انفلات إعلامي سعودي ضد الإمارات: من يحرّكه ومن يوقفه
أثارت تصريحات مستفزة أطلقها عضو مجلس الشورى السعودي السابق محمد آل زلفة بشأن الإمارات ودورها في اليمن غضبا كبيرا بين الإماراتيين، خاصة أن الرجل شخصية حاضرة باستمرار في الإعلام السعودي، ما يوحي بأنه يتحرك ضمن مناخ عام بدأ يتشكل منذ أشهر في المملكة ويفتح الباب أمام إطلاق مثل هذه التصريحات.
وقال متابعون للشأن الخليجي إن آل زلفة ومن يسيرون على خطاه في توجيه انتقاداتهم للإمارات، إما بشكل مبطن أو علني، يحسون بأجواء يعكسونها، ربما بشكل مبالغ فيه، ويريدون الاستثمار فيها من خلال الظهور الإعلامي المتعدد، لاستهداف دور الإمارات خاصة في اليمن.
ويشير المتابعون إلى أن الذين يستهدفون الإمارات بالانتقاد والاستفزاز على مواقع سعودية مختلفة أخذوا يتوسعون في الإساءة، خاصة أنهم لم يجدوا أي جهة على صلة بالإعلام السعودي توقفهم أو تضع أمامهم خطوطا حمراء وتلزمهم باحترام الضوابط والقواعد التي يفترض أن يلتزموا بها في الحديث عن دولة جارة وحليف إستراتيجي في ملفات مختلفة ليس اليمن سوى واحد منها.
ولا يمكن التهوين من هذه الانتقادات والرسائل التي تحملها، خاصة أنها تأتي هذه المرة على لسان شخصية معروفة مثل آل زلفة، وهو على معرفة دقيقة بالتزامات السعودية وأهمية تحالفها مع الإمارات في اليمن.
وسبق لآل زلفة نفسه أن مدح في سنوات ماضية دور الإمارات وقواتها في اليمن وأشاد بنجاحها في تحرير عدن من قبضة الحوثيين، فما الذي يجعله ينقلب على مواقفه كليا ويقلب المديح إلى انتقادات مجانية.
وهذا التناقض يؤكد أن موقف آل زلفة يعكس وجهة نظر آخرين، وليس وجهة نظر شخصية معزولة.
وما يثير الاستغراب هو صمت الجهات الرسمية في السعودية على تصريحات آل زلفة التي تعمّد فيها بأسلوب مستفز السعي للاستنقاص من دور الإمارات وقواتها وشهدائها وجرحاها في تحقيق الاستقرار باليمن، وتحرير عدن من الحوثيين.
بل أكثر من ذلك تعمد آل زلفة الاستنقاص من حجم الإمارات وقدراتها وإمكانياتها في المطلق، في الوقت الذي تأتيها فيه شهادات من دول كبرى تصفها بأنها قوة مؤثرة وعنصر توازن إقليمي ودولي وشريك إستراتيجي لا بديل عنه.
والسؤال الذي يطرحه الإماراتيون على مواقع التواصل الاجتماعي هو: ماذا ستفعل السلطات السعودية لضبط هذا الانفلات وجعْل العلاقة مع الإمارات خطا أحمر على الجميع الالتزام بعدم تخطيه؟ لأن ترك الحبل على الغارب يعني استنتاجا آخر، وهو أن الأمر مقصود.
ورغم غضب الإماراتيين على ما جاء على لسان آل زلفة غضبا شديدا، جاء الموقف الإماراتي الرسمي رصينا. وفي رد غير مباشر على تصريحات آل زلفة قال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات إن مواقف بلاده “اتسمت دائما بالشجاعة والأصالة والتقييم الإستراتيجي الذي يرى أن أمن واستقرار وازدهار المنطقة كل لا يتجزأ”.
وأضاف في تغريدة له على إكس (تويتر سابقا) “تبقى هذه رؤيتنا حتى وإن تغيرت الظروف والأدوات، وتبقى مواقفنا مع الأشقاء والأصدقاء راسخة ومستمرة”. وتابع “الإمارات لا تتغير و تسمو فوق منطق القيل والقال”.
وسعى آل زلفة في تصريحاته الجديدة للإيحاء بوجود اختلاف بين مقاربتَيْ الإمارات والسعودية في اليمن، مشيرا إلى مسألة انفصال الجنوب على وجه الخصوص وكأنها أجندة إماراتية خاصة في حين أنه قال في تصريحات سابقة عام 2019 إنه من الصعب أن يعود اليمن موحدًا، وإن “الجنوب منطقة قابلة للاستقرار والنمو وقابلة لأن تكون دولة كاملة”، و”من حق شعب الجنوب أن يقرر مستقبله السياسي”.
وهناك تناقض آخر في كلام آل زلفة بين الماضي والحاضر بشأن انسحاب القوات الإماراتية بعد تحرير عدن. وفيما قال في تصريحاته الجديدة إن هذه القوات قد انسحبت دون تنسيق، قال سابقا “القوات الإماراتية أدت دورها وأنجزت مهامها وعادت إلى قواعدها بعد أن دربت وجهزت ومكنت أبناء اليمن للدفاع عن وطنهم بأنفسهم”.