مجلس حقوق الإنسان يدين استخدام الجزائر للرصاص تجاه مغاربة

أدان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية في المياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط تجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، معتبرا أنه انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ويأتي ذلك تبعا لفاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائرية الذخيرة الحية، مساء الثلاثاء الماضي، والتي خلفت وفاة شابين مغربيين والمس بحقهما في الحياة. وقام وفد يضم محمد العمارتي رئيس اللجنة الجهوية بجهة الشرق وعدد من أعضائها وطاقمها الإداري بتكليف من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتجميع المعطيات والاستماع للناجي محمد قيسي ولأفراد أسرة الضحية بلال قيسي الذي ووري جثمانه الثرى بالمغرب، وأسرة الضحية عبدالعالي مشيور الذي ما يزال جثمانه موجودا بالجزائر.

 

مصطفى بايتاس: هذه القضية تدخل في اختصاص السلطة القضائية
مصطفى بايتاس: هذه القضية تدخل في اختصاص السلطة القضائية

 

وسبق أن ذكرت وسائل إعلام مغربية أن خفر السواحل الجزائري قتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بعدما أطلق عليهما النار إثر دخولهما المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، في ممارسة تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تفرض على أي سلطة في مجال سيادتها الالتزام بمعايير معينة في التعامل مع حوادث التيه في المياه الإقليمية.

واعتمادا على ما تم تجميعه من معطيات أولية والتقاطعات الموضوعية، تساءل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة، مؤكدا على أن ما تعرض له الضحايا يعد انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق يتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها.

وذكر المجلس بأن إنقاذ حياة إنسان في البحر يعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي لا يحتمل التقييد ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى، معتبرا أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، لاسيما منها مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة في الأول نوفمبر سنة 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 ديسمبر 1982.

كما شدّد على الحق المشروع لأسرة مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب. وعبر المجلس عن استغرابه من السرعة التي طبعت “محاكمة” إسماعيل الصنابي الذي تمت إدانته بثمانية عشر شهرا سجنا، مشددا على مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية.

وأشار المجلس إلى أنه سيتابع حق الناجي محمد قيسي وأسر الضحايا في الإنصاف والولوج إلى العدالة، مسجلا قرار النيابة العامة، ويدعوها إلى نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها. كما راسل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في سياق الفاجعة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر من أجل العمل على تمتيع الصنابي الموجود رهن الاعتقال بالجزائر بكافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لملاحظين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

وسيواصل المجلس تتبعه عن كثب لتطورات هذه الفاجعة وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في كل ما يرتبط بها، صونا للعدالة وللحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم في الإنصاف.

◙ المجلس سيواصل تتبعه عن كثب لتطورات الفاجعة وإعمال قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية في كل ما يرتبط بها

وكان وفد المجلس قد تقدم باسم رئيسة المجلس وأمينه العام وكافة أعضائه وكوادره بواجب العزاء وخالص المواساة والدعم لأسر هذه الفاجعة الأليمة. وكان بمقدور السلطات الجزائرية إيقاف السائحيْن أيا كانت المخالفة التي ارتكباها والوقوف على الأسباب الحقيقية لدخولهما المياه الإقليمية، لكنها خيرت الرصاص على الإجراء الذي حددته القوانين البحرية الدولية في التعامل مع مثل هذه الحوادث.

والتزمت السلطات المغربية بضبط النفس ونأت بنفسها عن أي تشنجات، حيث قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس في مؤتمره الصحفي الأسبوعي الخميس إن “هذه القضية تدخل في اختصاص السلطة القضائية”، بينما ذكرت مصادر محلية أن السلطات فتحت تحقيقا في هذه القضية بناء على تعليمات النيابة العامة المختصة.

ويأتي هذا الحادث بينما تتواصل القطيعة الدبلوماسية بين الجارين، وسط علاقات متوترة منذ عقود بسبب النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، إذ تدعم الجزائر جبهة بوليساريو الانفصالية وتوفر لها الدعم المالي والعسكري والغطاء السياسي إقليميا ودوليا بذريعة حق الصحراويين في تقرير المصير، بينما ترفض في الوقت ذاته مبدأ حق تقرير المصير بالنسبة إلى منطقة القبائل الجزائرية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: