ماذا ستفعل الجزائر في حال بدأ التدخل العسكري في النيجر؟

رغم رفض الجزائر التهديدات بالتدخل العسكري الخارجي في النيجر وتفضيلها الحلول الدبلوماسية لاستعادة الشرعية الدستورية فيها، إلا أنها “اتخذت استعدادات” لأسوأ السيناريوهات.

وتعتقد الجزائر، التي تتقاسم حدودا برية مع النيجر بحوالي 1000 كلم، أن التدخل العسكري الذي لوحت به المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ضد المجلس الانقلابي في نيامي أخيرا، بات وشيكا.

والجمعة أعلنت إيكواس أنها حددت موعد التدخل في النيجر، دون أن تكشف عنه.

والإثنين نقلت الإذاعة الجزائرية عن مصادر-لم تسمها- قولها إن الجزائر رفضت طلب السماح للطائرات الفرنسية باستخدام مجالها الجوي، تحسبا لعملية عسكرية وشيكة في النيجر، رغم نفي الخبر من قبل قائد أركان الجيش الفرنسي تييري بوركار.

 

بن عمر بن جانا: الجزائر أنهت استعداداتها للسيناريوهات الصعبة

ومنذ عزل الرئيس محمد بازوم في النيجر من قبل قادة عسكريين في 26 يوليو الماضي عبرت الجزائر عن موقفها الرافض للانقلاب والمُطالب باستعادة الشرعية الدستورية.

ومع طرح إيكواس الخيار العسكري ضمن إجراءات إرغام الانقلابيين على التراجع، سارعت الجزائر إلى التعبير عن رفضها لاستخدام القوة، معتبرة ذلك تهديدا مباشرا لها.

وفي رده على سؤال حول موضوع التدخل قال الرئيس عبدالمجيد تبون، في آخر مقابلة مع وسائل إعلام محلية، “بالطبع هو تهديد مباشر للجزائر، ونرفضه بشكل قاطع”.

ولفت إلى أن هذا التوجه “ينذر بحرب إقليمية”، مشيرا إلى “إعلان مالي وبوركينا فاسو الوقوف إلى جانب النيجر واعتبار أي هجوم عليها اعتداء عليهما”.

وترى الجزائر أن التدخلات العسكرية الخارجية في المنطقة لم تجلب السلام لدول جوارها بل كانت عنصرا مفاقما لكل أزمة.

ودافعت الخارجية الجزائرية، عقب تحديد قادة جيوش إيكواس موعد التدخل العسكري، عن هذا الطرح بقولها “تاريخ المنطقة يشهد بصفة قطعية أن التدخلات العسكرية قد جلبت المزيد من المشاكل بدلاً من الحلول”.

ورفض الجزائر لخيار القوة بجوارها الإقليمي نابع من تجربة مريرة عاشتها عقب الفوضى الأمنية التي شهدها شمال مالي أواخر 2012.

ومع سيطرة الجماعات الإرهابية على مدن شمال مالي، تعرض القنصل الجزائري العام ومرافقيه في قنصليتهم بمدينة غاو آنذاك إلى الاختطاف على يد الإرهابيين.

ومع بداية التدخل الفرنسي في شمال مالي منتصف 2013 تعرضت أكبر منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي بالجزائر وتحديدا في محافظة إليزي (جنوب شرق) إلى هجوم إرهابي واحتجاز رهائن قبل أن يقضي الجيش الجزائري على المجموعة المهاجمة التي قدمت من مالي وعددها 32 عنصرا.

هذه الأحداث، إلى جانب انتشار تهريب الأسلحة بعد انفلات الوضع في ليبيا، عززت اقتناع الجزائر بفشل التدخلات الأجنبية، ودفعتها إلى اتخاذ التدابير الاستباقية تحسبا لأي سيناريو.

ويعتقد الخبير الجزائري في الشؤون الإستراتيجية بن عمر بن جانا، وهو ضابط سامي متقاعد، أن الجزائر “أنهت استعداداتها للسيناريوهات الصعبة في النيجر”.

وقال بن جانا “في وضع مماثل لا نقول بأن الجزائر ستتخذ إجراءات، لأنها انتهت فعلا من ضبط جميع الاستعدادات اللازمة للتعامل مع أي طارئ”.

وأفاد بأن “المخطط الأمني الخاص قائم على وضع قوات الدرك الوطني على خط الشريط الحدودي للقيام بالمراقبة الأمنية للمهاجرين وإخضاع كل من يرغب في اجتياز الحدود للتفتيش القانوني، نظرا إلى كون الدرك قوة إنفاذ القانون”.

وأوضح الخبير الجزائري أن هذه القوات “ستتولى مراقبة عمق النيجر بمسافة تفوق 40 كلم، وذلك ضمن اتفاق تسيير الدوريات المشتركة على الحدود مع النيجر”.

مبروك كاهي: الجزائر ستغلق الحدود وتنشئ مناطق عسكرية مغلقة

كما “تتمركز وحدات قتالية للجيش الجزائري عالية التدريب في التغطية الخلفية، وضعت في حالة تأهب دائم للتعامل مع كل خطر محدق بأمن البلد”، وفق المتحدث.

وإلى جانب تفعيل أدوات الردع العسكري من المنتظر أن تكون الجزائر أحد مقاصد آلاف النازحين والمهاجرين من النيجر في حال اندلعت حرب بين قادة المجلس الانتقالي وجيوش إيكواس.

وتتعامل الجزائر سنويا مع عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من النيجر، وذلك وفق خطط الإعادة الطوعية بالتنسيق مع سلطات بلادهم.

ويرى المحلل السياسي مبروك كاهي، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة ورقلة جنوب البلاد، أن الجزائر “قد تلجأ إلى تحديد مناطق واضحة لتدفق اللاجئين”.

وقال كاهي “في حال حدوث التدخل العسكري سوف تلجأ الجزائر إلى اتخاذ التدابير التي يجيزها القانون الدولي في مثل هذه الحالة”.

وأضاف أن من هذه التدابير “إغلاق الحدود وربما إنشاء مناطق عسكرية لمنع تسلل الجماعات الإرهابية، مع تحديد مناطق واضحة لتدفق اللاجئين والفارين من جحيم الحرب”.

وأشار إلى “وفاء الجزائر بالتزاماتها تجاه الجانب الإنساني من خلال توفير المتطلبات الضرورية اللازمة للاجئين والمهاجرين، بالتنسيق مع الهيئات الوطنية مثل جمعية الهلال الأحمر الجزائري والهيئات الدولية من الصليب الأحمر ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة”.

وتوقع كاهي “ثبات الجزائر في الدفاع عن رأيها الرافض للتدخل العسكري إلى آخر لحظة، وتحذيرها من عواقبه الوخيمة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: