مدارس البعثات الفرنسية بالمغرب تمنع ارتداء العباية والحجاب
علمت الصحيفة من مصادر متطابقة أن المدارس التابعة للبعثة الفرنسية بالمغرب، منعت، بداية من الأسبوع الجاري، دخول جميع التلاميذ الذين يرتدون الحجاب أو العباية أو القمصان الطويلة من دخول المدراس الفرنسية المنتشرة في المغرب، بداعي تطبيق قرار السلطات الفرنسية الذي أصبح ساري المفعول منذ الإثنين الماضي، بحضر جميع هذه “المظاهر الدينية” في المدارس الفرنسية.
هذا، ورفض العديد من أولياء التلاميذ هذا القرار، مطالبين البعثات الفرنسية بإعادة الأموال التي صرفوها كواجبات التسجيل للموسم الدراسي الحالي من أجل تغيير وجهات أبنائهم للدراسة في مؤسسات تعليمية أخرى، غير أن المدارس التابعة للبعثات الفرنسية بالمملكة رفضت هذا الأمر، تحت مبرر أن واجبات التسجيل غير قابلة للاسترداد.
وحسب المعطيات، فإن “ثانوية ديكارت” التابعة للبعثة الفرنسية في العاصمة المغربية الرباط، رفضت العديد من طلبات أولياء التلاميذ لإعادة تحصيل مصاريف التسجيل بعد القرار الأخير، وهو ما قوبل بالرفض من طرف إدارة الثانوية الفرنسية.
هذا، وعلمت “الصحيفة” أن العديد من أولياء التلاميذ تواصلوا مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ، عبد اللطيف ميراوي، من أجل التدخل لدى المدارس الفرنسية لإعادة الأموال المتحصل عليها من تسجيل أبنائهم، حيث أن قرار منع جميع أشكال غطاء الرأس أو العباية أو الأقمصة الطويلة، لم يتم إخبارهم به عند التسجيل في الموسم الدراسي الحالي.
في سياق مرتبط، أكد الرئيس الفرنسي، زوال اليوم، الجمعة، عن لبس العباية أو الأقمصية الطويلة في المدارس بالقول: “لن نتسامح مع من يحاول أن يتحدى النظام الجمهوري ولن نترك شيئا يمرّ”.
وكان وزير التربية الفرنسي غابريال أتال قد أكد الأحد أنه “سيحظر ارتداء العباية في المدارس” في فرنسا، مشدّدا على سعيه لوضع “قواعد واضحة على المستوى الوطني” لمدراء المدارس. ولدى سؤال الوزير عن المسألة التي تثير جدلا منذ أشهر على خلفية حوادث على صلة بارتداء هذا اللباس، كشف أتال في تصريح لقناة “تي اف 1” أنه يسعى “اعتبارا من الأسبوع المقبل” إلى لقاء مسؤولي المدارس لمساعدتهم في تطبيق هذا الحظر. وشدّد الوزير على أن “العلمانية هي حرية تحرير الذات من خلال المدرسة”.
ومنذ أن تولى حقيبة التربية الوطنية والشباب في نهاية يوليو، يعتبر أتال أن ارتياد المدرسة بالعباية “مظهر ديني يرمي إلى اختبار مدى مقاومة الجمهورية على صعيد ما يجب أن تشكّله المدرسة من صرح علماني”. وتابع في تصريحه لقناة “تي اف 1” الأحد “لدى دخولكم صفا مدرسيا، يجب ألا تكونوا قادرين على معرفة ديانة التلاميذ بمجرّد النظر إليهم”.
وأشار خلال مؤتمر صحفي بمناسبة العودة إلى المدارس أن المسألة تتعلق “بتشكيل جبهة موحدة” في مواجهة الهجمات التي تستهدف العلمانية.
وقال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران في حديث لقناة “بي إف إم تي في” التلفزيونية “إنه هجوم سياسي.. إشارة سياسية”، مستنكراً ما وصفه بأنه شكل من أشكال “التبشير” من خلال ارتداء العباءة.
وأضاف أتال “تشكيل جبهة موحدة يعني أن نكون واضحين: “لا مكان للعباءة في مدارسنا”، ووعد بتدريب “300 ألف موظف سنوياً في قضايا العلمانية حتى عام 2025” وتدريب جميع الموظفين الإداريين البالغ عددهم 14 ألفاً بحلول نهاية عام 2023.
وقال الوزير “مدارسنا أمام اختبار. في الأشهر الأخيرة، تزايدت الهجمات على العلمانية بشكل كبير، لا سيما عبر ارتداء ملابس دينية مثل العباءات أو القمصان الطويلة التي ظهرت واستمرت في بعض الأحيان في بعض المؤسسات”.
وقال أتال “إن الحزم في استجابة المؤسسات التعليمية يتم اختباره من خلال هذه الظواهر الجديدة في مواجهة التعديات والهجمات ومحاولات زعزعة الاستقرار. علينا أن نشكل جبهة موحدة. وسنكون موحدين”.
وفي حين لقي هذا الإجراء ترحيباً من اليمين واليمين المتطرف، بدا رد فعل اليسار منقسماً. وأعرب زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلانشون في منشور على موقع اكس عن “حزنه لرؤية العودة إلى المدراس عرضة للاستقطاب السياسي عبر حرب دينية جديدة سخيفة ومصطنعة تماما حول لباس نسائي”.
وفي يونيو الماضي، قال ميلانشون إن العباءة “لا علاقة لها بالدين” وإن مشكلة المدارس ليست في هذا اللباس بل في “نقص المعلمين والأماكن غير الكافية”.