الحكومة السورية تلجأ لوساطة رجال الدين لتهدئة احتجاجات السويداء

نقلت وسائل إعلام سورية بيانا عن الهيئة الدينية في بلدة القريّا السورية، يطالب المحتجين في السويداء بعدم التعرض وبأي شكل لمقام الرئاسة أو الجيش، وعدم رفع أي علم باسثناء العلم السوري.

وحاول بيان “الهيئة” إمساك العصا من المنتصف بتأييد مطالب المحتجين مع انتقاد ناعم للحكومة، بالإشارة إلى تأخر استجابتها لمطالب المتظاهرين المعيشية، مباركة  الحراك الأهلي في البلدة لمطالبتهم بالحقوق المشروعة بالطرق السلمية التي تعبر عن المستوى الراقي لأهل بلدتنا”.

وتعتبر “مشيخة العقل” أو الرئاسة الروحية هي المرجع الديني الأعلى للطائفة الدرزية وهناك ثلاث شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.

وأعربت مصادر خاصة  أن هذا البيان لا يمثل طائفة الدروز الموحدين، بل هو يتعلق برجال الدين في بلدة القريا وحدها، وسبق أن أيد مشايخ عقل الطائفة الدرزية الثلاثة في محافظة السويداء حراك الشارع، ونشروا بيانا مشتركا حددوا فيه ست مطالب، أولها “إجراء تغيير حكومي وتشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة الأزمة وتحسين الواقع وإيجاد الحلول وعدم ترحيل المسؤوليات”.

وطالب المشايخ الثلاثة حكمت الهجري ويوسف الجربوع وحمود الحناوي في بيانهم أيضا بـ”التراجع عن كل القرارات الاقتصادية الأخيرة، التي لم تبق وتذر، والعمل على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين”، و”محاربة الفساد والضرب على أيدي المفسدين بكل مصداقية وتقديمهم للعدالة”.
ومن بين المطالب “أن تمارس المؤسسة الأمنية والشرطية دورها في الحفاظ على الأمن، وأن تكون عونا للمواطن لا عليه”، إلى جانب “المحافظة على وحدة الأراضي العربية السورية وتحقيق السيادة الوطنية”، و”إعداد دراسة تشغيل معبر حدودي لمحافظة السويداء لإنعاشها اقتصاديا”.

وأكد رجال الدين على مطالب المحتجين “المحقة”، “في إعطاء الحقوق لأصحابها ونيل العيش الكريم، التي فقدت جل مقوماته بسبب الفساد المتفشي والإدارة الفاشلة، وترحيل المسؤوليات، واعتماد اللامبالاة منهجا، وهو ما أهلك البلاد والعباد”. لكن المشايخ الثلاثة لم يتطرقوا بالتفاصيل التي ينادي بها المتظاهرين، وخاصة المتعلقة بإسقاط النظام السوري وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

ويأتي بيان “الهيئة الدينية” في القريا، بعد حوالي الشهر من بدء محافظة السويداء احتجاجات واسعة في مركز المدينة ومعظم القرى والبلدات، رفعت شعارات مطالبة برحيل الأسد وتطبيق القرار الأممي 2254 وتحسين الأوضاع المعيشية، على خلفية قرار حكومي برفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعارها الأسبوع الماضي.

والتزمت الحكومة السورية الصمت حيال المتظاهرات ولم تبادر إلى قمعها كما حدث سابقا،  لكن امتدادها إلى محافظات أخرى واستمرارها دفع النظام هذه المرة إلى التحرك السلمي واللجوء إلى بعض رجال الدين الذين لم يتخدوا موقفا قويا ضد الحكومة، فاستعانوا بهم لمحاولة تهدئة المظاهرات، وخفض حدة مطالبهم الغاضبة فيما يبدو فتح باب للتفاوض قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
وتأخذ المظاهرات المندلعة حاليا في جبل العرب خصوصيتها بالنظر إلى اختلاف موقف رجال الدين في هذه المحافظة عما كانوا يبدونه في السابق حيال الاحتجاجات الشعبية.
وينادي المحتجون في شوارع السويداء، بشعارات تطالب بإسقاط النظام السوري وتطبيق القرار الأممي الخاص بالحل في سوريا 2254، بالإضافة إلى شعارات تندد بسوء الأوضاع المعيشية، والقرارات الحكومية الأخيرة التي رفعت الدعم عن المحروقات.

وامتدت المظاهرات إلى محافظات درعا وحلب وإدلب والرقة ودير الزور تضامن فيها الأهالي مع المحتجين في السويداء، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو تداولتها صفحات محلية في السويداء وقنوات سورية.

ونشرت صفحة “السويداء 24” على فيسبوك التي تغطي أخبار الاحتجاجات التي تشهدها المحافظة ، مقاطع فيديو أظهرت توجه عدد من المحتجين إلى قرية “القريّا”، التي ينحدر منها قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، إلى جانب تداول احتجاجات مطالبة برحيل النظام السوري في “ساحة السير/الكرامة” في مركز المدينة.

وشاركت صفحات محلية في القريّا مقاطع فيديو أظهرت انضمام أحد شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ حمود الحناوي إلى القرية، حيث ألقى كلمة أمام عدد من المحتجين في “مضافة سلطان الأطرش” أكد فيها “حرص مشيخة العقل على كل مواطن سوري وليس فقط أبناء السويداء” وأعاد التأكيد على تأييد مطالب المتظاهرين.

ووثقت تسجيلات مصورة أخرى وجود الشيخ حكمت الهجري بين المتظاهرين، وكذلك الأمر بالنسبة للشيخ حمود الحناوي، فيما أكد الاثنان على المطالب التي ينادى بها، وأنه “آن الأوان لقمع مسببي الفتن والمحن ومصدري القرارات الجائرة المجحفة الهدّامة”.

في المقابل طالب بيان “الهيئة الدينية” في بلدة القريا بـ”تأييد البيانات الصادرة عن الهيئة الروحية في محافظة السويداء ممثلة بمشايخ العقل الثلاثة نصا ومضمونا، وعدم التعرض وبأي شكل من الأشكال لمقام رئاسة الجمهورية أو لجيشنا الباسل حامي الوطن، وعدم رفع أي علم سوى علم الجمهورية العربية السورية الذي يمثل وطننا الحبيب”.

وأردف البيان: “عدم اصطحاب أو رفع راية التوحيد في أماكن الحراك، وذلك حفاظا على رمزيتها وقدسيتها، وعدم المساس بالمؤسسات والمنشآت الحكومية وعدم التعرض لكوادرها والعاملين بها لكونها ملكاً للشعب، وحفاظا على استمرارية تقديم الخدمات للمواطنين”.

وحث البيان جميع رجال الدين على “الالتزام بعدم المشاركة في الحراك والظهور بزي الدين”، مؤكدا أن “كل من يثبت مشاركته مرتديا زي الدين الشريف سوف يعرض نفسه للعقوبة الدينية، فقد ثبت وجود مندسين بين صفوف المحتجين يقومون بقطع الطرقات والإساءة للمواطنين العابرين، وهذا ما يسيء ويجلب الشبهة إلى جميع رجال الدين”.

وختم “نهيب بأبناء بلدتنا الكرام التحلي بالحكمة والعقلانية في جميع تصرفاتهم وعدم الانجرار بأي اتجاه أو طرف خارجي يبتغي تحييد الحراك عن مساره الوطني وتخريب الأهداف التي قام من أجلها، كما تهيب الهيئة الدينية في بلدة القريّا بالجهات الرسمية المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة والكفيلة بالتعاون والأخذ بمطالب المواطنين على محمل الجدية الكاملة”.

ويقول متابعون مقربون من مشيخة الطائفة أن سياسة رجال الدين خلال السنوات الماضية لم تكن مهادنة للنظام بقدر ما هي سياسة حقن دماء خصوصا أنها تعتبر من الأقليات.
وفي لقاء سابق للشيخ يوسف الجربوع مع صحيفة “تشرين” الحكومية عام 2021،  تحدث عن الانتخابات الرئاسية، و”أهميتها بالنسبة للشعب السوري والوطن ككل”.

وقال الجربوع، حسب الصحيفة حينها إن “الاستحقاق الدستوري القادم هو واجب وطني وعلى كل أبناء الشعب السوري المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة من خلال التوجه نحو صناديق الانتخابات للإدلاء بأصواتهم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: