نجح المغرب في الحصول على “وضع شريك الحوار القطاعي”، رسميا لدى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ليعزز موقعه كمحاور مفضل لهذا التجمع الجيوسياسي والاقتصادي ذي الأهمية الكبرى.
ويعدّ ذلك تكريسا لسياسة الانفتاح الاقتصادي على فضاءات جيوسياسية جديدة، من خلال التوجه نحو القوى الاقتصادية الصاعدة التي دشّنتها المملكة في السنوات الأخيرة.
وذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن “المغرب يعتبر الدولة الأفريقية الأولى التي تحصل على ذلك الوضع”، وذلك خلال اجتماع دول الرابطة يوم الرابع من سبتمبر الجاري بجاكارتا.
وأضاف البلاغ أن تأكيد “وضع شريك الحوار القطاعي” للمغرب يكرس رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائمة على تنويع الشراكات وانفتاح المملكة على فضاءات جيوسياسية جديدة، مضيفا أن “هذا القرار يشكل أيضا اعترافا من هذا التجمع بدور المغرب، تحت الملك، كقطب للاستقرار في أفريقيا والعالم العربي، وهو يعكس كذلك دينامية الشراكات بين المغرب وبلدان جنوب شرق آسيا”.
وسيمكن هذا الوضع المتقدم المغرب من تطوير صناعاته وكسب أسواق جديدة لمنتجاته، إلى جانب تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الدول الآسيوية في العديد من المجالات والقطاعات بما فيها التكنولوجية التي يسعى المغرب لتطويرها.
واعتبر هشام معتضد، الأكاديمي المتخصص في العلاقات الدولية، أن “هذا الوضع المتقدم للمغرب داخل رابطة ‘آسيان’، بمثابة قناة دبلوماسية واقتصادية جديدة لتسهيل تعاون المغرب مع أعضائه وانفتاحه على دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ اقتصاديا وسياسيا وأمنيا”.
وأضاف أن “تعزيز الرباط لمكانتها كمحاور مفضل لدى آسيان يشكل اعترافا بدور المملكة كمنصة للاستقرار في أفريقيا والعالم العربي، ومناسبة للعديد من الشركات المنضوية تحت هذا التكتل للانفتاح على الفضاء المغربي الإستراتيجي ومنطقته العربية والقارية من أجل المزيد من الاستثمارات التجارية والصناعية”.
وفي أغسطس الماضي، أكدت سفيرة جمهورية فيتنام الاشتراكية دانغ تهي تهو ها، بالرباط، في تصريح صحفي، على هامش حفل نظم في سفارة إندونيسيا، بمناسبة الذكرى الـ56 لتأسيس “آسيان”، أن المغرب ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تربطهما علاقات أوثق الآن أكثر من أي وقت مضى.
وانضمت المملكة إلى معاهدة الصداقة والتعاون للرابطة سنة 2016، وإعلانها عضوا ملاحظا بالجمعية البرلمانية للرابطة سنة 2020، فضلا عن حصولها على صفة “عضو شريك” لدى منظمة وزراء التربية لجنوب شرق آسيا سنة 2021.
ويرى المغرب أن هذه الشراكة فرصة لتعاون جوهري، تكرس سياسة التعاون جنوب – جنوب تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس، بعدما تم الإعلان عن الاتفاق المبدئي لمنح “وضع شريك الحوار القطاعي” للمغرب خلال الاجتماع الـ56 لوزراء الشؤون الخارجية ببلدان الآسيان والمنعقد يومي الحادي عشر والثاني عشر من يوليو 2023 بجاكارتا.
وأعربت الدبلوماسية تهي تهو ها، التي تشغل أيضا منصب رئيسة لجنة آسيان بالرباط، عن قناعتها بأن هذه الشراكة ستسهم في تعزيز التعاون متعدد الأوجه بين الطرفين، بالنظر إلى الدور المركزي الذي تضطلع به “آسيان” في جنوب شرق آسيا والموقع الجغرافي الإستراتيجي للمغرب كبوابة إلى أفريقيا.
فيما أكد السفير المدير العام للعلاقات الثنائية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج فؤاد يازوغ أن “المغرب، تحت رعاية الملك محمد السادس، وفي إطار رؤيته الإستراتيجية الرامية إلى تنويع وتوطيد شراكاته على شتى الأصعدة، تحدوه رغبة راسخة في إطلاق حوار شامل ومثمر يتماشى مع رؤية وروح آسيان”، لافتا إلى أن “هذا الوضع سيوسع آفاق التعاون بين الطرفين، وسيوفر أرضية لتقاسم التجارب والخبرات والرؤى من أجل مستقبل مشرق”.
كما نبه يازوغ إلى أن “إمكانيات الشراكة الاقتصادية والتجارية بين المغرب وآسيان لم تستغل بشكل كامل بعد”، داعيا إلى إعطاء دفعة ومحتوى متجدد لتقوية هذه الشراكة النموذجية.
وكان المغرب قد اقترح في فبراير 2018 خطة عمل تستهدف مجالات التعاون ذات الاهتمام المشترك، التي من شأنها أن تسهم في رؤية آسيان بحلول 2025.