليساريو في نيويورك، انتقادات للأمم المتحدة ومجلس الأمن حول المسار السياسي الدولي الذي تحظى به قضية الصحراء المغربية، بسبب دعوتها للتحلي بروح الواقعية والتوافق، فيما تسير الجزائر في خط موازي للجبهة الانفصالية لعرقلة أي حل في القضية.
وتعتبر هذه الانتقادات أحدث حلقة في سلسلة محاولات جبهة البوليساريو عرقلة مساعي المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، بخصوص التوصل إلى حل سياسي وواقعي في ما يتعلق بنزاع الصحراء المفتعل، بالنظر إلى الانتكاسات التي منيت بها في الفترة الأخيرة.
وكان نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شمال إفريقيا جوشوا هاريس قد دعا الأطراف المعنية بالصراع للتحلي بروح الواقعية والتسوية لإيجاد حل سياسي متوافق بشأنه لنزاع الصحراء، وذلك خلال زيارته التي قام بها مؤخرا إلى مخيمات تندوف بالتراب الجزائري.
كما نددت جبهة البوليساريو لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، بزعيمها ابراهيم غالي قائلة بأن ” بعض الأطراف تحاول الإنحراف بعملية السلام” من خلال إدخال بعض “المصطلحات الفضفاضة” مثل “الواقعية” و”العملية” في قرارات مجلس الأمن، واصفة ذلك بـ”التوجه الخطير”.
وقال سيدي محمد عمار في حوار له مع صحيفة جزائرية “أنه لا جدوى من البحث عن حلول أخرى تحت مسميات الواقعية والعملية، لأن إطار الحل موجود ويتمثل في خطة التسوية، وأنه لا مجلس الأمن ولا الأمين العام ولا مبعوثه الشخصي بحاجة إلى “إعادة اختراع العجلة”.
وأعلنت البوليساريو عن تبني خطاب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قائلة أنه يعبر عن “تطلعاتها”، في خطوة أخرى تؤكد الطرح الرسمي المغربي الذي يعتبر أن الجزائر هي الطرف الرئيس في ملف الصحراء.
وفي ظل عدم حصولها على تمثيل رسمي في الأمم المتحدة، أضحت البوليساريو متبناة من قبل الجزائر داخل أروقة المنظمة الدولية، حيث أكد ممثلها في نيويورك محمد عمار على هذا النهج، وهو يعلن لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية تبني الخطاب الكامل للرئيس الجزائري، واعتبار أنه يمثل الجبهة داخل أشغال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة.
وأكد عباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس في الرباط، إن “الرعاية الجزائرية للبوليساريو هي التي تجعلها تقوم بهذه الخرجات الدورية، رغم أن لغتها غير مبنية على مخرجات قرارات مجلس الأمن أو توجهات الأمم المتحدة”.
وأضاف الوردي، في تصريح لموقع هسبريس المغربي، أن “الكيان الانفصالي يريد الإجهاز على مقترح الحكم الذاتي الذي يلقى ترحيباً دوليا من قبل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة”، مشيرا إلى أن “الجبهة تجاوزت كل الخطوط الحمراء التي كرستها المنظومة الدولية عبر قرارات ملزمة”.
وتابع بأن “الطرف الرئيسي في النزاع هو دولة الجزائر التي لم تقترح شيئاً، بل كرست واقع الهشاشة الاجتماعية والأمنية بمخيمات تندوف التي تحتضنها طيلة عقود”، مورداً أن “ستافان دي ميستورا وقف على الواقع المأساوي بالمخيمات أثناء الجولة الإقليمية”.
وتابع بأن “الأطفال المسلحين استقبلوا المبعوث الأممي أثناء حلوله بالمخيمات، وهو ما يخالف الاتفاقيات الدولية التي تحظر تجنيد الأطفال؛ فضلا عن جرائم الإبادة التي تقوم بها الجبهة الانفصالية ضد الشباب الصحراويين، إلى جانب الظروف الاجتماعية القاسية التي تكابدها النساء”.
ويقول متابعون أن الأمم المتحدة قد تتجه إلى الأخذ بعين الاعتبار التقدم الحاصل في ملف نزاع الصحراء المفتعل وذلك على ضوء الوضع المزدهر بالأقاليم الجنوبية للمملكة وإشراك سكانها في تدبير شؤونها بالإضافة لثورة المشاريع القائمة بهذه الأقاليم واحتضانها لقنصليات دبلوماسية تعكس موقف دول عربية وأفريقية لمغربية الصحراء.
وأفاد عبد الواحد أولاد ملود، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض في مراكش، بأن “خرجات مسؤولي الجبهة الانفصالية عادية لأنها تكرس أزمة البوليساريو في العالم”، موردا أن “الجبهة تتجه إلى التصعيد بعد فشل مناوراتها السياسية”.
وأكد أولاد ملود، أن “الحلول الأممية دعت إلى تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع، لكن البوليساريو تعارض ذلك لأنها ترفض الجلوس إلى طاولة الحوار بدعم من الجزائر”، موضحاً أن “الجزائر من صالحها الحفاظ على الوضع كما هو”.
وأشار إلى أن “الجزائر تستغل البوليساريو كمعادلة من أجل تحقيق توازنها في المنطقة، بسبب مساعي تصدير الأزمة إلى الخارج، بينما تهدف الجبهة الانفصالية إلى الحفاظ على مصالحها عبر ترك الأوضاع كما هي داخل مخيمات تندوف”.
وقبل أيام اشتكى زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، الولايات المتحدة الأميركية، للأمين العام للأمم المتحدة، وذلك خلال ما وصفته الجبهة بـ”محادثة” جرت بينهما بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، وهي الخطوة التي تأتي بعدما حسمت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، قرارها بإعلان دعم السيادة المغربية على الصحراء.