يحق لنا نحن أبناء طارق ابن زياد و يوسف بن تاشفين وابن تومرت والسعدي و عبد المومن الموحدي و مولاي إسماعيل ومحمد الخامس و الحسن الثاني..أن نفتخر بتاريخ طويل من الإنجازات و الانتصارات و البنـاء و سك العملة الوطنية…
يحق لنا نحن أبناء السيدة فاطمة الفهرية والسيدة الحرة و زينب النفزاوية و كنزة الاوربية و خنانة بنت بكار و غيرهن كثير..أن نفتخر بأمهات المغاربة اللآتي شاركن بقـوة في صنع القرار في لحظات تاريخية مهمة…
يحق لنـا نحن أبناء ابن بطوطة و الحسن الوزان و الفيكيكي و الشريف الادريسي و العياشي و ابي القاسم الزياني.. وغيرهم كثير، أن نفتخر بجيل من الرحالات المغاربة وثقـوا رحلاتهم الى مشارق الأرض و مغاربها، وتـركوا بصمات مغربية خالدة في الفقه و الفكر و الاجتماع و الجغرافيا و التاريخ…
و يحق لنـا نحن أبناء المقاومة و الإستقلال و طريق الوحدة و المسيرة الخضراء و مغرب مسيرات الملك محمد السادس في البناء الديمقراطي و التحديث و التمنية المجالية…الإفتـخار بالانتماء إلى هـذه ” الأمة الـوَلاَّدة”…
يُـقال رب ضارة نافعة ، صحيح أن زلزال مناطق الحوز و الاطلس في ليلة الجمعة 9 شتنـبر خلف آلآما نفسية كبيرة و وجعا جماعيا لكل المغاربة جراء عدد الموتى و الجرحى وهدم البيوت و الدواوير ، و الخسائر الكبرى في الرأسمال اللامادي للمغرب كمسجد الكتبية و مسجد تنميل و جامع ساحة الفنـا و سور تارودانت العظيم و هو ثالث أقـدم سور في العالم وخسائـر أخرى في المدينة القديمة لمراكش..وهي كلها ضمن لائحة الثرات الإنساني و العالمي لمنظمة اليونيسكو…
لكن صور قوافـل التضامن من مناطق الريف و الصحراء المغربية و الشرق و الغرب ومن مغاربة العالم…صور سيارات و شاحنات المغاربة متجهة صوب مناطق الزلزال..صور سلاسل بشرية من نساء و رجال و أطفال يساهمون و يتضامنون مع إخوانهم و أخواتهم و أطفالهم بالحـوز و تارودانت و ورزازات..صور مغاربة العالم يساهمون و يُـواسون عائلات الضحايا…صور السلطات و الجيش الملكي و الهيئات الطبية وهي تسعف الساكنة و محاولات الإنقاذ و الايـواء…
كانت كلهـا بحق درسا مغربيا جديدا ينضاف الى سلسلة الدروس المغربية في التضامن و التآزر..و ملحمة وطنية جديدة بين العرش و الشعب كالمسيرة الخضراء و زمن كورونــا…في مغرب الملك محمد السادس..
الدرس المغربي الجديد في التضامن هو شهادة عن الحالة الصحة الجيدة للُّحْمة الوطنية و للجبهة الداخلية ، و أن أفـراد الأمـة المغربية معتزون بأنفسهم و بكرامتهم و يشـدون عضض بعضهم البعض و واثـقون في مؤسساتهم…وهو ما أشاد به العديد من الأصدقاء من رجال السياسة و الإعلام و الآقتصاد…وفي نفس الوقت أغاض البعض الآخـر…!
و فـي الوقت الذي كان المغاربة ملكا وشعبا …منشغلون بتعداد موتاهم و جرحاهم و إحصاء عدد أيتامهم و بيوتهم المهدمة…و التفكير في برامج استعجالية و أخرى مستقبلية لفائـدة المناطق المنكوبـة و تسطير أجندة محددة لتنفيذ كل تلك البرامج و صرف التعويضات المالية المخصصة لفائـدة الأسـر أو للبيوت المهدمة..و اعتبار أطفال و أيتـام زلزال الحـوز ” منكـوبي الأمـة “…
كان المنزعجون من هذا الدرس المغربي..منشغلون بتسخير ذبابهم الإلكتروني و شاشاتهم و مجلات ” سخريتهم ” لإستفـزاز مشاعر المغاربة و للتقلـيل من درجة تفـوق الشخصية المغربية أمام الصعاب و التحديات ، لكن الجميع يعرف مقـر هيئة تحريرها الحقيقي و أجندتها ومن يُمـلي عليها خطوط سخريتها..
و يبدو أن تلك الجهات المنزعجة ، لم ” تهضم ” بعـد ، أن المغرب هو بلد مستقل و ذو سيادة و بـتاريخ طويل ضمن أعـرق الملكيات في العالم..و انه يملك قراره السيادي و يحدد بموجبـه إحداثيات التعامل معه في مجالات التعاون و التجارة و الشراكات الاستراتيجية..
لقد تجرد ” المنزعجون ” من كـل إنسانيتهم و لم يحترموا لحظات الحزن و العـزاء التي عاشها المغاربة…و أفـرغ مُـراسِلـوهم كل حقـدهم و حاولوا الصيد في غيـر موضـعه..إذ فشـلت تقاريرهم و ميكروفوناتهم ..أمام طوفان جارف من مشاعر التضامن و التآزر الشعب المغربي ، كما أصابتهم الزيارة الملكية وتفقـده لضحايا زلزال الحوز بمستشفى مـراكش وتبرعه بالدم لفائـدة الضحايا وبمبلغ مليار درهم لفائـدة الصندوق الخاص لمواجهة آثار الزلزال و بترأسـه لجلسات العمل لاعادة الإيواء و التكفل بمتضرري الزلزال…في مقتـل..
إننا منشغلون الآن في تضميد جراحنا و حماية أطفالنا و بناء بيوتنا بالحوز باحترام خصوصيات المنطقة و احترام كامل لكرامة أهلنا في مناطق الحوز ، لأن المغاربة يعتبرون ما قاموا واجبا وطنيا أولًا وأخيرا…و لن نجتـر إلى ملعب ” المنزعجون ” و التهديدات الضمنية لمختلف أدواتهم في دوائـر الاعلام و السياسة و المال و الجمعيات المدنية…لانه لكل حادث حـديث…
و سيأتي زمن ليُحكى فيه عن ” سمفونية ” تضامن وطنية كبرى.. كتـبها العرش والشعب معا، بعد أعنف زلزال ضرب المغرب في مناطق الحوز و تارودانت و ورززات في ليلة الجمعة 9 شتنبـر 2023…لتنضاف بذلك لبنة أخرى و حلقة جديدة لتراكمات وملاحـم الشخصية المغربية الأبية…الممتدة منذ نشأة الدولة المغربية..و وفاءا لقيـم و مواقف الإقدام و الشجاعة لأيقـونات المغرب التاريخية كطارق بن زياد و بن تاشفين والمولى إسماعيل و محمد الخامس و الحسن الثاني و جلالة الملك محمد السادس…و أن المغاربة مسكونين بوطنهم يحملونه بين ظلوعهم حيث كانوا..وأن منبت الاحرار و مشرق الأنوار ..وهب فتاك لبى نـداك..ليست بشعارات لدغدغة الشعور الوطني ، بل هي عقيدة و تربية الوجدان الوطني…
عبدالله بوصوف..