تبون يستعد للعهدة الثانية بتعيين مدير حملته الانتخابية وزيرا للاتصال
أعاد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مدير حملته الانتخابية السابقة محمد لعقاب، إلى الواجهة بتعيينه وزيرا للاتصال، في خطوة يرى محللون أنها تمهد لحشد الدعاية الإعلامية لولاية رئاسية ثانية.
ويراهن تبون على لعقاب لتسويق الخطاب والمنجزات المفترضة لكسر نفور الشارع والمعترضين داخل أروقة السلطة، وتأتي الخطوة بالموازاة مع جرد حساب إيجابي قدمه رئيسا غرفتي البرلمان حول حصيلة تبون، ومع دخول قانون إعلام جديد حيز التنفيذ.
وأصدر تبون قرارا يقضي بتعيين لعقاب وزيرا للاتصال، وهو المنصب الذي ظل شاغرا لنحو شهرين بعد الإقالة الغامضة للوزير السابق محمد بوسليماني، بسبب تغريدة لقناة النهار الخاصة، جاء فيها أن “الجزائر قررت طرد السفير الإماراتي، وأربعة دبلوماسيين آخرين ضالعين في مخطط تجسس”.
والوزير الجديد الذي شغل مهنة الإعلام بالممارسة العملية والأكاديمية، هو صحافي وأستاذ جامعي، تنقل في مساره السياسي بين محطات عديدة، قبل أن ينتهي به المطاف مسؤول الإعلام في الحملة الانتخابية لتبون، في انتخابات الرئاسة التي جرت في ديسمبر 2019، ثم مديرا لحملته الانتخابية، خلفا للدبلوماسي السابق عبدالله باعلي، الذي استقال من المهمة في خضم الاستقالات التي طالت فريق الحملة الانتخابية، تحت ضغط شائعات تحدثت عن دعم المؤسسة العسكرية للمرشح عزالدين ميهوبي، وليس عبدالمجيد تبون.
الرئيس تبون كان قد تفادى الحديث عن طموحه السياسي خلال تصريحات متعددة أدلى بها لوسائل إعلام محلية وعربية
وجاءت هذه الخطوة لتعكس رغبة الرئيس الجزائري في ترتيب ورقة الإعلام، وحشد الدعاية الصحفية تحسبا لولاية رئاسية ثانية، خاصة وأن القطاع عرضة لتدخل مختلف التأثيرات وضغوط الأجنحة، ولذلك يكون قد اهتدى لوضع شخصية يثق بها على رأس القطاع، من أجل الاطمئنان على التفاف الآلة الدعائية حول أجندته السياسية.
وبدأت بوادر نية الرئيس الجزائري للمرور إلى ولاية رئاسية ثانية تطفو على السطح في الأسابيع الأخيرة، وهو ما ترجمته رسائل تضمنتها تصريحات أدلى بها مسؤولون سامون في الدولة، على غرار رئيسي غرفتي البرلمان صالح قوجيل وإبراهيم بوغالي، بمناسبة الإعلان عن افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة الاثنين، كما كان وزير النقل عبدالله منجي قد صرح في مدينة وهران لوسائل الإعلام بأن “هذا الإنجاز (مطار وهران)، هو باكورة العهدة الأولى”، وهو تلميح إلى بواكير أخرى في العهدة الثانية.
وكان الرئيس تبون قد تفادى الحديث عن طموحه السياسي خلال تصريحات متعددة أدلى بها لوسائل إعلام محلية وعربية، وأكد أن “الأولوية الآن لاستكمال تنفيذ التعهدات، ولكل حادث حديث”، وهو ما يوحي بأن الرجل كان يريد التوقيت المناسب أو الاطمئنان على عدم وجود اعتراض على ذلك داخل السلطة.
وحوّل رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل جلسة افتتاح دورة الغرفة إلى فضاء للدعاية السياسية للرئيس تبون، بتعداد فضائله في ما أسماه بـ”وقوف رئيس الجمهورية خلف تمتين الجبهة الداخلية”، في تلميح إلى المبادرة السياسية المعلن عنها في الأيام الأخيرة من طرف معسكر الموالاة.
وأكد قوجيل “الحاجة إلى تدعيم الجبهة الداخلية، تنفيذا لمبادرة رئيس الجمهورية، وأن الجزائر اليوم بحاجة إلى جبهة داخلية قوية لمواجهة أعداء الخارج الذين كانوا بالأمس مخفيين وخرجوا اليوم إلى العلن”، في تلميح إلى السجال القائم بين الجزائر وسويسرا، على خلفية توجيه قضاء الأخيرة “تهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” لوزير الدفاع المتقاعد الجنرال خالد نزار.
واعتبرت الجزائر توجيه الاتهام المذكور تدخلا سافرا من القضاء السويسري في الشأن الداخلي الجزائري، وتجاهلا لجهودها في محاربة الإرهاب الإسلامي، واتهمته بالتحول إلى منصة للدفاع عن الإرهابيين والمتطرفين، في إشارة إلى العناصر التي تابعت الرجل طيلة 12 عاما.
وتابع قوجيل “الجزائر تتمسك بمبدأ عدم السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية وهو نفس الأسلوب الذي انتهجته للخروج من أزمة التسعينات، والتي فصل فيها الشعب وطوى صفحتها من خلال الاستفتاء على المصالحة الوطنية”.
الرئيس الجزائري أصدر قرارا يقضي بتعيين لعقاب وزيرا للاتصال وهو المنصب الذي ظل شاغرا لنحو شهرين بعد الإقالة الغامضة للوزير السابق محمد بوسليماني
ولم يفوت المتحدث الفرصة للثناء على ما وصفه بـ”إنجازات” تبون، ابتداء من “تعديل الدستور بشكل أتاح إعطاء المفهوم الحقيقي للممارسة الديمقراطية وحق التعبير، إلى جانب التمسك بالطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، وتجديد مؤسسات الدولة”.
وشدد قوجيل على “مبادرة رئيس الجمهورية لحل الأزمة في النيجر، التي ترتكز على رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول، هي تأكيد على تمسك الجزائر بعقيدة عدم قبول التدخل في شؤونها الداخلية ولا تتدخل في شؤون غيرها من الدول، وأن هذه الإستراتيجية تزعج الكثيرين”، دون أن يسمي أيا منهم.
ولم يفوت قوجيل الفرصة لتهنئة الوزير الجديد للاتصال على اعتباره كان أحد أعضاء الغرفة ضمن الثلث الرئاسي الذي يعينه رئيس الجمهورية، بعدما أبعد في ظروف غامضة من رئاسة الجمهورية التي ألحق بها بعد فوز تبون، كمكلف بمهمة.
ومن جانبه، أشاد رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي بمنجزات رئيس الدولة، بالقول “الجزائر اليوم سيدة قرارها وحرة في اختياراتها ولا تبعية لها إلا في ما تقتضيه مصالحها العليا، وهو أمر ليس متاحا للكثير من البلدان التي تفتقد لذلك نتيجة الولاءات والإملاءات، أو نتيجة ثقل المديونية والأوضاع الداخلية”.
وأضاف “الجزائر متلاحمة بكل مكوناتها، واستطاعت أن تحافظ على مواقعها ومواقفها في هذا العالم المضطرب، وهي قادرة بما هيأته من أسباب للإقلاع، على أن تخطو خطوات عملاقة إضافية، خاصة بعدما أصبحت بيئتها جاذبة للاستثمار”.