الهند تتفهم موقف المغرب من بريكس: المشكلة مع جنوب أفريقيا

عكست المحادثات الإيجابية بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الهندي سوبرامانيام جيشانكار تفهّما هنديا لموقف الرباط من اجتماع بريكس الذي ينطلق اليوم في جنوب أفريقيا التي تتخذ مواقف عدائية ضد المغرب وسيادته على الصحراء.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية إن الوزيرين تباحثا بشكل معمق حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ولاسيما العلاقات بين المملكة ومجموعة بريكس، في إشارة واضحة تفيد بأن الهند تتفهم قرار المغرب عدم المشاركة في اجتماعات جنوب أفريقيا، كما تتفهم مبرراته في ذلك.

ونوه الوزيران “بالمستوى الرفيع الذي بلغته الشراكة الإستراتيجية بين البلدين”، وهو ما يُظهر أن الهند تتعامل مع المغرب كشريك إستراتيجي مهم، ولا يمكن أن تسمح بدخول عامل ثانوي مثل موقف عرضي من جنوب أفريقيا للتأثير في هذه الشراكة.

واعتبر محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي في المغرب، أن الهند تتفهم السياق الذي جاء فيه رفض المغرب المشاركة في اجتماعات بريكس، وأن المشكلة ترتبط بموقف جنوب أفريقيا دون استشارة المغرب وليس بالتكتل برمته، وأن الدول الأخرى تعرف حجم التوتر القائم بين البلدين داخل منظمة الاتحاد الأفريقي بشأن قضية الصحراء المغربية.

ولم يخف وزير الخارجية الهندي رغبة بلاده في توسيع قائمة الدول المشاركة في مجموعة بريكس، وأن لديها “نوايا إيجابية وعقلا منفتحا” تجاه عملية التوسيع، مشيرا إلى أن الهدف الأول لهذا التكتل هو “تعزيز التجارة بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية”.

وبعث جيشانكار من خلال هذا التأكيد رسائل متعددة ستكون موجِّها لمسيرة بريكس، أولاها أن الهدف من التجمع هو اقتصادي وتجاري وليس البحث عن تحالفات سياسية، كما تسعى إلى ذلك جنوب أفريقيا.

وحمل هذا الكلام إشارة واضحة إلى جنوب أفريقيا تفيد بأنها عضو في التجمع وأن القمة عندها، ولكن هذا لا يعني تحكمها في مسار بريكس واستدعاء من تريد وتغييب من يختلف معها، أو توجيه دعوات عبر تصريحات صحفية بدل التواصل مع البلد المعني والتشاور معه وسماع موقفه وشروطه بشأن المشاركة مثلما حصل مع المغرب.

وبعث الانفتاح الهندي الفوري على معالجة قضية المغرب رسالة إلى جنوب أفريقيا يوصي مضمونها بألا تحمل إلى التجمع عقد السياسة التي سبق وأن أثرت على الاتحاد الأفريقي وفي مقدمتها موضوع بوليساريو.

وقال لكريني في تصريح لـه إن الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية الهند والمغرب يؤشر على طبيعة السياسة الخارجية المغربية التي ترتكز على الانفتاح على الشراكات الإستراتيجية والاتفاقيات بين البلدين ضمن نهج تنويع الشركاء.

الانفتاح الهندي الفوري على معالجة قضية المغرب رسالة إلى جنوب أفريقيا تنهاها عن حمل عقد السياسة إلى بريكس

وأكد أن جنوب أفريقيا أرادت توريط المغرب وتمرير العديد من المغالطات فيما لو شارك في القمة، إلا أنه كان واعيا بممارسات بريتوريا خصوصا مع ثبوت سوء نية هذا البلد ومحاولته المتكررة المساس بالسيادة المغربية.

من جهتها شددت شريفة لموير، أستاذة العلوم السياسية في الرباط، على أن الاتصال بين الوزيرين يؤكد حرص المغرب على تطوير علاقاته الثنائية مع دولة كبرى كالهند وأن الدبلوماسية المغربية دائما تتبنى الوضوح مع الشركاء.

واعتبرت لموير أن محاولة جنوب أفريقيا استفزاز المغرب من خلال قمة بريكس باءت بالفشل لأن ما يهمه هو علاقاته الثنائية التي تنبني على الوضوح.

والسبت الماضي نفى مصدر من وزارة الخارجية المغربية التوقعات التي تحدثت عن مشاركة الرباط في اجتماع بريكس بجنوب أفريقيا، وهو نفي كان متوقعا، خاصة أن تلك التوقعات لم تستند إلى أيّ مصدر رسمي مغربي واعتمدت على تصريح أدلت به وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور.

وقال المصدر إن دعوة المغرب لم تصدر بمبادرة من بريكس أو الاتحاد الأفريقي، وإنما بمبادرة “أحادية الجانب” من جنوب أفريقيا، مضيفا أن “المغرب قام بتقييم هذه المبادرة في ضوء علاقته الثنائية المتوترة مع هذا البلد”.

وذكر أن جنوب أفريقيا منحت، مرة أخرى، لنفسها حق الحديث عن المغرب وعن علاقته بدول بريكس دون استشارة مسبقة، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ”تصورات” لا تعكس الواقع بأيّ حال من الأحوال.

وتابع أن بريتوريا “أبدت دوْمًا عدوانية مطلقة تجاه المملكة، واتخذت بطريقة ممنهجة مواقف سلبية بخصوص قضية الصحراء المغربية”.

وبعد يوم واحد من إعلان المغرب عدم حضور جلسات بريكس، جاء كلام رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا عن دعم بلاده لـ”الشعب الصحراوي في سبيل نيل استقلاله والانفصال عن المملكة المغربية”، ليؤكد صواب الموقف المغربي ويثبت أن بريتوريا طرف غير محايد، وأن كلام رامافوزا يتعارض مع الوحدة الترابية للمملكة، ما يعطي مشروعية لقرار الرباط عدم حضور اجتماعات بريكس.

ويرى مراقبون أن رفض الدعوة الصادرة عن جنوب أفريقيا لا يعني أن المغرب له موقف من بريكس أو من الدول الرئيسية في المجموعة، والتي لكلّ منها علاقات وطيدة مع المغرب.

وعلى العكس من ذلك يمكن اعتبار المغرب الأكثر قدرة من بين الدول الأفريقية على دخول المجموعة وإفادتها لامتلاكه اقتصادا متنوعا وأكثر تنافسية، وأن الرباط قد تحضر الاجتماعات القادمة لبريكس في أي بلد من البلدان الأربعة الأخرى المشكلة للتجمع (البرازيل وروسيا والهند والصين).

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: