رواية مروعة من ناج مغربي عن حرس السواحل الجزائري: حاولوا إغراقنا ثم أطلقوا النار
قدم أحد الناجين المغاربة رواية مروّعة عن استهداف حرس السواحل الجزائري له ولمجموعة من أصدقائه وعددهم خمسة على الحدود البحرية المغربية – الجزائرية، وكيف أن الحرس حاولوا إغراقهم ثم أطلقوا عليهم النار ما أدى إلى مقتل اثنين منهم.
وقال محمد قيسي، الذي عاد سالما لكن شقيقه قتل، إن الحادث وقع يوم الثلاثاء بعد أن ضل الشبان الخمسة الطريق وهم يستكشفون منطقة في البحر بالزلاجات المائية قرب السعيدية على الساحل المغربي على الحدود مع الجزائر.
والشبان الخمسة يعملون في فرنسا ويحمل بعضهم الجنسية الفرنسية إلى جانب المغربية، وقد عادوا لقضاء العطلة في المغرب مع عائلاتهم.
وأضاف قيسي “تهنا في البحر… حتى وجدنا أنفسنا في المياه الجزائرية. عرفنا ذلك عندما قصدنا زورق أسود لخفر السواحل الجزائريين”، مضيفا “أطلقوا علينا النار… قتلوا أخي وصديقي. بينما اعتقلوا صديقا آخر”.
◙ الحادث يظهر حالة التوتر التي تسيطر على النظام الجزائري الذي بات لا يميز بين قوات بحرية وشبان على زلاجات مائية
و أكدت عائلة الضحايا أن جثمان أحد القتيلين، وهو بلال كيسي، جرفه البحر وتم انتشاله بالقرب من شاطئ السعيدية، في حين أن جثمان الضحية الثاني عبدالعالي مشوير لا يزال على الساحل الجزائري بجانب النقطة الحدودية ببلدية بورساي التابعة لمدينة تلمسان.
وتعود الواقعة إلى مساء الثلاثاء حين انطلق الشبان الخمسة من الميناء الترفيهي للسعيدية في رحلة على متن دراجات “جيت سكي” نحو منطقة “رأس الماء” التابعة لإقليم الناظور شمال غرب المغرب، غير أنهم في طريق عودتهم نحو السعيدية ظلوا مسارهم ودخلوا المياه الجزائرية.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها على دراية بمقتل أحد مواطنيها واحتجاز آخر في الجزائر وتتواصل مع ذويهم ومع السلطات في المغرب والجزائر.
وذكر محمد قيسي أن صيادين مغاربة عثروا على جثة شقيقه بلال ودفن قرب مدينة وجدة شرق المغرب يوم الأربعاء.
وقال أحد أقارب بلال بعد مراسم الدفن “دفنّا أخا ونريد استعادة جثمان قريبنا عبدالعالي. لا نريد أيّ شيء آخر، فقط استعادة الجثمان لدفنه بكرامة وليرتاح قلب والدته”.
وأضاف دون الإفصاح عن اسمه “لم يكن بحوزة أولئك الشباب لا مخدرات ولا هم سرقوا شيئا، كانوا في وضع قانوني تماما وجاؤوا إلى المغرب لقضاء العطلة مع عائلاتهم”، موضحا أنهم يقيمون في فرنسا حيث يعملون.
وتابع متأثرا “إنهم متزوجون، وأحدهم رحل تاركا طفلين والآخر خلّف وراءه طفلة”.
وتابع قائلا “أدعو السلطات المغربية والجزائرية للتوصل إلى اتفاق من أجل تسليم جثة القتيل الثاني من أجل القيام بمراسيم الدفن كما يجب”.
ورفض الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بايتاس التعليق على الوفاة مؤكدا أن مثل هذه المواضيع تدخل ضمن اختصاصات السلطة القضائية، حيث فتحت النيابة العامة بالمغرب بحثا قضائيا في ظروف وملابسات مقتل الشابين المغربيين ويحملان الجنسية الفرنسية.
وقال مصدر دبلوماسي إن ما قامت به البحرية الجزائرية استفزاز واضح يتطلب ردا على مستوى القضاء الدولي، وإن خفر السواحل يعرف أن هؤلاء الشباب لم يثبت أنهم قاموا بعمل يخالف القانون بل جنحت بهم دراجات مائية (جيت سكي) بسبب المد البحري في وقت لم تكن الرؤية البصرية واضحة فيه.
وأكد نوفل بوعمري المحامي والمحلل السياسي المغربي أن ما حدث يكشف حقيقة طبيعة النظام الجزائري الذي لا يتورع عن قتل الأبرياء، مضيفا أنه لا وجود لأيّ مبرّر لقتل هؤلاء الشبان المدنيين السلميين، فحتى حماية الحدود والتدخل تحكمه قواعد منظمة بالقانون الدولي والاتفاقيات الدولية ولا يمكن كلما كان هناك اختراق للحدود أن يكون الرد هو إطلاق الرصاص.
وشدد بوعمري، في تصريح لـه، على أن العشرات من المواطنين الجزائريين يصلون إلى المغرب عبر الحدود تائهين وتتم إعادتهم والتعامل معهم بإنسانية، لافتا إلى أن القانون الدولي يتيح لعائلات الضحايا رفع قضايا أمام المحاكم الدولية. وحسب المعلومات فقد انتشلت عناصر الدرك الملكي جثة شاب مغربي تعرض لخمس طلقات رصاص، فيما خضع شاب آخر الأربعاء لعملية جد معقدة لاستخراج الرصاص من بطنه، وقد ظل البقية مفقودين إلى أن تم اكتشاف أن واحدا منهم توفي فيما الآخر معتقل لدى السلطات الجزائرية.
وكثيرا ما كانت الصحافة الجزائرية تتحدث عن جزائريين تجاوزوا النقطة البحرية الفاصلة بين الجزائر والمغرب، دون أن يستهدفهم حرس الحدود المغربية بالرصاص، وحتى عندما كان يقتحم بعض الجزائريين شاطئ السعيدية، يطلق خفر السواحل بضع طلقات تحذيرية في الهواء لإعادتهم إلى الأراضي الجزائرية.
ويقول مراقبون إن الحادث يظهر حالة التوتر التي تسيطر على النظام الجزائري الذي بات لا يميز بين الخلاف السياسي والعلاقة مع مواطني دولة جارة، ولا يفصل بين قوات بحرية وشبان على زلاجات مائية.
والحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة منذ 1994 وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الرباط في 2021.