رغم أزمة العطش في عدة مناطق المغرب يصدّر 45 ألف طن من الأفوكادو الى أُورُوبَّا
في أوج أزمة الجفاف الحاد التي يُكابدها المغرب، وعلى الرغم من تواتر التقارير المحذّرة من خطورة الاجهاد المائي، تضاعفت صادرات المملكة من فاكهة الأفوكادو التي تستنزف الفرشة المائية، والموجهة صوب سوق الاستهلاك الألمانية إلى أكثر من أربع مرات مسجّلة رقما قياسيا جديدا، يُسائل مدى جدّية الحكومة في تدبير أزمة الجفاف غير المسبوقة.
وضاعف المغرب من نشاط صادراته من الأفوكادو إلى ألمانيا، حسب ما أوردته شركة “EastFruit” أربع مرات محقّقا رقما قياسيا جديدا وغير مسبوق منذ موسم 2016/2017 (يوليوز-يونيو)، بحيث يصل إلى حوالي 5000 طن أي بقيمة مالية قدّرت بـ 17 مليون دولار، ما جعل المغرب يتموقع في الرتبة التاسعة كأكبر مصدر للأفوكادو في العالم.
ورغم الجفاف، لم يكن الموسم الحالي استثناءً، حيث صدّر المغرب 45 ألف طن من الأفوكادو بقيمة 139 مليون دولار بين يوليوز 2022 وماي 2023، علاوة على ذلك، قام المصدرون المغاربة بتوسيع جغرافية مبيعاتهم، بحيث أنه وقبل ست سنوات كان هناك 19 دولة مستوردة، أما اليوم فقد ارتفع هذا العدد إلى 25 دولة.
وتتوجّه غالبية صادرات المغرب الإجمالية من الأفوكادو إلى إسبانيا وفرنسا وهولندا باعتبارهم الموردين الرئيسيين، قبل أن ترفع ألمانيا وارداتها من الأفوكادو، ففي عام 2017، كانت سابع أكبر مستورد للأفوكادو على مستوى العالم، ثم احتلت المرتبة الخامسة في عام 2022، والمثير للدهشة أن المكسيك، الرائدة عالميًا في صادرات الأفوكادو، تراجعت بشكل مطرد صادراتها إلى ألمانيا، كما أنه وفي موسم 2022/23، انخفضت صادرات الأفوكادو المكسيكية بدورها أيضا صوب ألمانيا إلى الصفر.
ولا تزال هولندا وإسبانيا الموردين الرئيسيين للأفوكادو للسوق الألمانية، بيد أن المغرب يعمل أيضًا على تطوير مصادر بديلة، ونتيجة لذلك، بلغت حصته من إجمالي واردات الأفوكادو إلى ألمانيا، في موسم 2022/23، 4,7 في المائة، فيما كانت أعلى من 10 في المائة خلال شهري نونبر وفبراير في نفس الموسم، وذلك في سياق زيادة الطلب العالمي على هذه الفاكهة، التي من المتوقع أن تصبح الفاكهة الأكثر تصديرًا بحلول عام 2030، خصوصا وأن الإنتاج العالمي نما بسرعة وسيصل إلى 12 مليون طن بحلول عام 2030.
وتتعرض زراعة الأفوكادو في المغرب حاليا للخطر الكبير بسبب عجز الموارد المائية، ومع ذلك، فإن المساحات المزروعة آخذة في التوسع حيث من المتوقع أن يزيد الإنتاج بنسبة 20 في المائة على أساس سنوي وتصل بذلك مستويات التصدير إلى أرقام قياسية جديدة، على الرغم من التحذيرات المتتالية للمنظمات والمهنيين والخبراء والجمعيات المهتمة.
وكان تقرير لـ “إيست فروت”، قد حذّر من تضاعف صادرات المغرب من فاكهة الأفوكادو خلال المواسم الخمسة الماضية ليصبح تاسع أكبر مصدر للأفوكادو على مستوى العالم، بعدما كان الثاني عشر منذ خمس سنوات، مشيرا إلى أن صناعة إنتاج الأفوكادو وتصديره في المغرب تدخل أوقاتًا صعبة إذ “تنطوي على استخدام كمية هائلة من المياه، والتي تعتبر بسبب موقعها، موردًا نادرًا للمغرب. وأجبر تغير المناخ وآثار الجفاف الشديد في صيف 2022 وزارة الفلاحة المغربية على اتخاذ إجراءات جادة للحد من استخدام المياه في البلاد”.
وفي وقت احتلت الأفوكادو المرتبة الثامنة في قائمة فئات الفواكه والخضروات ذات أعلى عائدات تصدير في المغرب في عام 2021، ذهبت حوالي 75 في المائة من صادرات المغرب من هذه الفاكهة في موسم 2017-2018 إلى إسبانيا، إلا أن سياسة تنويع صادرات الأفوكادو من قبل المصدرين المغاربة أدت إلى خفض حصة إسبانيا إلى 39 في المائة بحلول موسم 2021/22.
واحتلت فرنسا المرتبة الثانية في هيكل الصادرات المغربية بحصة 26 في المائة، تلتها هولندا (19٪) وألمانيا (10٪) والمملكة المتحدة (3٪). وشملت قائمة البلدان الأصغر التي استوردت الأفوكادو المغربي في موسم 2021/22 روسيا (600 طن)، سويسرا (300 طن)، بلجيكا (200 طن)، البرتغال (100 طن)، وكذلك بعض دول الشرق الأوسط (300 طن)، ثم دول إفريقيا جنوب الصحراء (200 طن).
وكان الملك محمد السادس، قد حثّ الحكومة على التعامل بجدية في مواجهة “الإجهاد المائي الهيكلي”، الذي تعانيه المملكة، وذلك في خطابه بمناسبة افتتاح أشغال البرلمان أكتوبر الماضي، موردا “ندعو لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول”.
ونبه عاهل البلاد الحكومة الحالية، إلى أن المغرب “أصبح يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي”، و”يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود”، منبّها إياها إلى ضرورة أخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول.