بريكس تسحب البساط من جنوب أفريقيا وتتمسك بموقف مجلس الأمن من قضية الصحراء المغربية
ماموني
تمسكت دول بريكس المجتمعة بجنوب أفريقيا، مؤخرا، بدعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تستجيب بشكل تام لكافة معايير البراغماتية والواقعية والتوافق والاستدامة التي يقرها مجلس الأمن، وسط رفض متواصل لمحاولات الأطراف الداعمة لجبهة بوليساريو الانفصالية الاعتراف بالكيان الوهمي.
أكّدت دول بريكس في إعلان جوهانسبرغ الثاني تشبثهم بتعددية الأطراف، وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يدافع عن الوحدة الترابية للدول، ويدعو إلى عدم التدخل في شؤونها، وإلى التسوية السلمية للنزاعات، في خطوة يرى مراقبون أنها سحبت البساط من جنوب أفريقيا الداعمة لجبهة بوليساريو، مقابل تمسك تلك الدول بموقف مجلس الأمن من قضية الصحراء المغربية.
وشدّد الإعلان على أهمية التوصل إلى حلّ لقضية الصحراء المغربية، وفقا لقرارات ومعايير مجلس الأمن، الرامية إلى التوصّل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع المفتعل. وأكد البيان الختامي للاجتماع في الفقرة 13 بشكل واضح على رجاحة موقف المغرب الذي لم يفتأ يلحّ على ضرورة احترام ودعم هذا المسلسل الذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة بشكل حصري، والدعم الكامل لمهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو). كما أعربت دول بريكس عن “دعمها الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء المغربية وجهوده لدفع العملية السياسية التي ترمي إلى استئناف الحوار بين الطرفين”.
وقال محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن جنوب أفريقيا حاولت تمرير أجندات سياسية بعيدة كل البعد عن اهتمام مجموعة بريكس التي تتركز على الانشغالات الاقتصادية والتنموية، من خلال إقحام كيان بوليساريو الانفصالي في قمة المجموعة”، لافتا إلى أن “مناورات النظام الجنوب أفريقي جوبهت برفض بقية أعضاء المجموعة الذين لا يوجد من بينهم أيّ بلد يعترف بالكيان الانفصالي”.
وأضاف في تصريح لـه، أن “فشل جنوب أفريقيا تمثل في مخرجات القمة التي أكدت على حصرية اختصاص مجلس الأمن الدولي المعني بالإشراف على الوساطة الأممية المتعلقة بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وتأييدهم لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي القرارات المتسمة بالواقعية والعقلانية، حيث تتقاطع مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وتصفها بالجدية والمصداقية وبالأساس الجيد والوحيد للمفاوضات”.
واعتبر مراقبون أن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا كان يطمح إلى استصدار موقف داعم لجبهة بوليساريو، وهو ما يتبيّن من خلال توجيه دعوة شخصية إلى زعيمها الانفصالي إبراهيم غالي لحضور اجتماع “بريكس 2023” الذي انتقل على متن طائرة تابعة للخطوط الجزائرية.
ومن خلال استقبال إبراهيم غالي يتوضح أن بريتوريا لازالت تقدم نفسها كدولة داعمة أساسيا للجبهة الانفصالية على الساحة الدولية بالرغم من أنها لا تتوفر فيها شروط دولة معترف بها دوليا، في الوقت الذي روجت فيه بوليساريو بأن الدعوة كانت من الدول الأعضاء في هذا التكتل، وهي البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب أفريقيا.
وأكد رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية أن “دعوة رئيس جنوب أفريقيا زعيم بوليساريو إبراهيم غالي للمشاركة في قمة بريكس، هي حركة استعراضية للتسويق السياسي له داخليا وإقليميا دون جدوى، وأن محدودية صلاحيات جنوب أفريقيا في هذه المنظمة حالت دون تمكينها من التأثير على دول بريكس الأساسيين في استخلاص موقف داعم لبوليساريو، كما فشلت في ضمان عضوية الجزائر حليفتها في محور الانفصال الجزائر”.
ولفت في تصريح له إلى أن “انضمام الحلفاء الإستراتيجيين العرب للمغرب، إلى مجموعة بريكس، مكسب اقتصادي وسياسي للمملكة، سيمنحه فرصة لتعميق العلاقات مع دول المجموعة الاقتصادية، وستكون مناسبة لمحاصرة مناورات جنوب أفريقيا كدولة معادية لمصالح المغرب العليا”.
وكان المغرب قد أعلن رفضه المشاركة في هذه القمة، لكون أن الدعوة الموجهة إليه للمشاركة فيها هي دعوة صادرة عن البلد المحتضن المعروف بعدائه للمغرب في قضية الصحراء، ولم تكن الدعوة صادرة عن مجموعة بريكس التي تضم عددا من البلدان التي تتميز بعلاقات جيدة مع المغرب، كالبرازيل والصين والهند.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها حكومة سيريل رامافوزا دفع أعضاء آخرين في مجموعة بريكس لدعم مواقف بوليساريو، حيث تمكنت من إدراج قضية الصحراء المغربية خلال اجتماع على مستوى نواب وزراء خارجية دول بريكس، عقد في أبريل الماضي في بريتوريا. وقرّرت بريكس انضمام السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين رسميا إلى المجموعة، بينما تم رفض طلب الجزائر، الداعم الأول لجبهة بوليساريو.
◙ مخرجات قمة بريكس رسّخت تجاوز المجتمع الدولي للأطروحات الانفصالية كما بينت قصور داعمي المشروع الانفصالي ومحدودية تأثيرهم في الساحة الدولية
وتدعم السعودية ومصر الوحدة الترابية للمغرب، بينما افتتحت أبو ظبي في نوفمبر 2020 قنصلية لها في العيون جنوب المملكة، من جهتها، تؤيد الأرجنتين المقترح المغربي للحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وستصبح جنوب أفريقيا محاصرة بحلفاء المغرب الذين انضموا إلى بريكس خاصة الإمارات العربية المتحدة والسعودية حيث تميزت الجلسة الافتتاحية، لقمة “بريكس – أفريقيا” في 23 أغسطس، بكلمة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان دعا فيها إلى “احترام وحدة أراضي الدول”.
وأكد الخبير في ملف الصحراء محمد سالم عبدالفتاح أن “مخرجات قمة بريكس رسّخت تجاوز المجتمع الدولي للأطروحات الانفصالية والراديكالية، كما بينت قصور داعمي المشروع الانفصالي ومحدودية تأثيرهم في الساحة الدولية، حينما علل وزير الخارجية الروسي أسباب رفض طلبات انضمام بعض الدول التي من بينها الحاضن الجزائري، حيث أكد على تركيز مجموعة البريكس على الدول ذات التأثير الوازن في الساحة الدولية”.
وقال في تصريح لـه إن “الدول المنضمة في جلها دول صديقة للمغرب، وتربط عواصم بعضها بالرباط شراكات وتحالفات إستراتيجية هامة، كما يجمعها تبني سياسات رافضة لانتشار الجماعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية، بحكم اصطدام بعضها مع تمردات مسلحة”. وتعد الأرجنتين إحدى الدول في أميركا الجنوبية، إلى جانب البرازيل وتشيلي، التي لم تعترف مطلقًا بما يسمى بـ”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، على الرغم من ضغوط القوى اليسارية داخل برلمانات هذه الدول.