الحكومة المغربية تحرك جمود المفاوضات الاجتماعية المتعثرة
تستعد الحكومة المغربية لجولة جديدة من الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية بعد توقفه لعدة أشهر بسبب ما اعتبرته الأخيرة عدم الوفاء بالتزامات سابقة، خاصة في ما يتعلق بالتطبيق الفعلي للزيادة العامة في الأجور.
وأكدت النقابة العامة للاتحاد المغربي للشغل الاستجابة لدعوة رئيس الحكومة عزيز أخنوش لعقد جلسات الحوار الاجتماعي وبِنَفَسٍ إيجابي، بعدما شارك وفد هذه المنظمة النقابية في الجلسة المنعقدة يوم 14 أبريل 2023 وبَسَطَ مقترحاته والمتعلقة أساسا بوقف مسلسل الهجوم على القدرة الشرائية من خلال التخفيض المرحلي في الضريبة على القيمة المضافة على المواد الاستهلاكية الأساسية والتخفيض في الضريبة على الأجور، إلى جانب الزيادة في أجور القطاع العام وشبه العمومي وفي القطاع الخاص، لتدارك ما ألمّ بالقدرة الشرائية من تدهور.
وأعلن رئيس الحكومة المغربية في المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية للسنة المالية 2024 أنه سيتم “مواصلة الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفقا لمضامين الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه في 30 أبريل 2022”.
وأوضحت المذكرة التي وجهها رئيس الحكومة إلى مختلف القطاعات الوزارية أن “الحكومة ستعمل على تنزيل الاتفاقات الموقعة بهدف تحسين مداخيل الموظفين بمجموعة من القطاعات”، مشددة على “الكلفة المالية”، وقالت في هذا الشأن إن ذلك “سيُكلف الميزانية العامة للدولة نفقات إضافية قُدرت بـ4 مليارات درهم في سنة 2023″. وأبرزت مذكرة رئيس الحكومة أن “مجموع الاعتمادات المخصصة لتنزيل التزامات الحوار الاجتماعي سيبلغ حوالي 10 مليارات درهم سنة 2023”.
وعبّر الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل الميلودي موخاريق عن أسفه لعم تضمّن الورقة التأطيرية لإعداد مشروع مالية 2024 أي التزام أو إشارة إلى تخفيض الضريبة على الدخل، أي الضريبة على الأجور في القطاعين العام والخاص، رغم التزام رئيس الحكومة والوزير المكلف بالميزانية في جولة حوار سابقة أنه سيكون هناك تخفيض، كما اعتبر أن الزيادة في أجور مؤسسات القطاع العام والبلديات وقطاعات وزارية مطلب لا يقل أهمية عن ذلك.
وأوضح نائب الكاتب العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل خالد العلمي الهوير في تصريح لـه أن “الحكومة مطالبة بالالتزام بنتائج الحوار وبمبادرات وإجراءات اجتماعية ومنها الزيادة في الأجور، لأننا أكدنا أنه لمواجهة الأزمات والصدمات يجب بناء الدولة الاجتماعية ومعالجة كل الأنظمة التي تخلق التفاوتات الاجتماعية والمجالية”.
وفي المقابل أكد يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات عزم الحكومة زيادة الحد الأدنى للأجور في قطاعات “الصناعة والتجارة والمهن الحرة”، مشيرا إلى “العمل لزيادة الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بـ5 في المئة، بالإضافة إلى 5 في المئة أخرى بالنسبة إلى القطاع الزراعي، وتعبئة جهودها من أجل احترام المُشغلين لهذه الزيادة في ديسمبر 2023”.
وتطالب الحكومة المركزيات النقابية بالتعاون معها لربح رهانات التحديات التي يواجهها المغرب وترسيخ السلم الاجتماعي بما يكفل العدالة الاجتماعية التي تعتبر أهم مرتكزات الدولة الاجتماعية التي أرسى مكوناتها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وتطالب المركزيات النقابية أيضا بإعادة تنظيم صندوق الدعم الاجتماعي لتدبير سياسة الدعم الموجه للمحروقات وتمويل كلفة الدعم من ميزانية الدولة، والعمل على توقيف التحرير الكامل لأسعار المحروقات ومراقبة الشركات الموزعة وأسعار بعض السلع والمنتوجات والخدمات ذات الطابع الإستراتيجي أو الاجتماعي.
وزادت الحكومة المغربية السنة الماضية الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 في المئة، وبـ10 في المئة في القطاع الزراعي، تنفيذا لالتزاماتها في إطار الحوار الاجتماعي.
وفي أبريل الماضي تم تشكيل لجنة مشتركة (من القطاعين العام والخاص) في إطار حرص الحكومة على متابعة القضايا والملفات وكل ما يمكن تحقيقه في إطار الحوار الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بزيادة الأجور.