الزلزال لا ينسي سكان الحوز كرم الضيافة
لم تُنس بشاعة الزلزال أهالي الحوز كرمهم وجودهم رغم ما لحق بمنازلهم من دمار كبير، فهم يحرصون على تقديم الأكل والشرب للزائرين مهما كانت صفتهم، ويوفرون لهم المأوى في خيامهم البسيطة.
“أهالي الحوز أهل كرم وجود”، عبارة يرددها مسعفون وصحافيون ورجال إنقاذ وأمن خلال عملهم في المناطق المنكوبة بالزلزال المدمر وسط المغرب.
ففي الثامن من سبتمبر، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر عدة مدن مغربية، منها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال) ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).
وأسفر الزلزال، وهو الأعنف منذ قرن، عن مصرع 2946 شخصا وإصابة 6125 آخرين، بالإضافة إلى دمار مادي كبير، بحسب أحدث بيانات لوزارة الداخلية.
وفي ظل تلك الكارثة، يقف الزائر أمام بيت أحد المتضررين.. مبنى مهدم ومتاع وأثاث مدمر وكل شيء مفقود، إلا أن المنكوب يحرص على الترحيب بالزائر وتقديم الشاي والمأكل.
قصص كرم أهالي المناطق المنكوبة نقلها مسعفون وصحافيون ومغامرون عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وهذا السيناريو تكرر في مختلف قرى ومدن إقليم الحوز وتارودانت وبقية المناطق المتضررة من الزلزال.
لم تكن عائشة صيباري (35 عاما)، وهي صحافية، تعلم كما قالت للأناضول أن عملها الذي قادها إلى أعالي جبال شيشاوة سيجمعها بأهال “قمة في الأخلاق والترحاب والكرم”.
تأخرت صيباري بالعودة إلى شيشاوة ليلا في اليوم الثاني من الزلزال، وتوقفت بسيارتها قرب قرية أمندونيت، حيث كانت لا تزال صخور كبيرة تتساقط مما يشكل خطورة عليها.
الأهالي عرضوا عليها المبيت مع نساء القرية، فالجميع يبيت خارج ما تبقى من المنازل في جهة مخصصة للرجال وأخرى للنساء، أما الأطفال فمستمرون في اللعب، إذ لم يستوعبوا حجم الدمار الذي حل بقرى المنطقة، وبمجرد توقفها قدموا لها العشاء والقهوة.
هذه المواقف تكررت مع صحافيين ومسعفين، إذ لا يبخل أهل القرى المنكوبة بتقاسم القليل الذي تبقى لديهم مع كل زائر أيا كانت صفته.
مدينة أمزميز لم تحد عن قاعدة الجود والكرم، فالحاجة لطيفة مروان (65 عاما) تتكفل بمفردها بإطعام وخدمة نحو 20 أسرة تقطن الخيام بالقرب من منزلها، وفقا لمراسل الأناضول.
والحاجة ميسورة الحال تملك الكثير من الدور، ولم تسافر إلى مدينة أخرى رغم الدمار في أمزميز، إذ تصر على عدم ترك المكان لأنها تتقاسم السراء والضراء مع أهلها وجيرانها ومعارفها.
وهي تتحدث مع جميع أفراد الأسر، وتبيت بالقرب منهم في الخيم، وتحرص على راحتهم رغم سنها المتقدم.
وعندما تسمع الحاجة عن وجود زائر تسارع إلى إكرامه والاهتمام به، وعندما أرادت هيئة حكومية نصب خيمة كبيرة، حرصت الهيئة على استشارتها أولا لكونها مالكة الأرض، لكنها غضبت لأنهم سألوها وطالبتهم بالإسراع بنصب الخيمة لمساعدة الناس.
تعدد قصص كرم أهالي المناطق المنكوبة نقلها مسعفون وصحافيون ومغامرون عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكتبت المغامرة البريطانية أليس موريسون على منصة إكس “المغاربة بلا مأوى هنا، لكنهم ما زالوا يشاركونني ضيافتهم”.
وتابعت “كلما مررت بأسرة تعرض علي الشاي والطاجين (أكلة مغربية)”. ونشرت أليس صورا لها في إحدى مناطق الزلزال.
فيما قالت عزيزة العباسي، وهي صانعة محتوى، على فيسبوك “الأمازيغيون رمز الجود والكرم، لم يعد لديهم أي شيء، والمنزل شبه مدمر ويقدمون لك الزعفران (غالي الثمن ويستخدم في الطبخ)”.
وكان الديوان الملكي المغربي أفاد بأنه تم تفعيل المرحلة الأولى من خطة طارئة لإيواء متضرري الزلزال، وتشمل خمسين ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا في الأقاليم الخمسة المتضررة.
كما تقرر صرف مساعدات مالية مباشرة لتسريع أعمال البناء أو إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا، وطالب العاهل المغربي الملك محمد السادس باستجابة سريعة وقوية تحترم كرامة السكان.
وقد نشرت القوات المسلحة المغربية مقطع فيديو عبر منصة إكس قالت إنه لإنشاء فرقها مخيما عسكريا متكاملا لإيواء المتضررين من الزلزال في منطقة أمزميز، وتظهر في المقطع المصور إقامة المخيم العسكري وتزويده بالخدمات الطبية والمواد الغذائية وغيرها من المستلزمات الأساسية.
ويقترب عدد قتلى زلزال المغرب من ثلاثة آلاف شخص، في حين بلغ عدد الجرحى 6125، يأتي ذلك وسط استمرار عمليات الإغاثة والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض لليوم الثامن وتوقع الأمم المتحدة أن يطلب المغرب منها مساعدة لدعم الناجين من الزلزال.
وأوضحت وزارة الصحة المغربية أن من بين المصابين 873 شخصا إصاباتهم خطيرة، ونحو 3400 إصاباتهم طفيفة، كما أفادت بأن عدد المصابين حاليا في المستشفيات بلغ 476 شخصا، منهم 81 في أقسام العناية المركزة.