لم تجد السلطات بدا من وضع إجراءات صارمة في قنوات هجرة الكفاءات، لمواجهة خطر استنزاف يستهدف الجامعات المغربية والمعاهد الوطنية سواء بين صفوف المتخرجين الجدد أو الأساتذة.
وتضمن مرسوم الالحاق مساطر خاصة، بعد تحذيرات من مناورات مكاتب دولية متخصصة في صيد الأدمغة، تشغل رؤساء جامعات كبرى ومديري معاهد مرموقة للعمل لديها مستشارين في التنقيب عن الكفاءات واستقطابها للاشتغال في جامعات أجنبية وشركات عالمية و مؤسسات عمومية وشبه عمومية.
ووضعت الحكومة مسطرة معقدة لتحصين أطر وأساتذة الجامعات، إذ فرضت على كل من يريد الانتقال إلى دولة أجنبية للعمل في مؤسساتها الرسمية أو الخاصة، الحصول على موافقة من مصالح وزارة الخارجية وتقرير أمني إيجابي من مديرية مراقبة التراب الوطني، وتأشيرة خاصة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. ولم تصمد قطاعات حكومية أمام إغراءات الهجرة، خاصة تلك الآتية من كندا، إذ اتسعت دائرة العروض ذات الأجور الكبيرة، وبدأت تنذر بنزيف استقالات مشبوهة، خاصة في مجالات أنظمة المعلومات والاتصال.
وأصدرت القطاعات الحكومية المعنية قرارات قاضية بعدم قبول طلبات الإلحاق أو الانتقال خاصة من بين المهندسين، كما تم تسجيل زيادة في منسوب الاستقالات التي تسببت في فقدان كفاءات عليا متخرجة من أكبر المدارس والمعاهد في المغرب وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن بينهما من أشرفوا على انجازات مهمة في السنوات الأخيرة، كما هو الحال في بالنسبة إلى نظام الراميد، والنظام الخاص بجواز السفر، والأنظمة الخاصة بتدبير الحالة المدنية.
ويهدف الإصلاح الجامعي الجديد إلى رفع جاذبية الجامعة إعادة النظر في الضوابط العلمية والبيداغوجية لسلك الدكتوراه من أجل تكوين جيل جديد من الدكاترة بمعايير دولية، وتوفير مشتل للكفاءات بمقدورها تجديد هيأة الأساتذة الباحثين التي ستعرف الإحالة على التقاعد لنسبة مهمة من الكفاءات خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى أعداد المغادرين للعمل في الخارج.
وأعطيت الأولوية لتحسين مستوى التعليم العالي وضمان جودة البحث العلمي، الذي يعد أمرا بالغ الأهمية في تطوير المجتمع وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي.
وتروم هذه الجهود إلى إعادة النظر في سلك الدكتوراه وتحسين معايير الانتقاء والتدريب والتأهيل للأساتذة الباحثين المستقبليين. وتتمثل أول خطوة ضمن الإصلاح البيداغوجي، في إعادة النظر في عملية انتقاء الطلاب المرشحين لسلك الدكتوراه، إذ ستكون عملية الانتقاء شديدة الدقة والشفافية، بالاعتماد على معايير صارمة لقبول الطلاب، الأكثر تميزا وكفاءة في مجالات بحوثهم.
وستكون الدورات التكوينية لسلك الدكتوراه ذات محتوى متميز يشمل مجالات الابتكار البيداغوجي، حتى يتمكن الطلاب الباحثون من تحضير أنفسهم لتولي مهام التدريس بنجاح في المستقبل. وستؤدي هذه الدورات أيضا إلى إشراك طلاب الدكتوراه في أنشطة التأطير البيداغوجي والبحث العلمي، حتى يتعلموا كيفية توجيه الطلاب ومرافقتهم على الطريق الأكاديمي والمهني.