تبون يستبق تقريرا غير مطمئن لجولة المقرر الأممي إلى الجزائر
أبرز الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في الخطاب الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78 المنعقدة بنيويورك، المكاسب التي حققتها بلاده في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة وترقية وتعزيز حقوق الإنسان، وهي رسالة صريحة تستبق التقرير المنتظر تدوينه من طرف المقرر الأممي لمجلس حقوق الإنسان كليمان نياليتسوسي فول، الذي حل بالجزائر في زيارة تدوم عشرة أيام.
وأكد الرئيس الجزائري على اتباع بلاده لكل ما تمليه الترسانة التشريعية والحقوقية والاتفاقيات المنبثقة عن منظمة الأمم المتحدة، وأن عضويتها في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن بداية من مطلع العام القادم هي نتيجة طبيعية لجهودها ضمن المجموعة الأممية، خاصة فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
وذكر أن “الجزائر التي حظيت بدعم وثقة الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان لنيل العضوية فيها هي طرف في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وتعمل بكل حرص على تعزيز تعاونها معها ومواصلة تنسيقها مع مختلف هيئات المعاهدات المعنية بحقوق الإنسان وآليات الاستعراض الدولي الشامل، وأنها قدمت في نوفمبر 2022 تقريرها الوطني الرابع في إطار هذه الآلية”.
وتزامن خطاب الرئيس تبون مع الجولة التي يؤديها فول بعدما تأجلت عدة مرات لدواع مختلفة، لكن ناشطين ومهتمين بمجال حقوق الإنسان أدرجوا ذلك في خانة ما وصفوه بـ”نية السلطة في التعتيم على الخروقات والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في البلاد”.
◙ تنسيقية الدفاع عن سجناء الرأي تحصي نحو 300 معتقل بصفة مؤقتة أو بعقوبة صدرت في حقهم
واستدل هؤلاء بحزمة الأسئلة التي وجّهت للحكومة الجزائرية في التقرير الرابع، وشملت وضعية الحريات السياسية والإعلامية والدينية، والترسانة التشريعية التي قوضت مساحات التعبير الحر والتظاهر السلمي، فضلا عن التوظيف المفرط لمحاربة الإرهاب خاصة فيما بات يعرف بالبند 87 مكرر من قانون العقوبات الصادر العام 2021.
ورافع الرئيس الجزائري على حصيلة بلاده في هذا المجال بالقول “الجزائر تؤمن إيمانا عميقا بأن احترام حقوق الإنسان وترقيتها هو حجر الزاوية لأيّ نظام سياسي ذي مصداقية، وتعمل على تعزيزها بكل الوسائل الممكنة، وهو إيمان نابع من تمسك الشعب الجزائري بحقوق الإنسان”.
وتابع “التعديل الدستوري لسنة 2020 يعد إشهادا على قناعتنا بضرورة تعزيز الحقوق والحريات، وأنه لا يمكن أبدا المساس بجوهرها، حيث كرس هذا التعديل في أحكامه المساواة بين كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات لإزالة العقبات التي تحول دون المشاركة الفعالة للجميع، لاسيما في مجال ترقية حقوق المرأة وتنميتها سياسيا واقتصاديا من أجل إدماجها في مناصب المسؤولية، وتحقيق مبدأ المناصفة في سوق التشغيل وتعزيز دورها في السلم والأمن، وترقية مكانتها في مختلف مجالات الحياة على المستوى الوطني والقاري والدولي”.
ولفت إلى أنه “تم إعداد مخطط وطني عملي في إطار تنفيذ قرار صادر عن مجلس الأمن تلتزم من خلاله الجزائر بالحرص على ترقية دور المرأة في حل النزاعات والوقاية منها بما يتماشى ومبادئ السياسة الخارجية للجزائر”.
لكن في المقابل كان ناشطون حقوقيون وإعلاميون يطلعون ويناقشون المقرر الأممي لحقوق الإنسان حول وضعية الحريات السياسية والإعلامية، والملاحقات القضائية التي تطال معارضين للسلطة، عبروا عن رأيهم في احتجاجات سلمية أو عبر منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب الإفراط في تطبيق العقوبات السالبة للحرية لما يعرف بـ”معتقلي الرأي”.
وتحصي تنسيقية الدفاع عن سجناء الرأي نحو 300 معتقل بصفة مؤقتة أو بعقوبة صدرت في حقهم، كما دخل بعضهم في حملات إضراب عن الطعام من أجل لفت انتباه الرأي العام والحقوقيين والسلطة، حول ما يصفونه بـ”الإفراط في مهل السجن المؤقت، وملاحقتهم بعقوبات جنائية تفرز في الغالب عقوبات قاسية تتنافى مع حقهم في التعبير عن آرائهم”.
◙ خطاب تبون حول حقوق الإنسان يتزامن مع رؤية مناقضة لحقوقيين أدرجوا ذلك في خانة التعتيم الممنهج
واستمع المقرر الأممي بمدينة وهران إلى شروحات تتعلق بملف تشميع مقر “راديو أم” وموقع “مغرب إيمارجانت”، وسجن الصحافيين إحسان القاضي ومصطفى بن جامع، والباحث رؤوف فراح. كما رددت على مسامع المقرر شروحات حول وضعية عدد من المعتقلين، على غرار نورالدين تونسي، نبيل ملاح، إبراهيم لعلامي، موحاد قاسمي.. وغيرهم، فضلا عن قرار حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، والتضييق الذي يطال عدد من الجمعيات والنقابات، وهيئة الدفاع عن معتقلي الرأي.
وكان بيان لمكتب الأمم المتحدة بالجزائر قد أفاد بأن “المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات كليمنت نياليتسوسي فول سيقوم بتقييم احترام الحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات”.
وأضاف “المقرر سيركز بشكل خاص على قدرة منظمات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية على العمل بحرية، وكذلك على التدابير الرامية إلى حماية الحق في حرية التجمع السلمي، وأنه سيلتقي الى جانب ممثلي الحكومة البرلمان والسلطة القضائية وهيئات المراقبة المستقلة وأعضاء مكتب الأمم المتحدة في البلاد، ما أسماه بـ’الجهات الفاعلة الرئيسية’ من المجتمع المدني والصحافيين والأكاديميين والمحامين والنقابات والأحزاب السياسية، إلى جانب زيارته عدد من المدن والمحافظات والسجناء”.