تغلغل المملكة المغربية في إفريقيا يزعج الإيليزي
ماكرون يوظف كل الأسلحة لتطويع المغرب لما يخدم أجندته ومصالح بلده الاقتصادية
تواصل فرنسا ابتزازاتها للمغرب لتأمين مصالحها به وبالقارة الإفريقية. وتوظف كل الوسائل في محاولتها تطويع المغرب لما يخدم أجندتها ومصالحها الاقتصادية والتجارية، خاصة بعد المكاسب التي حققها المغرب خلال السنوات الأخيرة، سواء من خلال تنويع شركائه الاقتصاديين، ما يزعج بعض مراكز القرار الفرنسية، أو في ما يتعلق بالمكانة التي بات يحظى بها بالقارة الإفريقية، إذ أصبح رقما هاما في معادلة الشراكة بين إفريقيا ومختلف بلدان العالم، الأمر الذي انعكس سلبا على المصالح الفرنسية بإفريقيا، وقد اتضح ذلك جليا، خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي لعدد من البلدان الإفريقية، والتي قوبلت بالتنديد والاحتجاج من قبل شعوب المنطقة.
وتسعى فرنسا، من خلال مناوراتها الحالية، خاصة الحملة الإعلامية الأخيرة ضد المغرب، إلى الضغط على السلطات المغربية لضمان موقع قدم لشركاتها في ما يتعلق بالمشاريع التي يعتزم المغرب إقامتها في السنوات المقبلة، خاصة مشروع الشطر الثاني من خط القطار فائق السرعة بين الدار البيضاء وأكادير، وعدد من المشاريع الأخرى.
ومكنت السياسة الجديدة للمغرب في مجال التعاون جنوب-جنوب من تعزيز مصداقيته لدى أغلب الدول الإفريقية، الأمر الذي عزز مكانته داخل الساحة الإفريقية، من خلال استثماراته ومبادلاته التجارية، ما جعل فرنسا تتوجس من سحب البساط من تحت أقدامها، خاصة ما يتعلق بمصالحها الاقتصادية.
لذا تعبئ السلطات الفرنسية كل الوسائل المتاحة، السياسية منها والإعلامية والدبلوماسية، من أجل إضعاف المغرب وتشويه سمعته لدى المنتظم الدولي، من خلال توظيف عدد من الآليات، بهدف ابتزازه للحفاظ على مصالح فرنسا الاقتصادية بالقارة السمراء.
وتعرف حصة فرنسا من السوق الإفريقي تآكلا سنة بعد أخرى، إذ فقدت حصصا بنسب تتراوح بين ناقص 15 و20 في المائة بالجزائر والمغرب وكوت ديفوار، وترتفع النسبة، حسب معطيات الشركة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية “كوفاص”، إلى ناقص 25 في المائة بالسنغال، علما أن هذه البلدان تعد من الشركاء الأساسيين لفرنسا بإفريقيا، مقابل نمو حصص بلدان أخرى منافسة مثل الصين والهند وبعض البلدان الأوربية، كألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة البريطانية وتركيا.
وتعد الشركات المغربية من بين المنافسين الشرسين لنظيراتها الفرنسية على الساحة الإفريقية، بفضل النموذج الجديد للشراكة جنوب –جنوب الذي اعتمده المغرب، ما جعل السلطات الفرنسية تعتبر أن الأمر بمثابة تمرد عليها، يتعين ردعه بكل الوسائل الممكنة.
ومكنت المقاربة المعتمدة من قبل الملك من إقناع العديد من البلدان بأهمية دور المغرب في الدفع بالعلاقات البينية الإفريقية، ما جعل جل البلدان تدافع عن عودة المغرب إلى العائلة الإفريقية، فكانت العودة القوية للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي بمثابة بداية نهاية “بوليساريو”، ما لم يستسغه قصر الإليزيه، خاصة أن ملف الصحراء يعتبر بالنسبة إلى أصحاب القرار الفرنسيين وسيلة للضغط على المغرب للحفاظ على مصالحها، علما أن فرنسا ما تزال تعتبر المستثمر الأول بالمغرب، والشريك التجاري الثاني.
ومثل الاعتراف الأمريكي، خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب، بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، القشة التي قصمت ظهر فرنسا وأخرجتها من صمتها، لتستعمل كل الوسائل، من أجل إضعاف المغرب وتشويه صورته أمام المنتظم الدولي، من خلال توظيف المؤسسات الأوربية، خاصة البرلمان الأوربي لإصدار تقارير وقرارات تدين المغرب على مستوى حقوق الإنسان وتورطه في قضايا أخلاقية، إضافة إلى تعبئة صحفها ووسائل إعلامها لنسج صورة قاتمة عن المغرب، مقابل دعم مالي سخي لفائدة هذه المنشورات.
وانكشف ذلك جليا، من خلال التغطية الإعلامية لبعض وسائل الإعلام الفرنسية للزلزال الذي ضرب إقليم الحوز والمناطق المجاورة له.