عمدت وزارة الخارجية الجزائرية لاستغلال تصريح «مفبرك»، لوزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي لاستخدامه في بيان أعلنت خلاله رفض المغرب لطلب المساعدة الذي قدمته عقب الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز، رغم موافقة وهبي، وهو ما أثار الكثير من الاستغراب إذ كيف تعول الجزائر على تصريحات لوزير العدل بدل التواصل مع الجهات الدبلوماسية المعنية.
ونفى عبداللطيف وهبي، خلال مشاركته في أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالبرلمان، أن يكون قد أدلى بأي تصريح يفيد بكون المغرب قبل عرض المساعدة الجزائرية، موضحا أنه تم فتح تحقيق في هذه “المزاعم”.
وأكد عمر الشرقاوي، أستاذ القانون العام، أن المعني بالدعوة القضائية هو رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني عبدالرحيم المنار إسليمي، بسبب تدوينة وصف فيها تصريحات وهبي بأنها خطيرة جدا، لما تحمله في طياتها من تجاوز للاختصاصات وعدم الدقة، وتستدعي تدخلا من رئيس الحكومة للتنبيه، كما اعتبره وهبي تعديا عليه يستوجب المتابعة القضائية.
كما أورد المسؤول الحكومي أن “السلطات فتحت تحقيقا حول حقيقة ما نسب إليه”، موضحا أنه “طالب قناة العربية بنشر توضيح في الموضوع، وبأنه تحدث عن كون المغرب دولة مؤسسات، هي التي تملك حصرا حق البث في موضوع المساعدات الدولية”، مستنكرا “ما ادعته الجزائر من كوني رحبت بمساعدات الجزائر للتخفيف من آثار الزلزال الذي ضرب المملكة”.
ونقلت وسائل إعلام دولية تصريحات منسوبة للوزير قال فيها “نرحب بالمساعدات الجزائرية لكن بالتنسيق مع وزارة الخارجية”، مؤكدا أنه “لا يزال هناك أمل في العثور على مفقودين بالمناطق المنكوبة”، لكنه أشار إلى أن فرق الإغاثة تواجه صعوبات في الوصول إلى العالقين بالمناطق الجبلية.
ونشرت قناة “الجزائر الدولية” صورا تقول إنها لفريق إغاثة جزائري بمطار “بوفاريك”، حيث يستعد للإقلاع إلى المغرب، بعدما زعمت أن وزير العدل عبداللطيف وهبي قد منح الإذن للسلطات الجزائرية بخصوص قبول المساعدات.
وأوردت الخارجية الجزائرية أن مبادرتها جاءت وفق ما أعلنه وهبي الذي صرح لقناة “العربية” بأن “المغرب يرحب بالمساعدات الجزائرية، لكن بالتنسيق مع وزارة الخارجية المغربية”، وهو ما فهم منه من الطرف الجزائري أنه قبول من المغرب للمساعدات، موضحة أن القنصل العام للجزائر بالدار البيضاء نسق مع خلية الأزمة المنشئة على مستوى وزارة الشؤون الخارجية المغربية بغية ترسيم عرض الجزائر تقديم مساعدات إنسانية.
وأكد وهبي أنه طالب قناة “العربية” بنشر توضيحات حول ما تم تداوله، مبرزا أن أول من نشر هذا “الخبر الزائف” هو صحافي مصري قبل أن تنقله وسائل إعلام أخرى، مع أنه لم يقل خلال تصريحاته للقناة إن المغرب يفتح أبوابه أمام عرض الدعم الجزائري، ولفت إلى أنه طالب بنفسه السلطات المغربية بإجراء التحريات اللازمة حول هذه المزاعم.
ولتصحيح ذلك، أكد مصدر من حزب الأصالة والمعاصرة أن “استغلال الجزائر لتصريحات وهبي للقناة التلفزية، يدخل في إطار الحرب الممنهجة ضد المغرب ومؤسساته، وأنها لم تكن صادقة في ما يتعلق بإعلان استعدادها لتقديم مساعدات إنسانية للمغرب”.
وأضاف أن وهبي أكد بشكل واضح أن المملكة تتجاوب مع عروض المساعدة المقدمة من طرف الأصدقاء، وقد تم قبول المساعدات من إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات.
ولفت المصدر ذاته إلى أن “هناك من حاول تصفية حساباته السياسية مع وهبي بمحاولة توريطه في تصريح تم إخراجه من سياقه، ويمكن العودة إلى تسجيل القناة والتأكد من أن ما قاله الوزير موضوعي، وأنه أجاب على سؤال الصحافي من منطلق مسؤوليته الحزبية والحكومية وبوصفه رئيس بلدية تارودانت المنطقة التي ضربها هي الأخرى الزلزال”، مشيرا إلى أن “وهبي لا يمكنه التعدي على اختصاصات وزارة الخارجية في هذا الموضوع بالذات”.
وكانت الجزائر أعلنت، عبر منابرها الإعلامية الرسمية، أنها خصصت ثلاث طائرات لتوجيهها إلى المغرب قصد المساهمة في جهود الإنقاذ والإغاثة، واحدة تحمل فريقا من الوقاية المدنية واثنتان تحملان أدوية ومواد غذائية، وظهر فريق المهمة في مطار “بوفاريك” وهو يحمل العلم الجزائري استعدادا للإقلاع صوب المناطق المنكوبة.
وعملت وسائل الإعلام الجزائرية على تضخيم التصريحات المنسوبة لوزير العدل المغربي، وبأن الحكومة المغربية قد وافقت على عرض المساعدة الجزائرية، على الرغم من عدم تلقيها أي مؤشرات تفيد بذلك عبر القنوات الدبلوماسية، قبل أن يأتيها الرد من وزارة الخارجية التي أبلغت القنصل العام للجزائر في الدار البيضاء بأن “المملكة المغربية ليست بحاجة إلى المساعدات الإنسانية المقترحة من قبل الجزائر”.
ونفى ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن يكون المغرب قد طلب أي نوع من المساعدة من الجزائر، مؤكدا أن الرباط لم تبلغ هذه الأخيرة بأنها موافقة على عرض المساعدة التي تقدمت به.
وأكد وهبي أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أنه أشار في تصريح إعلامي إلى أن “الشعب المغربي متلاحم، والمؤسسات تقوم بدورها، ولدينا إمكانياتنا وقدراتنا، وحينما نحتاج إلى المساعدة سنعلن ذلك”، كما قال “سأواصل الخروج في لقاءات إعلامية ومن أقلقته تصريحاتي فلا يهم”.