جهود جبارة لإغاثة منكوبي الزلزال رغم الانهيارات الأرضية
يقوم عناصر الإنقاذ المغاربة، بجهود جبارة لتسريع عمليات البحث للعثور على ناجين محتملين وتوفير مأوى لمئات الأسر التي خسرت مساكنها، لكن الانهيارات الأرضية تزيد من صعوبة هذه المهمة للوصول إلى القرى المنكوبة.
ويقود الجيش المغربي جهود الإغاثة، بدعم من مجموعات وفرق إغاثة أرسلتها أربع دول أخرى (إسبانيا وبريطانيا والإمارات وقطر)، للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين فقدوا منازلهم رغم تلاشي الآمال بعد أكثر من 72 ساعة على الزلزال المدمّر.
ويقع مركز الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة وأدى إلى مقتل حوالي 2900 شخص وجرح 2562 آخرين في إقليم الحوز الممتد بمعظمه على جبال الأطلس الكبير. ممّا يجعله أدمى زلزال يضرب المغرب منذ عام 1960 والأقوى منذ عام 1900 على الأقل.
وقال مراسلو “رويترز” إنّ هناك زيادة ملحوظة في عدد القوات المغربية والشرطة وعمال الإغاثة على الطرق القريبة من مركز الزلزال. وأقيمت خيام أو تمّ توسيعها وازدحمت المستشفيات الميدانية وحلّقت طائرات الهليكوبتر في الأجواء.
وتعاملت الفرق الطبية مع حالات كسور في العظام وجروح وإصابات بالصدمة نتجت عن انهيار المباني، كما عالجت أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري ممّن شردهم الزلزال رغم شح الإمدادات الطبية.
وتغطي الجبال ثلاثة أرباع مساحة إقليم الحوز الذي كان الأكثر تضررا من الزلزال، وفيه 40 قرية ومدينة وتجمعا سكانيا وسط طبيعة قاسية، حيث تسبب الزلزال في انهيارات صخرية، دمر بعضها الطرق والقرى بشكل شبه كامل مما عقّد عمليات الإنقاذ.
واضطر بعض الأهالي للمشي على الأقدام والاستعانة بالدواب لنقل بعض المساعدات العاجلة، بينما تحاول السلطات الاستعانة بالآليات لتفسح المجال أمام الشاحنات والسيارات، والاستعانة بالمروحيات للوصول إلى بعض هذه المناطق النائية.
وفي قرية أوتاغري الصغيرة، التي سويت بالأرض بالكامل تقريباً، أمضى ناجون خمس ليال منذ وقوع الزلزال في العراء في فناء مدرسة، وهو أحد المساحات القليلة التي لم تغطّها الأنقاض، في ما يخشى الناجون الهزات الارتدادية ويكافحون من أجل التأقلم مع الوفيات والدمار.
والمدرسة نفسها لا تزال قائمة على الرغم من الشقوق والفجوات الضخمة التي شوّهت الجدران الملونة وجعلت المبنى غير آمن. ويستخدم القرويون إحدى الغرف كمكان لتخزين زجاجات المياه والمواد الغذائية. وتلقت القرية شحنة من الخيام قدّمتها الحكومة.
وفي قرية أسني الكبيرة، التي تشكّل نقطة مواصلات وتسوّق كبيرة للقرى المحيطة، يستقبل مستشفى عسكري ميداني المرضى منذ يوم الإثنين.
وإلى جانب المستشفى، كانت هناك صفوف من الخيام الكبيرة الزرقاء والخضراء التي وفرتها الحكومة للمشردين. ووسط هذه الخيام، كان الأطفال يقفزون فوق بساط مطاطي.
وفي بلدة تلات نيعقوب الصغيرة، التي تعرضت لضرر بالغ لكن تحوّلت إلى نقطة إغاثة، كان المرضى يتلقون العلاج داخل سيارات إسعاف مصطفة بجوار مخيم للناجين.
وفي إطار مبادرة خاصة، جاءت سيارات إسعاف من مستشفيات في أجزاء أخرى من المغرب قررت إرسالها مع بعض موظفيها لمساعدة الناجين.
وضرب الشباب المغاربة مثالا يحتذى به في المسؤولية الاجتماعية والإنسانية، حيث يقودون جهود الإغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويستجيب متطوعون من أنحاء مدينة تارودانت وضواحيها لمناشدات طلب المساعدات للمنكوبين.
وينسّق ناشطون على الشبكات الاجتماعي جهود توزيع المساعدات لمئات المجتمعات، وتتولى سلاسل بشرية مهمة شحن منتجات الحليب وحفّاضات الأطفال والمربّى والملاءات، وتوجيهها عبر الشاحنات إلى قرى في سلسلة جبال الأطلس.
وفي العديد من المناطق، تسفر مثل هذه الجهود عن وصول المساعدات إلى المحتاجين بأسرع طريقة ممكنة.
ومع وصول التبرعات بكثافة، يتمثل التحدي الأكبر في تنظيمها وتنسيق توصيلها إلى خارج المدينة بأسرع وتيرة ممكنة.
وفي أنحاء مدينة تارودانت تدوي أصوات الشاحنات المحملة بالمساعدات في أثناء انطلاقها إلى قمم جبال الأطلس حيث القرى المنكوبة.
وعادة ما تُحدد الوجهة الأخيرة لكل شاحنة في آخر لحظة، وذلك بناء على طبيعة المناشدات الإغاثية الواردة. وتعطَى الأولية للأماكن التي لم تتلق المساعدات بعد.
وتبدو المساكن الجبلية التي تضررّت أكثر من غيرها بسبب الزلزال كما لو كانت في كوكب آخر.
وتمتد قمم جبال الأطلس على بُعد النظر، وتضطر الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى قطع مسافات بعيدة عبر طرق رملية مليئة بالمنحدرات الخطيرة.
وفي قرية أوج ديمت، اندفع رجل للترحيب بشاحنة تحمل أغطية ومراتب وخيما، صائحاً لقائدها بتوجيهات من أجل الوقوف.
وسحق الزلزال هذه القرية بما عليها من 40 عائلة، تاركا إياهم يحتمون بظلال الأشجار، بعد انهيار منازلهم.