مدٌّ تضامني مع المغرب في مباريات أسود الأطلس وبوركينا فاسو

تصفيق حار ودقيقة صمت وتلاوة الفاتحة وشعار “كلنا مع ضحايا الزلزال” على الشاشة الكبيرة بملعب بولارت في لنس. تلك كانت أجواء فوز المنتخب المغربي على نظيره البوركينابي 1 – 0 الثلاثاء في مباراة دولية ودية في كرة القدم، حيث عبّرت الجماهير عن مشاعرها في المدرجات بألوان المملكة المنكوبة.

وعندما سجَّل لاعب وسط مرسيليا الفرنسي عزالدين أوناحي الهدف الوحيد في الدقيقة 36 عمّت الفرحة العارمة مدرجات الملعب وسجد اللاعبون ترحماً على الضحايا الذين بلغ عددهم حتى الآن نحو 3 آلاف قتيل.

وقال المغربي البلجيكي الجنسية منعم بنيس (39 عاماً)، وهو موظّف في إحدى وكالات المراهنات الرياضية، “إنها وحدة وتضامن في الوقت نفسه”، فيما قال أحد أصدقائه ضاحكاً “كنا نلعب على أرضنا”، في إشارة إلى كثرة المشجعين المغاربة في الملعب.

لاعبو المنتخب المغربي يطردون الحزن بفوزهم وسجدوا ترحما على ضحايا الزلزال الذين بلغ عددهم حتى الآن نحو 3 آلاف قتيل

ورفع المشجعون لافتات عدة في الملعب حيث طغى اللون الأحمر على الأخضر، إحداها كُتبت عليها عبارة “المغرب كله، جميعنا متحدون، تحية للضحايا”.

وحظي اللاعبون المغاربة بحفاوة استقبال كبيرة عند دخولهم أرضية الملعب، ووقف بعدها جميع المشجعين لترديد النشيد الوطني المغربي، قبل الوقوف دقيقة صمت ختمت بقول “الله أكبر”.

كما تمت قراءة سورة الفاتحة ترحماً على أكثر من 2900 من ضحايا الزلزال.

وقبل المباراة التي كانت الأولى لأسود الأطلس منذ وقوع الزلزال توافد المشجعون والمقيمون على الملعب لجمع التبرعات لصالح الضحايا.

وتم وضع التبرعات، التي تتكون من ملابس وأغطية وضمادات وأدوية، في شاحنة متجهة إلى إسبانيا براً، ثم إلى المغرب بالباخرة.

وقال سعيد السعيدي، البالغ من العمر 40 عاماً والذي ارتدى قميص المنتخب المغربي، “شكرا لفرنسا التي تقف دائما إلى جانب المغاربة، في الاحتفال وفي المعاناة”.

وكان صوته مبحوحاً وهو يتحدث إلى رفاقه قائلا “نريد مساعدة إخواننا، ونتقاسم معهم كل ما لدينا”، مضيفاً “أود أن أكون هناك في بلادي، والدَاي هناك، والحمد لله أنهما على قيد الحياة، ولكن ما حدث لأبناء بلدي يؤلمني كثيراً”.

وحسب الجامعة (الاتحاد) الملكية المغربية لكرة القدم، فإن عائدات المباراة التي حضرها أغلب أفراد الجالية المغربية المقيمة في الخارج سيتم إيداعها في “الصندوق الخاص بتلقي المساهمات التطوعية التضامنية لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي ضرب المملكة”.

وقالت ثريا التي جاءت مع عائلتها “إنها لحظة خاصة، كل الدعم يذهب إلى المغرب. نفكّر في كل الموجودين هناك والذين تركونا”.

وأضافت الفتاة البالغة من العمر 37 عاماً “لم نعد في الحالة الذهنية نفسها التي كنا عليها عندما اشترينا التذاكر”.

 

تضامن استثنائي
تضامن استثنائي

 

من جهته قال سفيان الثلاثيني الذي يقوم بتوصيل الطلبيات، وقد فضّل عدم ذكر لقبه العائلي، “الأوقات صعبة، ولكن رؤية أبناء البلد بأكمله معًا يثبت أننا لا نزال متحدين”.

وقبل دخول الملعب أحضرت الممرضة الفرنسية – المغربية فتيحة الغزواني عكازات ومشاية وأدوية مسكنات وكمادات.

وقالت الممرضة الشابة التي لم تتأثر عائلتها في المغرب بالزلزال “المغرب سيتجاوز هذه المحنة، وسيعود إلى الوقوف على قدميه”.

“هذه اللحظة التي كان ينبغي أن تكون احتفالية أصبحت عملاً تضامنياً”، هكذا لخَّص إبراهيم كوجان، نائب رئيس بلدية أفيون وأحد المسؤولين المنتخبين الذين أشرفوا على تنظيم عملية جمع التبرعات، مشاركة بعض الجمعيات في المد التضامني.

وبالإضافة إلى التبرعات العينية تم جمع الأموال عند مداخل الملعب حيث وضعت صناديق ظهرت عليها أوراق نقدية كبيرة.

وقال كوجان، ابن أحد عمال المناجم الذين عملوا سابقاً في فرنسا، “نحن في مدينة، في منطقة تضامنية”.

وأضاف “في المناجم لم تكن هناك جنسية، البولنديون والإيطاليون والمغاربة، وفي النهاية كنا جميعًا بوجوه سوداء”.

قبل المباراة التي كانت الأولى لأسود الأطلس منذ وقوع الزلزال توافد المشجعون والمقيمون على الملعب لجمع التبرعات لصالح الضحايا

وحتى أكثر من المناطق الأخرى في فرنسا حيث أثار الزلزال موجة من التضامن، ترتبط منطقة نور-با-دو-كالي بعلاقات قوية جدا مع المغرب، المحمية الفرنسية بين عامي 1912 و1956.

وجاء حوالي 80 ألف مغربي تم التعاقد معهم من طرف وسطاء بين 1950 و1970 من أجل العمل في مناجم الفحم.

وقال عمدة مدينة لنس سيلفان روبير في تصريح عبر الهاتف “لقد اجتمع الجميع معًا. ولا تزال هناك روابط قوية إلى حد ما حتى اليوم”.

وأكد ريمون وغاي بيلي من سكان منطقة المناجم الذين جاءوا للمساعدة “لقد تألمنا كثيرا من رؤية ما كان يحدث هناك (في المغرب). من المنطقي أنهم بحاجة إلى المساعدة، ونحن نساعدهم”.

ومن بين المتبرعين فرانسواز التي فضّلت بدورها عدم ذكر لقب عائلتها. لم تحضر المباراة لكنها قادت سيارتها لمدة ساعة من بولوني-سور-مير من أجل التبرع بالأدوية بعد أن عادت لتوها من مراكش حيث وصلت الجمعة لقضاء إجازة.

وقد وصفت ما عاشته مع زوجها قائلة “شعرنا بالزلزال (…) ووجدنا أنفسنا في الشارع مع حقائبنا في حالة ذهول. كان هناك دخان هائل، وتساقطت الحجارة”.

وأضافت “التضامن المغربي عظيم، ولهذا السبب كان من المهم بالنسبة إلي أن آتي إلى هنا وأقف إلى جانب بلد استقبلني عدة مرات”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: