دفعت الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، التي أقرتها شركات توزيع المحروقات السائلة في المغرب، إلى مطالبة تكتل الاتحاد الاشتراكي المعارض في مجلس النواب بعقد اجتماع عاجل للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بهدف مناقشة هذه المسألة.
وسجلت المعارضة ما اعتبرته في بيانها “استمرار الحكومة في نهج سياسة اللامبالاة، وترك قطاع المحروقات في يد شركات التوزيع بالرغم من صدور تقارير لمجلس المنافسة (هيئة رقابية رسمية في المغرب) يؤكد من خلالها وجود حجج تفيد بارتكاب هذه الشركات الموزعة للمحروقات لأفعال منافية لقواعد المنافسة، وأن تطبيق الزيادات في أثمان المحروقات يكون بوتيرة أسرع من تطبيق التخفيضات”.
وطالب تكتل الاتحاد الاشتراكي لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالانعقاد، بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، لتدارس ومناقشة موضوع “تحديد مستوى الترابط بين أسعار المحروقات السائلة وطنيا ودوليا، ورصد تجليات تتبع السوق الوطنية للسوق الدولية في تطبيق الزيادات والتخفيضات في أثمان المحروقات”.
ويقدر مجموع الزيادات، منذ بداية شهر أغسطس الحالي، بحوالي درهم و65 سنتيما للتر الواحد في سعر الغازوال، وحوالي درهم ونصف الدرهم في سعر البنزين.
وقال حمزة الأندلوسي، الباحث في العلوم السياسية لـه، إن “الحكومة قامت ببلورة عدة إجراءات من شأنها التخفيف من آثار ارتفاع أسعار المحروقات، ومن بينها إطلاق برامج للتشغيل ‘أوراش’ والإعلان عن مواصلة دعم الدقيق وغاز البوتان”.
وستعقد الحكومة اجتماعا أول، الخميس، لمناقشة عدد من المراسيم والقرارات المتعلقة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات على المستوى العالمي، حيث وصل سعر البرميل إلى حوالي 90 دولارا، مع إمكانية صرف دعم استثنائي جديد لمهنيّي النقل من أجل تخفيف انعكاسات كلفة المحروقات على السلع والمنتجات الغذائية، وتفادي تأثيرها على أسعار النقل العمومي والقدرة الشرائية للمواطنين.
وتقول مصادر برلمانية إن النقاش مع الحكومة ركز على مساهمة الظروف العالمية في ارتفاع أسعار المحروقات، لكن النواب طالبوا الحكومة بعدم الارتهان بهذا السبب دون اتخاذ إجراءات عملية ضد الشركات التي ارتأت تحرير الأسعار لزيادة هوامش الربح بشكل جشع يؤثر على الوضعية الاجتماعية للمغاربة بشكل عام.
واستنكر الاتحاد النقابي للنقل الطرقي عدم تراجع أسعار المحروقات في المغرب، وطالب الحكومة بفتح حوار مع المهنيين مباشرة بعد انتهاء العطلة واستئناف الدخول الاجتماعي المقبل، موردا أن الدعم الاستثنائي وإن كانت الحكومة ستستأنف صرفه فإنه لا يشكل الحل الجذري الذي يطالب به المهنيون.
مجموع الزيادات منذ بداية شهر أغسطس الحالي يقدر بحوالي درهم و65 سنتيما للتر الواحد في سعر الغازوال، وحوالي درهم ونصف الدرهم في سعر البنزين
وكان الاتحاد النقابي للنقل الطرقي قد حذّر قبل أيام من أن القدرة الشرائية للمهنيين ستتضرر في ظل غياب حلول ذات فاعلية ومستدامة للحد من ربط أسعار المحروقات في المغرب بالتقلبات والصراعات الجيوسياسية، وغض الطرف عن الأرباح التي تجنيها الشركات المتحكمة في استيراد المحروقات وتخزينها وتوزيعها.
وجدد رشيد حموني، النائب عن حزب التقدم والاشتراكية المعارض، التأكيد على ضرورة تسقيف أسعار المحروقات، مذكرا بمقترح القانون الذي سبق وأن قدمه حزبه، وأن تتدخل الحكومة وتتخذ إجراءاتٍ ممكنة، مثل التخفيض في مختلف الضرائب المفروضة على استهلاك المحروقات، والعمل على إعادة تشغيل شركة سامير بالنظر إلى دورها الإستراتيجي في أمن الطاقة بالمغرب. هذا فضلا عن توظيف العائدات الإضافية، التي توفرت للميزانية العامة خلال فترة الأزمة، في دعم هذه الأسعار.
وإلى جانب المعارضة السياسية استنكرت الأمانة العامة لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في بلاغ لها، الارتفاع “الملفت وغير المبرر” لأسعار المحروقات للمرة الرابعة خلال شهر أغسطس الجاري فقط، مطالبة الحكومة بتحمل مسؤوليتها الكاملة باتخاذ إجراءات استثنائية عاجلة تهم دعم القدرة الشرائية.
وشدّد المصدر ذاته على أن الحكومة مُطالبة بإقرار ضريبة استثنائية على الأرباح المهولة لشركات المحروقات من أجل إعادة توزيعها على الأوراش الاجتماعية، واعتماد ضريبة عامة على الثروة، والتعجيل بالتسقيف المرحلي للأسعار، حماية للسلم والتماسك الاجتماعيين.
الحكومة ستعقد اجتماعا أول، الخميس، لمناقشة عدد من المراسيم والقرارات المتعلقة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات على المستوى العالمي
ودعت نقابة الاتحاد الوطني للشغل مجلس المنافسة إلى تحمل مسؤوليته الدستورية والقانونية، وذلك عبر اتخاذ إجراءات سريعة وجريئة وملموسة لحماية الاقتصاد الوطني من الاحتكار، واستخدام آليات المنافسة المؤدية إلى تخفيض الأسعار، مجددة مطالبتها الفورية بإعادة تشغيل مصفاة شركة سامير، وإعادة هيكلتها على أسس عصرية لإنشاء احتياطي إستراتيجي يحمي السوق الوطنية من التقلبات المتواترة والحادة لأسعار النفط في الأسواق الدولية.
وعلق أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، على الزيادات الأربع التي عرفتها أسعار المحروقات في المغرب، مؤكدا أن السوق حرة، إلا أن المحظور هو التواطؤ واتفاقات بشأن زيادات مشتركة وانخفاضات مشتركة.
بدوره أعلن مجلس المنافسة في بداية الشهر الجاري عن ممارسات منافية لقواعد المنافسة من قبل 9 شركات لتوزيع المحروقات، تنشط في الأسواق الوطنية للتموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال، والتي تواجه في السنوات الأخيرة اتهامات بـ”التواطؤ” في التوافق على الأسعار، وبتحديد هوامش أرباح مرتفعة حتى عندما تنخفض أسعار المحروقات في الخارج.
ويذكّر البرلمانيون المغاربة والنقابات بتطبيق قرار سابق كان سيصدر عن مجلس المنافسة، طالب شركات المحروقات بأداء 8 في المئة من رقم معاملاتها لفائدة ميزانية الدولة.
وفي الوقت الذي تعلل فيه شركات التوزيع هذه الزيادات التي عرفتها أسعار مادتي الغازوال والبنزين الممتاز بارتفاع أسعار المحروقات على الصعيد الدولي أكد جمال زريكم، رئيس الجامعة الوطنية لتجار وأرباب ومسيري محطات الوقود بالمغرب، أن الزيادات مرتبطة أساسا بشركات المحروقات نفسها التي تبيعها لهم بأثمان محددة وغير قابلة للنقاش وأن “مسألة تسعير الغازوال والبنزين خارج اختصاصاتنا كمهنيين”.