تحتضن مدينة مراكش المغربية اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في الفترة بين 9 و15 أكتوبر المقبل، مثلما كان مقررا في مسعى من المغرب لتأكيد قدرته على إدارة أزمة الزلزال وعدم تأثيرها على الاجتماعات السنوية التي يحضرها محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية والتنمية والخبراء والأكاديميون في المجال.
ويظهر تمسك المغرب باحتضان الاجتماعات حجم الثقة التي تحظى بها المملكة لدى المؤسسات المالية الدولية، خاصة بعد ما لمسته الجهات المعنية من سرعة في التعاطي مع الزلزال وتطويق تداعياته على حياة الناس، من خلال سرعة الإنقاذ والإيواء والعناية بالمتضررين دون أن يخلف ذلك أي تأثير على أمن المدينة التاريخية التي ستحتضن الاجتماعات وتستقبل العشرات من المسؤولين والخبراء الدوليين في المجال.
ويضاف إلى ذلك التأكيد على أن تطويق تأثيرات الزلزال على المتضررين لم يكن بمنأى عن رغبة المملكة في الحفاظ على النسق العادي لسير الأنشطة الاقتصادية والسياحية، والتعاملات الخارجية للبلاد، ما يرفع منسوب الثقة بأداء الاقتصاد المغربي لدى الجهات المالية الدولية ومختلف الشركاء.
وجاء في البيان الصادر عن رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، أنه منذ وقوع الزلزال “عمل خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالتنسيق عن كثب مع السلطات المغربية وفريق من الخبراء” على وضع تقييم شامل لقدرة مراكش على استضافة الاجتماعات السنوية لعام 2023، وقد “راعى اعتبارين أساسيين، ألا وهما عدم عرقلة جهود الإغاثة وإعادة الإعمار الحيوية بسبب الاجتماعات، وإمكانية ضمان سلامة المشاركين”.
وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية فتاح إن تنظيم هذه الاجتماعات في موعدها المحدد يؤكد الثقة التي يحظى بها المغرب لدى المؤسستين الماليتين الدوليتين، وهو أيضا ثمرة عمل مشترك بينهما وبين الحكومة المغربية ما مكنهما من الوقوف على التدبير الفعال والناجع لأزمة الزلزال، و”التأكد من أن البنيات التحتية والتجهيزات التي ستمكننا من تنظيم هذا الحدث، تضمن أيضا الأمن التام للمشاركين”.
ويرى مراقبون أن تأجيل الاجتماع كان سيُظهر المغرب كما لو أنه لم يتحمل مخلفات الزلزال وأثر ذلك على التزاماته الدولية، وهو ما تسعى المملكة إلى إظهار عكسه تماما من خلال تمسكها بالموعد لتأكيد قدراتها في مواجهة الزلزال بالاعتماد على الذات بالأساس، وفي الوقت نفسه الحفاظ على التزاماتها المختلفة أمنيا واقتصاديا.
وأكد نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن احتضان هذا الاجتماع دون تغيير مكانه وتوقيته المقررين رغم الزلزال هو تكريس لقوة المغرب على المستوى الخارجي ورد مباشر على الاستهداف السياسي من بعض الخصوم، كما أنه يؤكد حرص المملكة على الوفاء بالتزاماتها الدولية.
وأضاف الأندلوسي أن عقد الاجتماع، مع عدم قبول المساعدات التي لم يكن يحتاجها، سيكرس صورة خارجية جيدة عن البلاد، ويدفع إلى إنجاح عملية إعادة الإعمار التي تستوجب مجهودات وعملا جديا من طرف المسؤولين عن هذه العملية”.
ويجمع هذا الحدث البارز مندوبين عن 190 دولة عضوا في هاتين المؤسستين الدوليتين، من بينهم قادة القطاع العام (البنوك المركزية ووزارات المالية والتنمية والبرلمانيين) والقطاع الخاص، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني وخبراء من الأوساط الجامعية.
وقال هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، إن “الاستجابة لرغبة المغرب في تنظيم الاجتماع اعتراف دولي بفاعلية هياكل الدولة المغربية في التعامل العالي مع الكارثة الطبيعية، وتكرس أيضا ثقة العالم بتدبير المؤسسات المغربية لمرحلة ما بعد الزلزال، خاصة أن هذا الاجتماع يعد من بين التجمعات المالية الاقتصادية التي تُستدعى إليها أهم الشخصيات الإستراتيجية العالمية في قطاع المال والأعمال”.
وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي قد أشادت بالتدابير التي اتخذها المغرب إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز. وقالت في تصريحات صحفية “من المهم جدا أن يتحد البلد في وقت الأزمة، وأن يظهر حس التضامن”.
كما أشارت إلى أن هذا التضامن يعكس بشكل جلي كرم وسخاء الشعب المغربي، مؤكدة في هذا الصدد أنها تعلم جيدا “أنه سيتم استقبالنا بنفس مظاهر الحفاوة والكرم في مراكش خلال أكتوبر المقبل”.