يقظة مغربية مبكرة في مواجهة الأخبار الكاذبة حول الزلزال
تحركت السلطات المغربية مبكرا للتصدي لانتشار الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية التي نقلت عنها، حيث تتحول الشبكات الاجتماعية خلال الكوارث أو الحروب، إلى مصدر الأخبار الأول بسبب سرعة الوصول إلى مكان الحدث، ونشر الصور ومقاطع الفيديو المباشرة من كل مكان.
وأظهرت السلطات المغربية قدرة عالية على التعامل السريع مع انتشار أخبار زائفة ومضللة رافقت الساعات الأولى للزلزال المدمر، منها ما تبحث عن الإثارة وأخرى التقطت معلومات من وسائل التواصل الاجتماعي دون التثبت من صحتها، فيما البعض الآخر لها أغراض سياسية وتبحث عن فرصتها لتسويق المعلومات المضللة.
واستجابت الهيئات المعنية بسرعة فائقة للرد على تقديم بعض الصفحات على الشبكات الاجتماعية، ومعها فيديوهات وصور وتسجيلات صوتية على تطبيق وتساب، معلومات غير صحيحة عن الزلزال، بينما فتحت الشرطة تحقيقا في نشر خبر كاذب استخدم العلامة البصرية لإحدى المواقع المغربية الإخبارية المعروفة والموثوقة من أجل بث الرعب في سكان مراكش.
وأطلقت وكالة المغرب العربي للأنباء سلسلة “زلزال الحوز: رصد وتفنيد الأخبار الزائفة” (SOS Fake News)، رصدت من خلالها الأخبار الكاذبة والصور والفيديوهات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي. لإدراكها أن هذا التضليل يلحق أضرار جسيمة خلال عمليات إنقاذ المتضررين، ويساهم في تعطيل توفير الاحتياجات الأساسية لضحايا الزلزال، مثل المأوى والدواء.
وتتابع سلسلة “رصد وتفنيد الأخبار الزائفة” كل ما ينشر على المنصات الإعلامية والاجتماعية العربية والغربية بخصوص الزلزال، للفرز بين الأخبار الزائفة والصحيحة، لاسيما أن العديد من وسائل الإعلام وقعت في فخ التضليل ونقلت أنباء عن مواقع التواصل الاجتماعي دون تحري الدقة عن هذه المعلومات، التي تتسبب بإلحاق أضرار جسيمة خلال عمليات الإنقاذ. كما أن الناجين يعانون بشكل كبير من انتشار هذه الأنباء.
وتوضح وكالة المغرب بشكل متتابع المعلومات الكاذبة التي يتم تداولها وتصححها لتكون لدى المتابعة رؤية صحيحة لما يجري، مثل ترويج مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر انهيار أبنية بمدينة الدار البيضاء ومناطق أخرى، مؤكدا أنه زائف.
وبينت الوكالة أن هذه المقاطع تتعلق بفيديوهات قديمة لانهيار بنايات سكنية متهالكة. منها انهيار منزل بدرب مولاي الشريف بالدار البيضاء ليلة الاثنين 26 ديسمبر إلى الثلاثاء 27 ديسمبر 2022. وحينها عملت السلطات المعنية على إخلاء عدد من المنازل المجاورة تحسبًا لسقوطها، خاصة وأنّ المنطقة تعرف وجود عدد مهم من الطوابق الآيلة للسقوط، منها منازل جرى إخلاؤها قبل سنوات. ويتعلق أحد الفيديوهات الزائفة بمدينة مزعومة في المغرب:
ويتم تداول صور زائفة على شبكة الإنترنت لمنشآت مينائية متضررة وانقلاب سفن على الأرصفة، في حين أن حقيقة هذه الصور هي لمنشآت مينائية أجنبية، إضافة إلى كوارث طبيعية سبق أن وقعت ببلدان أخرى. مثل زلزال ساحل المحيط الهادئ في توهوكو باليابان، 2011.
وقال الوكالة أن تدوينات نشرتها وسيلة إعلامية أجنبية تفيد بأن “ضحايا زلزال الحوز كانوا ممددين على الأرض عند مدخل أحد المراكز الاستشفائية في انتظار دورهم، لعدم توفر أماكن بقاعة العلاج”، وهو عار عن الصحة تماما.
وأكد المدير الجهوي للصحة بمراكش، عبد الحكيم مستعد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن مستشفيات مراكش “تعمل بكامل طاقتها وتواصل استقبال الجرحى”، مضيفا أن هذه “المؤسسات لم تستنفذ بعد كامل طاقتها الاستيعابية ، وقادرة على استقبال المزيد من المصابين. ونتلقى الدعم من كافة المتدخلين، لا سيما السلطات المحلية”.
كما انتشرت صورة مضللة على نطاق واسع لمدينة مراكش تظهر حواجز إسمنتية في بعض الأحياء عقب زلزال الحوز، في حين تم نشر هذه الصورة لأول مرة في 6 سبتمبر الجاري، أي قبل يومين من وقوع الزلزال.
بدورها، دعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إلى محاربة الأخبار الزائفة حول الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق البلاد، والتركيز على الجودة المهنية والتقيد بأخلاقيات المهنة والمسؤولية المجتمعية.
وجاء في بيان للفدرالية، أن هذا يندرج ” ضمن الحق الطبيعي للناس في تلقي الأخبار والمعلومات، وأيضا في إطار السعي لطمانة الشعب والتخفيف من روعه”، مشيرا إلى أنه موازاة مع الجهد المهني المقدر لوسائل الإعلام الوطنية، فإن” الأخبار الزائفة وأفكار الدجل والخرافة والتضليل انتعشت بدورها على نطاق واسع، خصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال عدد من التدوينات والكتابات العشوائية “.
وانتشر مقطع فيديو على موقع إكس لا يمت للحقيقة بصلة:
ودعت الفيدرالية إلى الحرص على تزويد المغاربة بالأخبار والمعطيات بشكل رسمي ومستمر، وفي الوقت نفسه وجهت كل المؤسسات الصحفية الوطنية المنضوية تحت لوائها ووسائل الإعلام الوطنية وكافة الصحفيات والصحفيين إلى استحضار درجة الحساسية التي تميز تغطية أخبار هذه الكارثة الإنسانية، كما نادت بأهمية وواجب التحلي بالمسؤولية المجتمعية، والتقيد بقواعد وأخلاقيات المهنة.
ويشيّع المغرب الأحد ضحاياه بعد الزلزال العنيف الذي دمّر جزءاً كبيراً من البلاد.
ويعتبر الزلزال الذي وقع ليل الجمعة السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6.8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، أقوى زلزال تمّ قياسه في المغرب على الإطلاق.
وأعلنت وزارة الداخلية مساء السبت أنّ الزلزال أسفر عن 2012 قتيلاً و2059 جريحاً، بينهم 1404 حالاتهم خطرة.
وتعدّ ولاية الحوز مركز الزلزال والأكثر تضرّراً حيث سقط 1293 قتيلاً، تليها ولاية تارودانت التي سقط فيها 452 قتيلاً. وفي هاتين المنطقتين الواقعتين جنوب غرب مدينة مراكش السياحية، دمّر الزلزال قرى بأكملها.
ويقول الحسن، وهو أحد سكان مولاي إبراهيم في الأطلس الكبير فقد زوجته وأبناءه الأربعة، “لقد فقدت كلّ شيء”. ويضيف وهو يسجد في الزاوية “لا أستطيع أن أفعل شيئاً الآن، أريد فقط الابتعاد عن العالم”.
وعلى مرتفعات هذه القرية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 آلاف نسمة، تجفّف بشرى دموعها بوشاحها وهي تشاهد الرجال وهم يحفرون القبور لدفن الموتى.
وتقول “لقد مات أحفاد قريبتي”، قبل أن تضيف بصوت مختنق “لقد رأيت الدمار الذي خلّفه الزلزال، وما زلت أرتجف. إنه مثل كرة من النار ابتلعت كلّ شيء في طريقها”.
وتتابع قائلة “لقد فقد الجميع هنا عائلاتهم، سواء في قريتنا أو في أي مكان آخر في المنطقة”.
وفي هذه الأثناء، أعلن مجلس الوزراء الملكي الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام، وأعرب زعماء العالم عن صدمتهم وتعازيهم.
وعرضت عدة دول، من بينها إسرائيل وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة، المساعدة. وحتى الجزائر المجاورة، التي تربطها علاقات متوترة مع المغرب، فتحت مجالها الجوي المغلق منذ عامين أمام الرحلات الجوية التي تحمل المساعدات الإنسانية والجرحى.
ووفقاً للصليب الأحمر الدولي، فإنّ احتياجات المغرب من المساعدات هائلة.