الصيف الحار في المغرب يُحوّل وجهة المصطافين إلى المرتفعات المعتدلة
مع التغيرات المناخية التي كانت وراء الصيف الحار هذه السنة اختار المغاربة والسياح الأجانب المرتفعات بدل البحر بحثا عن أجواء مناسبة للاصطياف، فكانت وجهتهم جبال الأطلس ذات المناخ المعتدل وتضم مناطق سياحية متعددة معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة وشلالاتها ومناطقها الخضراء، وأشجارها المتنوعة.
تعتبر المناطق الجبلية من الوجهات السياحية المتميزة التي باتت تستهوي السياح المغاربة والأجانب كلما حل فصل الصيف لقضاء العطلة الصيفية، واغتنام أوقات رائعة رفقة العائلة والأصدقاء، كبديل عن الاكتظاظ الذي تشهده شواطئ المدن الساحلية خلال هذه الفترة من السنة.
فأمام ارتفاع درجات الحرارة التي يعرفها فصل الصيف هذه السنة، تفضل الكثير من الأسر المغربية، سواء من أفراد الجالية المقيمة بالخارج أو مغاربة الداخل، وعدد من السياح الأجانب الوافدين إلى المغرب لقضاء العطلة الصيفية، الاستمتاع بالمعالم الطبيعية الخلابة التي تزخر بها المملكة، من عيون وشلالات وأنهار وبحيرات وسهول وجبال.
والأكيد أن الموقع الجغرافي المتميز للمغرب يجعله يتوفر على مؤهلات ومناظر طبيعية فريدة وخلابة، تجعله ملاذا مفضلا لكل من يعشق الهدوء وجمال الطبيعة، ووجهة بارزة لهواة رياضة تسلق الجبال، من السياح المغاربة والأجانب.
وتشكل جبال الأطلس مصدر جذب للسياح المحليين والأجانب على حد السواء، حيث تضم مناطق سياحية متعددة، معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة، توفر للمصطافين شلالات وعيونا نابعة من نهر أم الربيع، أحد أكبر أنهار المغرب، مثل شلالات أوزود الشهيرة في إقليم أزيلال (أعلى الشلالات المائية في شمال أفريقيا)، التي يقصدها الآلاف من السياح المغاربة والأجانب على مدار السنة للاستمتاع بسحرها الطبيعي.
جبال الأطلس توفر للمصطافين شلالات وعيونا نابعة من نهر أم الربيع مثل شلالات أوزود الشهيرة في إقليم أزيلال
وتتميز هذه الجبال بمناخها المعتدل، ومناطقها الخضراء، وأشجارها المتنوعة، ما يجذب الزوار للاستمتاع بلحظات من السكينة والطمأنينة. وقد سبق لها أن حصلت على شهادة التميز من موقع السفر الشهير “تريبادفايزر” كإحدى أكثر الوجهات الطبيعية زيارة.
من جانبه، يعد منتجع أوريكا من أشهر المنتزهات الطبيعية بالمغرب، نظرا إلى طقسه المعتدل خلال فترة الصيف، ومناظره الساحرة من مجار مائية وسهول خضراء، ومن أنهار متدفقة، وشلالات يختارها المصطافون طلبا للاسترخاء والتأمل في الطبيعة، نذكر منها نهر أوريكا وشلالات “ستي فاطمة”، ووادي أوريكا وكذلك جبال أوكايمدن، التي تجعل من المنطقة متنفسا طبيعيا للمغاربة ولزائري المملكة من الخارج خلال فصل الصيف.
وتعتبر بحيرة بين الويدان هي الأخرى من المناطق الجبلية السياحية البارزة التي تجذب السياح خلال هذه الفترة من السنة، حيث تمتاز بالهدوء والجو الجميل بين أحضان الطبيعة، وتنوع نشاطاتها السياحية، مثل ممارسة هواية الصيد ومختلف الرياضات المائية.
وفي هذا الإطار ذكر رئيس جمعية “سمنيد” للتنمية الاجتماعية والناشط الجمعياتي في مجال السياحة الإيكولوجية بإقليم أزيلال عمر مجان أن المغرب يتوفر على ما يكفي من المؤهلات الطبيعية الرائعة التي تجعل منه وجهة عالمية لهواة السياحة الجبلية والإيكولوجية.
وأوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء (ماب) أن السياحة تعد رافعة اقتصادية مهمة لتنمية العديد من المناطق الجبلية في المغرب “أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر منطقة أزيلال، حيث تعتبر السياحة من أهم ركائز الاقتصاد المحلي”.
وحول إقليم أزيلال أيضا، الذي يعد وجهة سياحية جبلية عالمية، بتنوع تضاريسه ومناطقه الإيكولوجية المتميزة، على غرار المنتزه الجيولوجي العالمي “جيوبارك مكون”، قال الناشط الجمعياتي إن الإقليم يراهن كثيرا على السياحة الجبلية “لأنها رافد أساسي للنهوض بالاقتصاد المحلي، من خلال استقطاب السياح من هواة الطبيعة من المغرب ومن الخارج”.
وذكر في هذا السياق أن احتضان الإقليم للمنتدى الدولي العاشر للمنتزهات الجيولوجية بمنتزه “جيوبارك مكون” العالمي خلال شهر سبتمبر المقبل بمشاركة أكثر من ألف مشارك من خمسين دولة مختلفة يمثلون القارات الخمس و195 منتزه جيوبارك حول العالم “سيساعد على استقطاب السياح إلى المنطقة، والترويج أكثر للسياحة الجبلية”.
ودعا إلى ضرورة تعزيز البنى التحتية في بعض المناطق الجبلية الزاخرة بالمؤهلات الطبيعية، الكفيلة بجعلها وجهات سياحية عالمية بامتياز، على غرار منطقة أوزود، التي تعززت بفنادق ضخمة وصديقة للبيئة.
من جانبه يعتبر الزبير بوحوت الخبير في مجال السياحة أن المناطق الجبلية تتميز على نظيرتها الساحلية بعرضها السياحي الذي يمتد طيلة السنة، موضحا أن الشواطئ تشهد ذروتها خلال فصل الصيف، حيث يقصدها المصطافون للاستمتاع بمياه البحر في ظل درجات الحرارة المرتفعة، في حين أن المناطق الجبلية، بالمقابل، تتمتع بجمال الطبيعة والمناظر الخلابة طوال السنة، وهو عامل أساسي يجذب السائح إليها.
وأشار بوحوت في تصريح مماثل إلى أن السياحة في المناطق الجبلية مرت من مرحلة ركود خلال فترة إغلاق الحدود المرتبطة بتداعيات جائحة كورونا، لكنها سرعان ما استعادت عافيتها، و”باتت تعرف منذ فصل الربيع الماضي انتعاشا ملحوظا، بفضل عودة السياح الأجانب وإعادة فتح الحدود”.
وكانت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني قد كشفت مؤخرا أن ما يقرب من 2.9 مليون سائح زاروا البلاد خلال الربع الأول من السنة الجارية، أي بزيادة نسبتها 17 في المئة مقارنة بسنة 2019، وارتفاع قوي نسبته 464 في المئة مقارنة بـ2022.
ومن شأن هذه المؤشرات الإيجابية أن تساهم في زيادة الإقبال على المناطق الجبلية خلال الفترة الصيفية، باعتبارها متنفسا طبيعيا لا محيد عنه بالنسبة إلى الباحثين عن لحظات انتشاء في كنف الطبيعة.